21-مارس-2018

تزداد معدلات الهجرة غير النظامية من المغرب سنويًا (Getty)

"لم يتبق لي أمل هنا، سأهاجر من هذه البلاد عاجلًا أو آجلًا حتى لو كلفني ذلك حياتي"، يقول مصطفى لالترا صوت، وهو شاب مغربي في نهاية العشرينيات، فبعد أن حصل على شهادته الجامعية لا يزال منذ عامين عاطًلا عن العمل، وهو الآن ينوي الهجرة إلى "الفردوس" نحو الضفة الشمالية للمتوسط بأي طريقة.

سجّل "مرصد الشمال لحقوق الإنسان" محاولة 1712 فرد العبور نحو أوروبا انطلاقًا من المغرب خلال شهر شباط/فبراير فقط

في الواقع، لا تعد الهجرة السرية بالظاهرة الجديدة في المغرب، لكن وتيرتها تنامت في الآونة الأخيرة بشكل مرعب، بعد أن صار المئات يحاولون العبور شهريًا إلى الضفة الأخرى، بما في ذلك النساء والأطفال، ما يفسر حجم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الفئات الهشة.

اقرأ/ي أيضًا: الهجرة غير الشرعية في مصر.. قصة تُكتب من جديد

في هذا الصدد، تورد صحيفة "la vanguardia" الإسبانية أن "عدد المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى السواحل الإسبانية ارتفع بنسبة 17% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2018، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، وفق البيانات التي  صدرت عن اللجنة الأوروبية" مضيفة أن خمس هؤلاء المهاجرين السريين يحملون الجنسية المغربية، قدم معظمهم من خلال العبور انطلاقًا من سبتة ومليلية المحتلتين، وكذا مدينة الحسيمة.

بدوره سجّل "مرصد الشمال لحقوق الإنسان" محاولة 1712 فرد العبور نحو أوروبا انطلاقًا من المغرب خلال شهر شباط/فبراير فقط من هذا العام، ونجح 280 مهاجر سري منهم في الوصول إلى مبتغاهم، فيما لقي 33 فرد من المهاجرين حتفهم، والبقية فشلت في اجتياز الحدود، بفعل الطوق الأمني الذي تفرضه السلطات الأمنية المغربية والإسبانية.

وكانت وزارة الداخلية الإسبانية قد أكدت أن الهجرة السرية انطلاقًا من المغرب إلى إسبانيا حطمت كل الأرقام القياسية سنة 2017 مقارنة مع السنوات العشر الماضية، وتوقعت أن تكون السنة الجارية (2018) أسوأ من سابقتها، إذ  تمكن حوالي 27810 مهاجر سري من الوصول إلى السواحل الإسبانية سنة 2017 انطلاقًا من المغرب والجزائر، بارتفاع قدره 161% مقارنة مع سنة 2016، يتصدرهم ذوي الجنسية المغربية بنحو  5498 مهاجرًا. هذا ما يطرح أسئلة حارقة على المراقبين حول سر العودة القوية للهجرة السرية في المغرب، بالرغم من أنه لا يعاني حروبًا أهلية أو أوضاعًا سياسية متوترة على غرار بعض البلدان العربية.

تمكن حوالي 27810 مهاجر سري من الوصول إلى السواحل الإسبانية سنة 2017 انطلاقًا من المغرب والجزائر

لفهم هذا اللغز الغامض، أعدت المحللة السياسية الإسبانية إلينا سانشيز مع فريقها تقريرًا حول الموضوع، ووجدت أن 20 % من الشباب المغربي يرغب في الهجرة من بينهم حملة الشهادات، بسبب "انتشار شعور عام بالإحباط والتهميش الاجتماعي بين الشباب الذين يمثلون ثلثي سكان البلد، كما أنهم يرون أنفسهم عاجزون عن الاستقلال سريعًا، من خلال إيجاد وظيفة والزواج وترك المنزل الأسري، ما يؤخر انتقالهم إلى حياة الراشدين"، مرجعة الدراسة هذا الوضع إلى فقدان الثقة في السياسيين والعملية السياسية برمتها وكذا الأنظمة التعليمية التي لا تمت بصلة إلى واقع سوق العمل.

اقرأ/ي أيضًا: الهجرة إلى أمريكا.. سودانيون يحلمون ببلاد العم سام

بالنسبة لـرفائيل لارا، وهو منسق للجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان الإسبانية، يقول إن "ارتفاع عدد المهاجرين الذين ينطلقون من المغرب صوب إسبانيا مرده إلى الاحتجاجات التي عرفتها منطقة الريف عام 2017، بجانب ارتفاع نسبة البطالة والفقر وانسداد الآفاق في وجه الشباب بالمملكة".

وتبقى المسؤولية الأكبر على المسؤولين السياسيين في البلاد، الذين حولوا الوطن إلى بيئة طاردة لشبابها، الذين أغلقت في وجوههم كافة فرص العيش الكريم، ليبقى أمامهم خيار الهجرة السرية، كرهان أخير، قد يوصلهم إما إلى "الحلم الأوروبي" أو ربما إلى قعر البحر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"نكران الثقافات".. عن الهجرة والاندماج

الشباب العربي.. هجرة متزايدة من أوطان تضيق بتطلعاتهم