31-أغسطس-2020

هتلر وإيفا براون

ما يزال اسم هتلر يدوي في كل أصقاع الأرض حتى يومنا هذا، فقد كتبت عنه المجلدات وأنتجت الأفلام السينمائية حول حقبته وشخصه. وتبقى النواحي العاطفية لهذا الرجل محط اهتمام ومن أول الصور التي ترد إلى الأذهان حوله صلابته وقوته. فماذا عن صلات هذا الرجل بالمرأة؟ في كتاب دوغلاس هيفلت "هتلر العاشق" (دار المكشوف، بيروت 1948، ترجمة باسيل دقاق) يشير الكاتب أن هتلر عقد أربع صلات بنساء واتصل بهن اتصالًا وثيقًا وهن: ليني رافينشال ومس بيدفورد وجيلي روبال وإيفا براون.

المرأة الأولى

الممثلة ليني رافينشال ظلت عشيقة هتلر من العام 1936 وحتى النهاية، ولم تخف علاقتها بالفوهرر بل إنها في أن تروج لها في كل ناد. كان يذهب هتلر إلى منزلها ولا يرجع إلا بعد منتصف الليل وكانت تتغنج وتتدلل وترقص له عارية ولا تنفك تتلوى وتتمايل وتحشر صدرها في أنف الزعيم.

عقد هتلر أربع صلات بنساء واتصل بهن اتصالًا وثيقًا، وهن: ليني رافينشال ومس بيدفورد وجيلي روبال وإيفا براون

في أول الأمر قصدته في ميونيخ لتقدم له نسخة من كتابه "كفاحي" وقد خططت كل صفحة أعجبتها من صفحات الكتاب بخطوط حمراء وأما الصفحات التي نفرت منها بخطوط سوداء. وفي منزلها وضعت صورة كبيرة لهتلر كان قدمها لها كهدية، وكان يرسل لها في كل سنة في ذكرى ميلادها زهورًا وبرقية فيها أطيب الكلام، وكانت تستخدم طائرة هتلر الخاصة في سفرها.

اقرأ/ي أيضًا: عنصرية أمريكا البيضاء.. غواية هتلر

يصف هتلر ليني رافينشال ما جاء في مذكرات إيفا براون كالتالي "جسدها جميل، إن فيها شيئًا من جمال اليونان. إنها قطعة من الغريزة، وغرائزها كل ما فيها، وهذا ما نفرني منها إلى الأبد، فهي لا ترتوي ومطالبها لا حد لها". لم يكن هتلر يطيق أن يهزأ أحد بها فكان يرمقه بنظرة مهولة، وكان قد فتح لها أبواب المجد حيث مثلت في فيلم "الاشتراكية الوطنية" وفيلم آخر بعنوان "ألمانيا"، وقامت بدور البطولة في فيلم "الألعاب الأولمبية" وجعل منها الرايخ كوكبًا بين النجوم.

لكن بالرغم من ذلك تنكر ليني علاقتها الجسدية بهتلر وتقول: "ما أنا بالطراز الذي يحبه هتلر. إنني صارمة وقوية، وكان هو يحب النساء الوديعات ذوات العيون الهادئة كأعين البقر مثل إيفا براون".

المرأة الثانية

كانت أفجع مرحلة في حياة أدولف هتلر الغرامية تلك التي قضاها مع جيلي روبال بنت أخته من غير أمه. وجيلي صبية نمساوية شقراء كانت تدرس الموسيقى والمسرح وتعيش في منزل عمها أدولف هتلر. وطارت الشائعات حول علاقة هتلر بها، ويشير الكاتب إلى أن جيلي أحبت هتلر حبًا جامحًا صبيانيًا يشبه العبادة وقد بادلها هذا الحب.

ولكن مع الوقت ساءت علاقتهما وتحولت عنه جيلي وصارت تكرهه وتصفه بالشرس المرعب فيما كان ينعتها بالعاهرة. ولذلك منعها هتلر من أن تقيم أي علاقة مع شبان آخرين وحينما كان يلقاها مع رفيق دراسة ما وسط الطريق كان يوبخها ويهددها بالسوط الذي اعتاد أن يحمله. ووصل الأمر به إلى أن أجبر والدة جيلي إلى أن تأخذها إلى طبيب نسائي كي يفحص عذريتها. وفي كل مرة كانت جيلي تحاول السفر إلى فيينا كان هتلر يغضب ويمنعها من ذلك فتخضع.

في 18 أيلول/سبتمبر 1931، لاقت جيلي مصرعها بظروف غامضة في منزل هتلر حيث وجدوها قتيلة وقد اخترقت قلبها رصاصة. وقرّر الطبيب الشرعي أن الحادث انتحار وتم الدفن في فيينا. لكن سرعان ما سرت الشائعات وتردد أن هتلر هو الذي قتلها، ثم قيل إن شخصية نافذة من الحزب النازي كان له يد في الحادث. ويتساءل الكاتب دوغلاس هيفلت "هل دفعت الغيرة هتلر إلى ارتكاب جريمة؟" ولا يستبعد ذلك بما أن هتلر يتصف بالقوة الجامحة والجبارة التي تكتسح كل ما يعترضها.

