08-مارس-2023
getty

ليس هناك أي دليل على تورط أوكرانيا الرسمية في التفجير (Getty)

أشارت معلومات استخبارية جديدة راجعها وقيّمها مسؤولون أمريكيون، حسب صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن مجموعة موالية لأوكرانيا نفذت الهجوم على خطوط أنابيب نورد ستريم التي تنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا العام الماضي، واعتبرت نيويورك تايمز هذا الكشف بمثابة خطوة نحو تحديد الطرف المسؤول عن التفجير الذي أربك المحققين على جانبي المحيط الأطلسي لعدة أشهر.

أشارت معلومات استخبارية جديدة راجعها وقيّمها مسؤولون أمريكيون، حسب صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن مجموعة موالية لأوكرانيا نفذت الهجوم على خطوط أنابيب نورد ستريم التي تنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا العام الماضي

ونقلت نيويورك تايمز عن المسؤولين الأمريكيين تأكيدهم أنه ليس لديهم دليل على تورط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو كبار مساعديه في العملية، كما نفت ذات المصادر أن تكون المجموعة المتهمة بتفجير خطوط أنابيب نورد ستريم  قد "تصرّفوا بناء على أوامر أو توجيهات من قِبل أي مسؤول حكومي أوكراني".

getty

وكان الهجوم الذي استهدف أنابيب نورد ستريم قد أثار تكهنات حول الجهة التي نفذته، وظل أحد أكثر الألغاز التي لم تحل بعد، مع العلم أن موسكو تتهم الدول الغربية بتنفيذه وأشارت بأصابع الاتهام إلى بريطانيا التي نفت بشدة أن تكون لها يد في التفجير، ومؤخرًا اتهم الاستقصائي الأمريكي سيمور هيرتش في تقرير له نشر في شباط/ فبراير الماضي، البحرية الأمريكية والنرويجية بالوقوف وراء التفجير قبل أن تُصدر نيويورك تايمز تقريرها الجديد الذي ينفي التهمة عن واشنطن وأوسلو ويحمل مسؤولية الهجوم لكيان غير رسمي.

لكن قطاعًا واسعًا من المتابعين يعتبر أن لدى أوكرانيا والحلفاء بالغرب الدافع الأكثر منطقية لمهاجمة خطوط الأنابيب، خاصة أنهم عارضوا المشروع لسنوات، ووصفوه بأنه تهديد للأمن القومي لأنه سيسمح لروسيا ببيع الغاز بسهولة أكبر إلى أوروبا. ومع ذلك نفى المسؤولون في كييف أن يكون لأوكرانيا "دور في الهجوم" كما ينفون معرفتهم "الجهة التي نفذته".

getty

وتشير مراجعة المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها حديثًا، حسب نيويورك تايمز، إلى أنّ منفذي الهجوم من المعارضين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها لا تحدد أعضاء المجموعة، أو الذين وجهوا العملية أو دفعوا ثمنها. 

ورفض المسؤولون الأمريكيون الكشف عن طبيعة المعلومات الاستخباراتية، وكيف تم الحصول عليها أو أي تفاصيل عن مدى قوة الأدلة التي تحتوي عليها، حيث قالوا إنه لا توجد استنتاجات مؤكدة حول هذا الموضوع، مما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال أن تكون العملية قد نفذت من قبل قوة بالوكالة لها صلات بالحكومة الأوكرانية أو أجهزتها الأمنية.

وكانت بعض التكهنات الأولية الأمريكية والأوروبية ركّزت على مسؤولية روسية محتملة عن الهجوم، على الرغم من أنه من غير الواضح ما هو الدافع الذي قد يكون لدى الكرملين لتخريب خطوط الأنابيب نظرًا لأنها كانت مصدرًا مهمًا للإيرادات ووسيلة لموسكو لممارسة نفوذها على أوروبا، علمًا أن بعض التقديرات تشير إلى أن تكلفة إصلاح خطوط الأنابيب تقدر بحوالي 500 مليون دولار، بحسب الصحيفة الأمريكية. 

getty

ونقلت نيويورك تايمز عن المسؤولين الأمريكيين قولهم "إنهم لم يعثروا على أي دليل على تورط الحكومة الروسية في الهجوم".

وأضاف المسؤولون الذين راجعوا المعلومات الاستخباراتية أنهم يعتقدون أن المخربين كانوا على الأرجح "مواطنين أوكرانيين أو روس، أو مزيج من الروس والأوكران"، وأكّد المسؤولون الأمريكيون أنه لم يشارك أي مواطن أمريكي أو بريطاني في الهجوم.

وكانت صحيفة التايمز البريطانية نشرت شباط/فبراير الماضي تحقيقًا للصحفي الاستقصائي سيمور هيرش اتهم فيه الولايات المتحدة والنرويج بتفجير خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، في أيلول/سبتمبر الماضي بواسطة متفجرات وُضعت قبل 3 أشهر من تاريخ التفجير. 

getty

وفي حين نفت واشنطن وأوسلو الاتهامات الواردة في التحقيق، طالبت موسكو بتحقيق دولي، علمًا بأنّ الجيش الروسي كان قد اتهم بريطانيا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بالضلوع في الانفجارات التي استهدفت خط نورد ستريم إلا أن البريطانيين نفوا الاتهامات حينها.

