17-ديسمبر-2021

(Getty)

تتوجه أنظار متابعي كرة القدم حول العالم العربي مساء اليوم السبت، تجاه ملعب البيت بالعاصمة القطرية الدوحة، والذي سيكون مسرحًا لذروة سنام ومسك ختام الكأس العربية قطر 2021 في نسختها العاشرة، بين المنتخب الجزائري وجاره التونسي في ديربي مغاربي يعد بالكثير من الإثارة والتشويق، حيث سيكون الفائز على موعد مع التاريخ، إذ يبحث محاربو الصحراء عن لقبهم العربي الأول، بينما يسعى نسور قرطاج لمعانقة الكأس للمرة الثانية بعد لقب 1963.

" خاوة خاوة" هكذا هتف المشجع الجزائري ورفيقه التونسي من أمام ملعب الثمامة بعد مباراة الجزائر وقطر، عندما سُئل من قبل المراسل عن المباراة النهائية، فما بين تونس والجزائر وصال راسخ رسوخ التاريخ والجغرافيا اللذان يجمعان البلدين، وروابطٌ لم تنجح السنون والأيام في كشف غطاء المحبة والأخوة عنها، ولكن كما يقال دائمَا إن أصعب الأشياء أن يضعك القدر بمواجهة الأحبة، فعندها يتحوّل الود إلى جفاء والوصال إلى قطيعة ويصبح النصر واجب مقدس، وشرف لابد من نيله، لما تتسم به المواجهة من ظروف ندية خاصة، بسبب ضغط الجماهير من ناحية والتي لم تخفت لديها رغبة الفوز ولا فتر حماس الثأر لديها، وفرامل الجيرة من ناحية أخرى.

اقرأ/ي أيضًا:  العنّابي يطيح بالإمارات بخماسيّة تاريخيّة.. وتونس إلى نصف نهائي كأس العرب

الفائز في أمسية السبت سيتدثر بجلباب الذهب ويخلد اسمه بالتاريخ، هذا الأخير الذي راكم لنا منذ فجره الأول صولات ملحمية وجولات كلاسيكية بين المنتخبين، فمنذ أول لقاء رسمي بينهما ليلة 27 كانون الأول/ ديسمبر 1964 بالعاصمة الجزائرية، والتي  احتضنت مباراة تصفيات الألعاب الأفريقية حينها، وانتهت لصالح الجزائر، ليلة السابع عشر من ديسمبر وسيناريوهاتها الدرامية مهدت لفصل جديد للقمة المغاربية من التنافس الكروي المحتدم، يرويها لنا التاريخ الحافل بمباريات المحاربون والنسور.

سبق للمنتخبين أن تقابلا في 47 مباراة 21 رسمية و26 ودية، حقق الجزائريون خلالها الفوز في 17 مناسبة، مقابل 16 انتصار لنسور تونس، بينما حسم التعادل 14لقاء بينهما، وإن تفوق الخضر إجمالاً في لقاءات الفريقين، إلا أن التونسيين كانت لهم الكلمة العليا في المباريات الرسمية فمن مجمل 21 لقاء رسمي كانت الغلبة لأحفاد عليسة في تسع منها، مقابل خمس فقط لجارتهم.

 آخر مباراة رسمية بين المنتخبين كانت بكأس الأمم الإفريقية 2017، وانتهت بفوز تونس بهدفين لهدف، بينما عجز الجزائريون عن تحقيق أي انتصار في أخر خمس مواجهات رسمية، ويعود أخر انتصار لهم في لقاء رسمي إلى سنة 1988 في تصفيات الكأس الإفريقية، في حين دار أخر لقاء ودي بينهما في يونيو الماضي وانتهى بهدفين نظيفين لصالح الجزائر، ولم يسبق وأن تواجه المنتخبين على صعيد البطولة العربية من قبل.

