25-يوليو-2016

حداد في ميونخ (كارل هوليندبرغ/أ.ف.ب)

لم يمضِ أكثر من أسبوع، على عملية الهجوم بالساطور، التي نفذها طالب لجوء أفغاني، على متن قطار متجه من مدينة "ترويشتلينغن" إلى مدينة "فورتسبورغ" التابعتين لإقليم "بافاريا"، مخلفًا جرحى، قبل أن ترديه الشرطة الألمانية قتيلًا، وتبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" لاحقًا، في تسجيل مصور لمصور الهجوم، حتى تعرضت ألمانيا لثلاثة اعتداءات مختلفة الأسباب، في أقل من يومين.

تعرضت ألمانيا لثلاثة اعتداءات مختلفة الأسباب، في أقل من يومين

اقرأ/ي أيضًا: ضاحية بيروت الجنوبية.. ما أكثر المستضعفين

والواضح في الاعتداءات الثلاثة الأخيرة، أن منفذيها اعتمدوا على أسلوب "الذئاب المنفردة"، التي دعا إليها أنصار التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ما يميز الاعتداءات الثلاثة -أو اثنين لأن التحقيقات لم تظهر حتى إعداد الخبر عينه- أي من الأسباب والدوافع التي تكمن خلف "تفجير أنسباخ"، لكن ذلك لا يمنع من قراءته ضمن سياق المقال.

هجوم ميونخ

يوم الجمعة الفائت، فتح المسلح ديفيد علي سمبلي ألماني الجنسية من أصول إيرانية النار من مسدسه على متسوقين في مركز "أولمبياد" للتسوق في ميونخ، الشرطة الألمانية قالت إن منفذ الهجوم استدرج ضحاياه، الذين اختارهم عشوائيًا، عبر موقع "فيسبوك"، وثانيًا أن مطلق النار كانت لديه دوافع عدوانية تجاه اللاجئين.

تناقضات كثيرة ساقتها وسائل الإعلام العالمية، بين ترجيح مشاركة ثلاثة مسلحين في الهجوم، أو فرديته، قبل أن تعلن عن مقتل منفذ الهجوم منتحرًا بنيران مسدسه، ما يجعله بعيدًا منذ بدايته عن هجمات التنظيم في أوروبا.

اقرأ/ي أيضًا: منفذ هجوم ميونخ كان مهووسًا بالقتل الجماعي

السمة الأبرز للهجوم، ستخلف تبعاتها على قوانين الهجرة، وطريقة التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، كونهم سيعيشون فصلًا جديدًا من عدم الأمان، وهو ما يجعل دول الاتحاد الأوروبي تصدر قرارات جديدة، أكثر صرامًة، معظم الدول الإسكندنافية فعلت ذلك في وقت سابق، وزد على ذلك الاحتقان العنصري، ويلعب اليمين الأوروبي بشكل عام على وتر تغذيته.

لا يعفى اليمين الأوروبي من المسؤولية عن تصاعد حالة الاحتقان العنصري عبر القارة العجوز

وهذا الهجوم، كان فاتحة ما حصل أمس الأحد مدينة "روتلينغن"، نقصد اللاجئ السوري، أي اعتماد الاثنين على الأسلوب الذي يخترق صمام الأمان الأوروبي، عنصر المفاجأة، ما يدل على أن دول الاتحاد الأوروبي، فقدوت السيطرة على العنف، وهو ما سيؤثر سلبًا على مصائر المهاجرين غير الشرعيين، وربما نجد الدول الأوروبية تتحد لأول مرة، ضد عدو مشترك، يسمح لها بمواجهته عن قرب، أي اللاجئين، الذين سيواجهون المزيد من العنصرية الأوروبية المتصاعدة.

هجوم روتلينغن

يختلف هذا الهجوم عن سابقه، كونه أدرج تحت إضبارة "جريمة عاطفية"، وفق ما أعلنت الشرطة المحلية الألمانية، والتي قالت في بيانها إن منفذ الهجوم لاجئ سوري، هاجم امرأة سورية قرب محطة الحافلات المركزية في مدينة ريوتلنغن، بالساطور أيضًا، قضت على إثره امرأة حامل، وأصيب رجل وامرأة، قبل أن تعتقله الشرطة الألمانية.

ما حصل أمس الأحد في ألمانيا، يجب الوقوف عنده كثيرًا، أي فشل الدول الأوروبية في تحقيق الاندماج مع المهاجرين غير الشرعيين، هناك قسم كبير من الذين وصلوا عبر البحار، لم يستطيعوا التأقلم مع الحياة الديمقراطية الباذخة، والجميع يعرف تمامًا معنى "جريمة عاطفية".

الشرطة الألمانية لم تعترف أنها فشلت في تحقيق الاندماج مع المهاجرين، اكتفت ببيانها، واعتقال منفذ الهجوم، تصريحات ضئيلة ستخرج لإنهاء الملف، لكنها أبدًا لن تفتح ملف، إعادة قراءة سياسات الاندماج، لتتناسب مع الوافدين الجدد، هي ستعمل عكس ذلك، ستزيد من ضغوطاتها تحت التهديد بالطرد، من أجل تنفيذ سياسة، فشلت قبلها دول عدة في إنجاحها.

تفجير أنسباخ

تفجير بعبوة ناسفة، ضرب مساء الأحد، مطعمًا في مدينة "أنسباخ" جنوبي ألمانيا، مخلفًا قتيلًا، ونحو أحد عشر جريحًا، وسط ترجيحات تقول إن القتيل هو منفذ التفجير أيضًا، مع ورود تصريحات صادرة عن مسؤول في إقليم "بافاريا"، تفيد أن "الانفجار يبدو مدبرًا وليس حادثًا عرضيًا".

المعلومات القادمة عن هذا التفجير، ضئيلة حتى اللحظة، لا يمكننا التكهن بطبيعة هذا الهجوم، ولا حتى تخمين طبيعة منفذيه، إذا لم تتبنه جهة محددة، لكن يمكننا التأكيد على أن الشرطة الألمانية، فشلت في اختبارات متنوعة، أي أنها تعاني من خلل أمني فادح، وهو ما أثبته الأسبوع الفائت، الذي سيحفر جيدًا في التاريخ الألماني الحديث.

الفشل الأمني في دول الاتحاد الأوروبي عمومًا، جعل المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، دونالد ترامب، يقول إنه في حال نجاحه، سيمنع السوريين من دخول بلاد العم سام، وسيفرض على الدول التي تعرضت لاعتداءات "التدقيق الشديد"، أي فرنسا وألمانيا، وهذه أولى البوادر التي سيواجهها المهاجرون غير الشرعيين، مع الدول التي استقبلتهم، وعلى ما يبدو أن القرارات القادمة، ستجعل من الدول الأوروبية حلمًا يصعب الوصول إليه.

اقرأ/ي أيضًا:

جاهة وكنافة في سجن نفحة!

10 مواقف طريفة قبل القمة العربية في موريتانيا