10-مارس-2017

نوال السعداوي (AP)

لولا نوال السعداوي لما عرف أحد أن هناك مهرجانًا للسينما في شرم الشيخ. تم إبلاغها أنها ستلقي كلمة في افتتاح "مهرجان شرم الشيخ الدولي للسينما" بصفتها رئيس شرف الدورة الأولى من المهرجان، وحين هبطت الطائرة أرض المدينة، فوجئت بأنّ أحدًا لم يتواصل معها، أو يبلغها بموعد إلقاء الكلمة، أو تفاصيل حضورها الاحتفال، وقيل إن برنامج حفل الافتتاح تغيَّر. 

لولا نوال السعداوي لما عرف أحد أن هناك مهرجانًا للسينما في شرم الشيخ

هل استغنوا عن نوال؟ ظل السؤال يراودها، وتطاردها اتصالات الصحفيين، إلا أنها لم تكن تعلم أي شيء. بعد قليل اكتشفت أن إدارة المهرجان منعتها من إلقاء كلمتها خلال حفل الافتتاح خوفًا من أن تتحدث في السياسة، فرفضت حضور الحفل.

اقرأ/ي أيضًا: أصوات النساء.. قتلُ العصفور الساخر خطيئة

كانت نوال على موعد طائرة أخرى متجهة إلى إسبانيا لحضور احتفال اليوم العالمي للمرأة، في الثامن من آذار/مارس، فاكتفت بالاجتماع مع عدد من الصحفيين والنقاد، وأكَّدت لهم أن الكاتب الصحفي جمال زايدة، رئيس المهرجان، زارها بصحبة الناقدة ماجدة موريس، عضو مجلس أمناء مؤسسة نون للثقافة والفنون، المنظمة له، وأبلغها باختيارها رئيسًا لشرف المهرجان في هذه الدورة، وانتظرت بعدها طويلًا دون أن يحدثها أحد في الأمر. وحين وصلت، اكتشفت أنّ برنامج الافتتاح اقتطعت منه كلمتها على خشبة المسرح عمدًا، وتمّ الاكتفاء بتكريمها. 

فسَّر زايدة، رئيس المهرجان، ذلك بأنّ الافتتاح اتبع التقاليد المهنية المعروفة في المهرجانات الدولية بتقليل الكلمات على المسرح، وتكريم نجوم السينما وفقًا للبرنامج المعد سلفًا. وبالفعل تضمَّن البرنامج ثلاثة تكريمات: الفنانة نبيلة عبيد عن مشوارها السينمائي، والمخرج التشكيلي يوري مينز، الحاصل على جائزة أوسكار، والمخرج الراحل الدكتور محمد كامل القليوبي. 

هل كان قرار المنع تنفيذًا لأوامر عليا؟ 

بالنسبة إلى نوال السعداوي، فهي تعقد ندوة شهرية في مكتبة مصر الجديدة، وتكتب مقالًا في الأهرام، ولم تتعرض للمنع إلا مرة واحدة، إلا أنها تستبعد أن يكون ذلك منعًا سياسيًا، إنما هو قرار فردي من شخص لا تعرفه، واتهمت إدارة المهرجان بعدم الشجاعة، إذ كان عليها إبلاغها قبل المهرجان، وفي هذه الحالة تقرر.. هل ترغب في حضور الحفل مع تكريمها دون إلقاء كلمة أم لا؟

قبل أن ترحل نوال، المقبلة على الخامسة والثمانين من عمرها، إلى مدريد، حيث قررت أن تستأنف معركة المرأة هذا العام، شاهدت فيلم Frantz، الذي فاز بجائزة "سيزال" الفرنسية لأفضل تصوير سينمائي، وينافس في المسابقة الرسمية لمهرجان شرم الشيخ عن فئة الأفلام الطويلة. 

لا تواجه السعداوي حظرًا رسميًا، إنما منعًا في الإطارات الضيقة من جهات ترفض أطروحاتها

ويختتم المهرجان، الذي يقام على نفقة مجموعة رجال أعمال تدخَّلوا لإنقاذه في اللحظات الأخيرة، فعالياته في الحادي عشر من آذار/مارس الجاري، وفي ذلك التوقيت يكون انتهى من عرض ثمانية وعشرين فيلمًا قبل إعلان فوز فيلمين بجائزتين، الأولى للأفلام الطويلة، والثانية للأفلام الروائية القصيرة، دون حضور رئيس المهرجان الشرفي.. الممنوع.

اقرأ/ي أيضًا: عن لوليتا أُخرى

لا تواجه نوال السعداوي حظرًا رسميًا، سواء على أفكارها أو مقالاتها أو كلامها، إنما يظلّ منعًا في الإطارات الضيقة من جهات وجماعات ترفض ما تقوله، ويمكن تفسير ما جرى في مهرجان شرم الشيخ السينمائي بـ"بيروقراطية الموظفين"، التي أدَّت إلى إسقاط كلمتها من برنامج الحفل بفعل فاعل. 

تلك البيروقراطية، التي واجهها كتاب نوال السعداوي الأخير "يوميات طفلة في الخامسة والثمانين"، الذي روَت فيه تفاصيل طفولتها في حي شبرا بالقاهرة، فلم يتوفّر في "معرض القاهرة الدولي للكتاب" بشكل يناسب اسم نوال السعداوي، ولا يزال غير متوفِّر بالمكتبات؛ إذ قرَّر بعض باعة الكتب إخفاءه بحجة تناقض اسم نوال السعداوي مع تعاليم الدين، وتعارض كلامها مع كلام الله! 

 

اقرأ/ي أيضًا:

8 أعمال روائية من أدب السجون العربي

سفيتلانا أليكسيفيتش.. نوبل للآداب 2015