انتقدت الكاتبة جوزفين فاليسكي موقف اليسار الألماني من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، منذ 132 يومًا، وصمته إزاء القمع الذي يتعرض له المتضامنون مع غزة، من الفلسطينيين أو المتعاطفين معهم، من قِبل الحكومة الألمانية.
وأبدت، في مقال رأي نُشر في موقع "ميدل إيست آي"، اليوم الخميس، استغرابها من أن التظاهرات التي خرجت مؤخرًا في جميع أنحاء ألمانيا ضد اليمين المتطرف، وتحديدًا ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا"، المعادي للأجانب، قد تجاهلت بشكل صارخ واقع الفلسطينيين والمتضامنين معهم في ألمانيا.
وقالت إن تلك التظاهرات التي خرجت عقب ما كشفته إحدى وسائل الإعلام الاستقصائية بشأن اجتماع بعض السياسيين اليمينيين المتطرفين مع نازيين جُدد لمناقشة خطة للترحيل الجماعي للأجانب والألمان الذين يُعتبرون غير ألمانيين بما فيه الكفاية؛ غاب عنها التعبير الواضح عن التضامن مع الأشخاص الأكثر تعرضًا للعنصرية في الوقت الحالي: الأشخاص الملونون الذين يتضامنون مع الفلسطينيين.
إذا كان اليسار الألماني يرغب حقًا في تجديد نفسه، فعليه التخلص من خوفه ونفاقه واتخاذ موقف قوي من أجل حرية الشعب الفلسطيني
ولفتت إلى أنه بينما جرى التأكيد على أن معاداة السامية هو أحد أشكال العنصرية، فإنه لم يتم ذكر "الإسلاموفوبيا" على الرغم من أن المسلمين، إلى جانب المهاجرين السود والملونين، هم الأهداف الرئيسية لحزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يؤيد "إسرائيل" بشدة.
وأوضحت أن الساسة والمسؤولين الألمان الذين تظاهروا ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" بسبب عنصريته ضد الأجانب، هم في الواقع يتبنون سياساته العنصرية ضد الفلسطينيين وإن بشكل مخفف، ما يُظهر أن موقفهم المناهض للعنصرية هو مجرد كلام. وكان الحزب قد طالب بوقف المساعدات الإنسانية لفلسطين، وترحيل النشطاء المتضامنين مع غزة.
وبينما قالت إن الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للعنصرية كانت موجهة نحو استرضاء اللوبي الإسرائيلي، وتمييز نفسها عن الاحتجاجات الأخيرة المؤيدة لفلسطين؛ أكدت أن ما سبق يسلط الضوء على مشكلة أوسع بكثير داخل اليسار الألماني: "فهو ليس لديه موقف واضح بشأن فلسطين".
وأضافت: "قد يكون مرد ذلك إلى الفكرة الخاطئة القائلة بأن الذنب الداخلي بشأن المحرقة من الممكن أن يُبرّأ على نحو ما من خلال الدعم غير المشروط لإسرائيل، أو لأن التحدث علنًا باسم الفلسطينيين في المناخ الألماني الحالي يعني الإلغاء الفوري".
واستعرضت فاليسكي في مقالها مواقف بعض الناشطين اليساريين الرافضة للحرب على غزة، والتي بيّنت أنها ظلت مواقف فردية، إذ سارعت الأحزاب التي ينتمي إليها هؤلاء إلى النأي بنفسها عن مواقفهم، والتأكيد على أنها فردية.
واستعادت في سياق حديثها مقولة للناشطة الماركسية روزا لوكسمبورغ: "الشيء الأكثر ثورية الذي يمكن للمرء أن يفعله هو أن يعلن دائمًا بصوت عال ما يحدث"، ثم قالت: "إذا كان اليسار الألماني يرغب حقًا في تجديد نفسه، فيتعين عليه أن يستجيب لنداء لوكسمبورغ، وأن يتخلص من خوفه ونفاقه، ويتخذ موقفًا قويًا من أجل حرية الشعب الفلسطيني".
وأكدت كذلك أنه بعد الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، لم تعد هناك أي أعذار، ومن لا يتخذ موقفًا واضحًا ضد تصرفات "إسرائيل"، فإنه يوافق بصمت على الإبادة الجماعية المستمرة.