ويزعم التحقيق المنشور في صحيفة التايمز أنّ عناصر من البحرية الأمريكية بمساعدة النرويج زرعوا في حزيران/يونيو الماضي متفجرات على خط الأنابيب الذي يمتد بين روسيا وألمانيا تحت مياه بحر البلطيق، وقاموا بتفجيرها عن بعد، بعد 3 أشهر من تاريخ زرعها.

ويزعم التحقيق أن الأوامر بالتفجير صدرت من البيت الأبيض ضمن عملية سرية تولّت تنفيذها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إي" بحسب مُعدّ التحقيق  الصحفي الاستقصائي سيمور هيرش. والهدف من العملية السرية، حسب التحقيق، هو منع روسيا من الحصول على مليارات الدولارات "من عائدات بيع غازها لأوروبا"، فضلًا عن اعتقاد واشنطن، حسب التحقيق، أنّ خط نورد ستريم "منح روسيا نفوذًا سياسيًا على ألمانيا وأوروبا الغربية يمكن أن يؤدي الى إضعاف التزامها تجاه أوكرانيا"، حسب هيرش.

وذكّر هيرش في هذا السياق بتصريح لبايدن أدلى به قبل أسبوعين من الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير قال فيه بأن بلاده لن تسمح بتشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2" الجديد في حال هاجمت روسيا أوكرانيا.

وبحسب مصدر تحدث لهيرش لم يكشف هويتها فإن فكرة تفجير خط أنابيب الغاز الروسي، طُرحت أول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2021 "خلال مناقشات بين كبار مستشاري بايدن للأمن القومي حول كيفية الرد على الغزو الروسي المتوقع لأوكرانيا"، لتقوم سي آي أي لاحقًا بتطوير خطة لتفجير الخط، واستغلّت "سي آي أي" بمساعدة النرويج المناورات التي قام بها حلف شمال الأطلسي في حزيران/يونيو 2022 لزرع "متفجرات يمكن تفجيرها عن بعد على خط الأنابيب"، وفقًا للتحقيق.

getty

وكانت الدنمارك والسويد اللتان وقعت الانفجارات في مناطقهما الاقتصادية الخالصة، خلصتا في تحقيق مشترك إلى أن خطوط الأنابيب فُجّرت عمدًا، دون توجيه أصابع الاتهام إلى دولة بعينها. وهو ما اعترضت عليه موسكو التي اشتكت من عدم مشاركتها في مسار التحقيق الدنماركي السويدي.

واشنطن تنفي وموسكو تدعو لتحقيق دولي

نفت واشنطن وأوسلو المعلومات الواردة في التحقيق الذي نشرته التايمز البريطانية، وفي هذا الصدد قالت أدريان واتسون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت إن تحقيق هيرش "من نسج الخيال"، فيما قال متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن تحقيق هيرش "كاذب تمامًا وبشكل مطلق".

من جهة ثانية وصفت وزارة الخارجية النروجية التقرير بالكاذب، دون إعطاء مزيد من التفاصيل في ردها.

في المقابل دعت وزارة الخارجية الروسية إلى أخذ التحقيق على محمل الجد وطالبت بتحقيق دولي، داعيةً واشنطن إلى الرد على "المزاعم الواردة في التحقيق"، وفي هذا الصدد نشرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا بيانًا على تليغرام، قالت فيه إن  "على البيت الأبيض الآن التعليق على كل هذه الحقائق".

getty

 مردفةً القول: "لقد أعربنا مرارًا عن موقف روسيا من مشاركة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، اللذين لم يخفيا ذلك، وكانا متباهيين أمام العالم كله بنيتهما تدمير البنية التحتية المدنية".

بدوره، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لوكالة أنباء (ريا) الحكومية "من الواضح أن هذا حشو منسق في وسائل الإعلام"، مضيفًا: "كيف يمكن للمسؤولين الأمريكيين افتراض أي شيء بدون تحقيق؟". وتابع بيسكوف القول "إن الدول المساهمة في نورد ستريم يجب أن تصر على إجراء تحقيق عاجل وشفاف".

نيويورك تايمز عن المسؤولين الأمريكيين قولهم "إنهم لم يعثروا على أي دليل على تورط الحكومة الروسية في الهجوم"

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك "بالطبع نحن نتابع بشكل مكثف أي تقارير جديدة وأي رؤى حصلت عليها جهات فاعلة مختلفة".

وقال وزير الدفاع الأوكراني يوم الأربعاء إن الحكومة الأوكرانية لم تشارك في التخريب العام الماضي لأنابيب الغاز نورد ستريم في بحر البلطيق.