23-سبتمبر-2017

حلا بركات ووالدتها في احتجاج ضد نظام الأسد في اسطنبول (فيسبوك)

صدم مقتل الدكتورة عروبة وابنتها الإعلامية حلا بركات السوريين في تركيا والشتات ليس لأنه اعتداء على جسدين مسالمين فقط، وليس لأنهما سيدتين رقيقتين وتعملان بالشأن النسوي في اسطنبول ضد النظام، بل لأنها جريمة بشعة فتحت الباب لأسئلة عن أكثر من قاتل فيها، وأكثر من يد ملوثة بدماء ناعمة ذنبها فقط أنها لم تجد من يحميها من سكين القتل.

بعد اغتيال عروبة وحلا بركات، هذه المرة الأولى التي تظهر أصوات من داخل المعارضة علانية وتهمس بعكس التوافق العام

لنسلم معاً بالرواية الوحيدة حتى اللحظة من أن النظام هو أول المتهمين والمستفيدين من إقصاء صوت نسوي معارض وعنيد كعروبة بركات بالرغم من الدعوات الهامسة بالبحث عن متهم آخر يقف وراء الجريمة البشعة، ولكنها المرة الأولى التي تظهر أصوات من داخل المعارضة علانية وتهمس بعكس التوافق العام الذي كان يبدو في حالات القتل السابقة لمعارضين في تركيا.

لا اتهامات واضحة لأطراف بعينها من المعارضة أو دول أخرى، والتحقيقات لم تنته بعد في الجريمة وربما تكون صادمة إذا خرجت باتهام جنائي للص وجد سهولة في سرقة وقتل السيدتين، ومع ذلك لا بد من أن نكون واضحين في تناول ما يجري لبشر موزعين على خارطة العالم ولهم مواقف سياسية وفكرية وهم اليوم مكشوفو الظهر دون حماية، وتجري بحقهم انتهاكات من مختلف الجهات المتصارعة وهذا للتأكيد لا يخلي ذمة أحد من هذا الموت المفجع.

اقرأ/ي أيضًا:  آنا بوليتكوفسكايا واغتيال الصحافة الحرّة في روسيا

واقع السوريين في الخارج بات في قبضة المتاجرين والاستخبارات العالمية والإقليمية التي تستغل هذا الوجود الطارئ المكشوف لتحقيق أهداف مختلفة في لعبة الموت الموزعة على الأرض وفي الملفات القادمة التي يخطط لها كل هؤلاء، وذلك لهدفين.. انتزاع السيطرة أو التفاوض، ومع كل هذا يأتي من يرى في القتل وسيلة مشروعة فالدم ليس مقدساً أو استثنائياً.

هو موت سياسي لا أكثر، هكذا يصف معارضون موت بركات وابنتها، وفي خانة الصراع لإثبات هوية القاتل يبقى الدم مفتوحاً أمام السكاكين والرصاص، وأما الدول التي تحتضن هؤلاء فلا يتعدى الأمر جريمة قتل في سياق الصراع، وربما تمر عليها كموت غريب له من يحمل وزره في النهاية.

واقع السوريين في الخارج بات في قبضة المتاجرين والاستخبارات التي تستغل هذا الوجود الطارئ لتحقيق أهداف مختلفة

دفنت عروبة وابنتها كما دفن ناجي الجرف وآخرون في أرض غريبة بعيدة عما حلموا به من تراب وطني، وعاد المشيعون إلى بيوتهم الطارئة أو منابرهم، هو موت في الطريق إلى الخلاص الذي يدفع ثمنه فقط أصحاب الموقف الحقيقي، وأما التجار والمزاودون واللاعبون فيرون فيه مادة لاستمرار القتال والاتهامات.

يهمس أحدهم أن النظام قد لا يكون هذه المرة مسؤولاً عن موت العنيدة عروبة بركات، وربما أطراف أخرى تدفع لبداية مرحلة جديدة لا مكان فيها للمخلصين أو أصحاب المواقف الصلبة، وهذا يعني أن موتها السياسي وإن اختلفت الأداة واليد هو لمزيد من تهشيم الكعكة السورية، والتحاصص القادم.

بالنتيجة من قتل عروبة بركات وابنتها هو موقفهما السياسي العنيد، وكل المتصارعين على وطن بات أبعد مما كان يعتقد أقرب المحبين. السلام لروحين هائمتين الآن فوق مصابنا الأسطوري بكل ما فيه من لوثة الجنون والأسى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بلعيد.. الدم الحرام وكشف الحقيقة

في تونس.. هل اغتالوا محمد الزواري مرتين؟