اقرأ/ي أيضًا:  لقاء للتاريخ وإثارة غير مسبوقة.. الجزائر تقصي المغرب وتبلغ نصف نهائي كأس العرب

في ثالث مشاركاته بالكأس العربية تمكن المنتخب التونسي من بلوغ العرس النهائي للمرة الثانية في تاريخه بعد المرة الأولى التي كانت في نسخة الانطلاق عام 1963، عندما نجح نسور قرطاج حينها بالتتويج باللقب بقيادة المدرب الفرنسي أندريه جيرار، قبل أن ينسحبوا من دور المجموعات سنة 1988، هذه المرة يرنوا التونسيون إلى الاستعاضة عن سنوات الغياب الطويلة عن البطولة، بتحقيق الذهب ومزاوجة لقبهم الأول بثان.

 للتونسيين في ذلك حظوظ كبيرة، فالنسور برهنوا على قوتهم منذ بداية المسابقة على الأقل على مستوى النتائج، فلو استثنينا كبوة المباراة الثانية بدور المجموعات أمام المنتخب الممثل للنظام السوري، والتي تلقى على إثرها كل من الإطار الفني واللاعبين هجمة إعلامية شرسة، فإن زملاء المساكني تمكنوا رغم ذلك من تصدر مجموعتهم الثانية بجدارة، بعد تفوقهم على كل من موريتانيا بخماسية والإمارات بهدف نظيف، ليتفوقوا بعدها على المنتخب العماني بهدفين لهدف في مواجهة الربع نهائي، قبل أن يجهزوا على أحلام الفراعنة في الرمق الأخير من مواجهة النصف نهائي.

على المقلب الأخر، وفي ثالث مشاركاتها هي الأخرى تمكنت الجزائر من بلوغ العرس النهائي للمرة الأولى في تاريخها، بعد مشاركتيها السابقتين عامي 1988 بالأردن و1998 في قطر، حينما ودعت باكرا من الدور الأول في المرتين، هذه المرة يطمح المنتخب الجزائري لطي صفحة الخيبتين السابقتين وتحقيق اللقب العربي الأول في تاريخه،  ويملك الخضر هذه المرة حظوظا كبيرة هذه لتحقيق ذلك.

 فعلى الرغم من أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم اختار المشاركة بمنتخب شبه رديف هجين بين الأول والثاني، وذلك لغياب المحترفين كما أوكل المهمة الفنية لمجيد بوقرة لتعويض جمال بالماضي خلال هذه المسابقة، إلا أن كل ذلك لم يحد من التألق المعتاد للمنتخب الجزائري خلال السنوات الأخيرة، بل كان أفضل منتخبات البطولة حسب عديد الملاحظين، كيف لا وهو المنتخب الوحيد الذي لم يذق طعم الخسارة من بين كل المنتخبات وقد واجه أصعب الخصوم.

 مسار محاربو الصحراء نحو النهائي لم يكن معبداً لكن زملاء يوسف البلايلي ورغم أنهم لم يتمكنوا من تصدر مجموعتهم بعد أن حكمت لوائح اللعب النظيف عليهم بالمركز الثاني خلف مصر ليصطدموا في مباراة ربع نهائي بالمنتخب المغربي في دربي ملحمي حكمت عليه ركلات الترجيح لصالح الخضر، لكن الصعاب لم تبتعد عن مسار الجزائر لتجد نفسها بمواجهة أخرى من العيار الثقيل أمام مستضيف البطولة وبطل آسيا المنتخب القطري، ليحسمها الجزائريون بشكل درامي في الدقائق الأخيرة بسيناريو مجنون، ويبقى السؤال الأهم هنا، هل ستظفر تونس بلقبها الثاني عربيًّا، أم سيرفع محاربو الصحراء الكأس للمرّة الأولى في تاريخهم؟

 

اقرأ/ي أيضًا:  

بهدف قاتل أتى من نيران صديقة.. تونس تطيح بمصر خارج كأس العرب وتبلغ النهائي

ضربوا موعدًا مع نسور قرطاج.. محاربو الصحراء إلى نهائي كأس العرب