المرأة الثالثة

كانت مس بيدفورد امرأة إنجليزية ممشوقة القوام وقد أحبت المغامرات ووجدت في التقرب من هتلر ما يشبع ميلها هذا، وسرعان ما وقعت تحت سلطانه. أحبته بشدة كما يقول مقربون من هتلر ولم تربطها به علاقة غرامية وكانت تتمسح على أعتابه. ولعل ما كان يكنه هتلر من كره للإنجليز قد تجسم في مس بيدفورد حيث ظل يجذبها إليه ويرعاها ليوقعها في النهاية، فتسلط عليها وتحكم بها لأنها إنجليزية قبل أن تكون امرأة. ولم يشأ أن ينحط أمامها إلى درك اللذة الجنسية فينحر من عليائه في عينيها.

كانت أفجع مرحلة في حياة أدولف هتلر الغرامية تلك التي قضاها مع جيلي روبال بنت أخته من غير أمه.

ولما بدأت الحرب العالمية الثانية حاولت مس بيدفورد أن تنتحر على غرار أغلب النساء ممن عرفن هتلر، ولكن تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة، وأمر هتلر بنقلها في قطار خاص إلى سويسرا حيث عاشت بعض الوقت، ثم عادت إلى بلدها إنجلترا فاستقبلتها الجماهير الصاخبة  بالشتم واللعن. وقد ماتت في إنجلترا وكانت الحرب لا زالت دائرة.

المرأة الرابعة

يمكن القول بأنها المرأة الأولى وهي المرأة الوحيدة التي استأثرت بقلب هتلر ويمكن وصفها بحق أنها "امرأته". إيفا براون تمكنت من مسخ كل النساء اللواتي عرفهن هتلر وأمام مغامراته معها لا يعود نفع في ذكر أي مغامرات. ويقال إنهما تزوجا في 29 نيسان/أبريل من العام 1945 قبيل احتلال الجيوش الروسية برلين وانهيار الرايخ الثالث، وقبل ساعات من موتهما.

اقرأ/ي أيضًا: وثائق سرية تشكك في انتحار أدولف هتلر بعد سقوط برلين!

استمرت علاقتهما عشر سنوات فلم يطق هتلر أن تبتعد عنه. كانت فتاة بافارية شقراء، معتدلة القوام، زرقاء العينين، وشعر مجعد، ورقيقة. تعرف هتلر إليها بالصدفة في إحدى السهرات وكانت تعمل لدى أحد المصورين. ويقول دوغلاس هيفلت إن إيفا براون كانت تخشى هتلر فكأنما سحرها، فحين كان يطل تختفي شخصيتها وتذوب أمام شخصيته الجبارة الطاغية.

مذكرات إيفا براون

في يومياتها تتحدث إيفا براون عن أحداث ومواقف وتفاصيل منذ لحظة التقائها بالزعيم ودخولها إلى عالمه وبناء علاقات مع حاشيته ومع الحزب النازي. وتصور إيفا براون هتلر من الداخل، هتلر العاشق في سلوكياته وتفاصيله العديدة وهي أكثر من أن تحصر في مقال.

كان "إدي" كما كانت تناديه يحب من يقرأ له بصوت عال وكان يطلب منها أن تقرأ له بالساعات فيما هو يروح ويجيء في الغرفة. كان منظمًا في ثيابه مرتبًا في أدق تفاصيله. تصفه إيفا بالقول "إنه فنان في كل شيء فهو يهتم بمستحضرات التجميل والهندسة وغيرها من الأمور الكبيرة والصغيرة".

وكانت متأكدة إلى حد ما بأن هتلر غير قادر على فراقها، ولقد أهداها خاتمًا صغيرًا عجيبًا من البلاتين نقشت داخله كلمات "إلى أن يفرّق الموت بيننا". ثم أضاف "ها أنت تعرفين أنني مرتبط بك رباطًا أوثق من أي رباط يشدني إلى شخص آخر في البشر". وكان يهمس في أذنها وهما في الفراش "إيفا إنك المرأة الوحيدة التي لن أنساها طول عمري، وجسدك هذا الساحر سيبقى أبدًا لغزًا في عيني ولو ظللت أتأمله ألف عام". وقد سعدت بذلك سعادة كبيرة ونزل كلامه بردًا على قلبها. فكانت تعتبر أن هتلر هو الرجل الوحيد الذي يعرفها على حقيقتها ويستشف ما بداخلها وكانت تنتشي من كلماته ورسائله "إنك الشهوة عينها يا إيفا، الشهوة في أقوى سحرها، الشهوة الجنونية، إنك الإغراء، وإنك روح سامية من نار".

