04-مايو-2016

من مظاهرات مؤيدي مقتدى الصدر داخل المنطقة الخضراء في بغداد (Getty)

يختلف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن بقية القادة الشيعة العراقيين في العلاقة مع إيران. الصدر الذي يمتلك علاقة إيجابية مع جمهورية ولاية الفقيه يختلف معها جذريًا، فسياسته الاستراتيجية تُركز على ضرورة بقائه ضمن خطه العراقي غير العابر الحدود والمُستمع لإيران.

إيران منزعجة من تصرفات الصدر وأنصاره، وتفكر جديًا في كيفية إقناع الصدر ليعمل على الأقل في خط لا يُهدد مصالحها

عندما بدأت الاحتجاجات في العراق في الحادي والثلاثين من تموز/يوليو 2015، لم يكن الصدر جزءًا منها. لكن إيران لم تكن راضية عنها خاصة مع رفع شعار (باسم الدين باكونا الحرامية)، وهو ما زعزع ثبات رجالاتها في مؤسسات الدولة العراقية، أبرزهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا بعد هزيمة داعش؟

زاد تأييد الصدر للاحتجاجات ودعوة أنصاره للخروج فيها من قلق إيران، فسارع قاسم سُليماني للمجيء للعراق. فهو الرجل الذي يتواجد في بلاد الرافدين أكثر من بلاد فارس. الصدر لا تُعجبه شخصية قائد فيلق القدس الإيراني، الأخير أيضًا لا تُعجبه تصرفات الزعيم العراقي الشباب.

في السابع والعشرين من آذار/مارس الماضي اعتصم الصدر بمفرده داخل المنطقة الخضراء. عندما غادرها وعاد إلى مقر إقامته في مدينة الحنانة بمحافظة النجف، اتصل به سُليماني وطلب عودته إلى بغداد. فرد الصدر: "إذا كُنت تُريد التحدث معي عليك القدوم للنجف".

ذهب سُليماني للنجف ويبدو أنه تمنى لو لم يذهب. مشادة كلامية حدثت بينهما بعدما قال الزعيم الإيراني للزعيم العراقي: "هل غرك وجود جماهيرك بهذا الكم؟، ماذا تُريد أنت؟، هل تُريد تفكيك البيت الشيعي؟".

اقرأ/ي أيضًا: كيف خدع الإسرائيليون جون كينيدي بشأن السلاح النووي؟

بقيت تحركات الصدر وتقاربه مع المدنيين تُشعره بالقلق من احتمالية اغتياله، فعندما حضر قبل أسابيع لساحة التحرير وهي سنتر الاحتجاجات في العراق، وصل بأربعة مواكب، كل موكب دخل من جهة للتمويه. وفي خطابه قبيل اعتصامه في الخضراء بدقائق قال: إن "من يُخالف أوامره بالاعتداء على القوات الأمنية أو الدخول للخضراء دون أوامر سيكون مسؤولاً عن حياته".

إيران وهي اللاعب الأساسي مع الولايات المتحدة الأمريكية في ملف العراق، تشعر بخطرٍ على مشروعها التمددي. هذا القلق لم يأتِ من الطبقة المدنية الرافضة لحكم الإسلاميين، أو من سُنة العراق الذين يجدونها سببًا في خراب العراق، بل من عمامة شيعية تعتقد بلاد فارس بافتراضاتها أن تكون قريبة منها.

لم تكن مواقف آل الصدر جديدة مع سياسة إيران، فوالده محمد صادق الصدر كان يدعو لأهمية إبقاء الحوزة عربية وعدم فرض سطوة حوزة قم الإيرانية على حوزة النجف.

في ساحة الاحتفالات التي تكرهها إيران لوجود قوس النصر الذي شيده صدام حسين بعد انتهاء حرب البلدين عام 1988، هتف متظاهرون غالبيتهم من التيار الصدري في ساحة الاحتفالات الكبرى ضد إيران وسليماني، كانت أبرزها "إيران برة برة بغداد حرة حرة.. سُليماني برة برة.. بغداد حُرة حرة".

كل هذا يُزعج إيران ويجعلها تُفكر جديًا في كيفية إقناع الصدر ليعمل على الأقل في خط لا يُهدد مصالحها، إن لم يُرد العمل مع بقية فريقها من العراقيين لتنفيذ مشاريعها في بلاد الرافدين.

اقرأ/ي أيضًا: 

هل كان صدام حسين إسلاميًا في أواخر حكمه؟

أوباما يضرب أسس كامب ديفيد