ومن اللافت في مذكرات إيفا براون قولها أن "أدولفي" كما تدلعه لم يكن يخلع ثيابه كاملة أثناء ممارسة الجنس كأنما يتأهب لحفلة استقبال. كان خجولًا "فلم أره مرة واحدة يخلع ثيابه أمامي وقد اعتاد أن يستدير حين يريد تغيير ملابسه. وكذلك فقد كان خجولًا مع النساء ولا يتفن فنون الغزل ولا يعرف من أين تؤكل كتف المرأة".

مما ترويه إيفا براون عن هتلر أنه كان محافظًا ويكره قلة الحياء لدى النساء، وأنه لم يكن يخلع ثيابه كاملة أثناء الجنس

مما ترويه إيفا براون عن هتلر أنه كان محافظًا ويكره قلة الحياء لدى النساء وخاصة الفاجرات منهن اللواتي لا يستحين. وقد اتفق في إحدى الأيام أنها لم ترتد لباسًا تحتيًا فلما عرف هتلر بالأمر ثارت ثائرته وانفجر غضبًا وصرخ بها قائلًا إن هذا الفعل لا تفعله إلا ساقطة لا أخلاق لها: "لا أريد أن يتكرر هذا الأمر، فقد ينكشف أمرك، فماذا يقول الناس إذا أبصروك؟".

اقرأ/ي أيضًا: هل الإنسان متوحش؟.. قطار "الحداثة" في محطة الإبادة الجماعية

كما كانت نظرته إلى المرأة تشوبها الدونية ففي حديثه إلى إيفا حول إنجاب الأطفال يقول "إنني أنتظر، يا إيفا، منذ سنين طويلة، أن يتوصل أطبائي إلى ابتكار وسيلة لتحديد نوع الجنين كما أحبّ وأشتهي، فلا يمكن أن أغفر لنفسي أن آتي إلى الدنيا بابنة. تصوري كم يكون سخيفًا أن أعطي ألمانيا "هتلرة" صغيرة!".

ومن القصص الدالة على شخصيته أيضًا أنه كان رجلًا غيورًا جدًا. تروي إيفا براون أنها تعرفت في إحدى الأيام إلى رسام شاب وسيم وصار يزورها وكثرت الأحاديث بينهما وصارت تفكر به كثيرًا. وصارت إيفا براون قلقة من افتضاح أمرها مع الشاب، ولم يكن يعرف هذا الرسام الشاب يعلم أن إيفا على علاقة بهتلر علمًا أن علاقتهما كانت روحية فقط كما تكتب في مذكراتها، وقد رفضت عرضًا لرسمها عارية من قبل هذا الشاب.

وقد انتابتها الريبة والخوف من كون هتلر قد علم بموضوع الرسام الشاب فصارت لا تكلم أي رجل في الحفلات والسهرات كي لا تثير شكوكه. وفاجأها سؤاله: "هل تعرفت يا إيفا إلى أناس جدد يلذ التعرف إليهم؟". واستبد بها قلق عظيم وارتجفت كلها وانقبض صدرها واصطكت أسنانها هلعًا لكأنها في كابوس. وسرعان ما خبط قدمه على الأرض وبدأ بالتجول والالتفات بسرعة في أرجاء الغرفة كأسد غاضب، فما كان منها إلا أن روت لهتلر قصتها مع الرسام الشاب لكنها أخفت بعض التفاصيل الحرجة.

انتصب هتلر وجر معه إيفا بروان وهي منهارة وصعدا في السيارة دون أن ينبس بكلمة أخرى لكأن عاصفة قوية آتية. قطعا مسافة طويلة إلى ميونيخ وتوقفا أمام منزل الشاب الرسام. ترجل هتلر من السيارة دون أن يلتفت أو يغلق باب السيارة، دخل إلى المبنى وصعد السلالم ودق جرس المنزل ففتح الرسام الباب فانطلقت من مسدس هتلر رصاصة قاضية. كان درسًا قاسيًا لها، وأدركت إيفا براون إلى الأبد أن ليس لها أن تطمع في رجل غير هتلر في حياتها. تقول: "لقد متّ في أعين الرجال".

بالرغم من حبه لها لكنها بدأت تشعر أن علاقتهما قاتمة مشوبة بمسحة من الحزن. تعبر بالقول "صار صاحبي لا يدعني لحظة بسلام، فله في كل يوم قصة تبلبل خاطري وتعصر قلبي". ووصل الأمر بها إلى أن انزعجت مما يغدقه عليها من حب "إنني أتألم من ذلك ألمًا أكاد لا أجد وصفًا له. إنني أحس من ذلك بضيق وضنك".

 

اقرأ/ي أيضًا:

3 أسباب جعلت ريتشارد فاغنر أقل شهرة من سواه.. منها إعجاب هتلر به

عرب وصهاينة ونخب فى صحة هتلر!