01-أبريل-2017

قوات أمريكية بالقرب من منبج (Getty)

استعاد نظام الأسد وأركان قيادته الذين يشرفون على العمليات العسكرية بالتنسيق مع الدول الداعمة له ضد المواقع التي تسيطر عليها فصائل المعارضة بعضًا مما فقده من نفوذ على الساحة الدولية خلال السنوات الفائتة، وذلك بعد إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة عدم تركيزها على إزاحته من منصبه، وأنّ جهودها تنصب في الوقت الحالي على القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية".

تصريحات الإدارة الأمريكية حول عدم تركيزها على إزاحة الأسد حاليًا جاءت بمثابة المنقذ لقواته التي شهدت انهيارًا في ريف حماة

أتت هذه التصريحات الأخيرة رغم أنه لم يصدر عن نظام الأسد ما يدعمها، بمثابة المنقذ لقواته التي شهدت انهيارًا منذ 11 يومًا تقريبًا في ريف حماة عندما بدأت فصائل المعارضة بالاشتراك مع هيئة "تحرير الشام" عملية عسكرية جعلتها تبتعد مسافة 2 كم عن أسوار مدينة حماة التي نفذ فيها نظام الأسد الأب مجزرة عام 1982 خلفت آلاف القتلى والمعتقلين والمفقودين.

اقرأ/ي أيضًا: التشبيح البرلماني من تونس إلى سوريا

وقد سارع نظام الأسد عقب التصريحات الأمريكية الأخيرة إلى تصحيح موازين القوى في ريف حماة، مستهدفًا القرى والمدن التي تقدمت إليها المعارضة السورية بالأسلحة المحرمة دوليًا، كما استطاع نظام الأسد أن يجعل الفصائل المشاركة في العملية تنسحب مسافة 11 كم، وسط قصف عنيف على نقاط الاشتباك، في الوقت الذي يشهد شرق العاصمة دمشق اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات نظام الأسد، وتردد عن قصف الأخيرة لحي "القابون" الدمشقي بصاروخ يحوي غازات سامة قبل يوم واحد.

حديث الإدارة الأمريكية الأخير الذي لاقى نقدًا من الأطراف الدولية الداعمة للمعارضة السورية، استبقه المتحدث الرسمي باسم "قسد"، طلال سلو، حين أعلن قبل أيام في حوار مع صحيفة "الوطن" الموالية لنظام الأسد عن موافقتهم على اشتراك قوات الأسد في عملية استعادة مدينة الرقة من "تنظيم الدولة"، واصفًا إياها بـ"بالقوة الوطنية".

وفي الوقت الذي كانت التقارير تشير إلى أن العملية من الممكن أن تكون بالاشتراك بين التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وفصائل الجيش السوري الحر المشاركة في عملية "درع الفرات" بدعم تركي، أعلن التحالف الدولي عن تنفيذه عملية إنزال جوي لجنود أمريكيين قرب مدينة "الطبقة" ومقاتلين من "قسد"، ما أجهض الجهود التركية التي بدأت عملياتها العسكرية في الشمال السوري في 24 من آب/أغسطس الفائت.

وسمح المشهد السياسي الداخلي التركي نتيجة عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية منتصف الشهر الجاري، والأزمة الدبلوماسية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وما يرافقها من انتخابات برلمانية ورئاسية في عدد من الدول الأوروبية، من استعادة الولايات المتحدة لدورها في الأزمة السورية عسكريًا، بعد أن تركت روسيا تقود المفاوضات مع المعارضة السورية في جنيف، والتي تشهد انقسامًا فيما بينها بدخول منصتي "موسكو" و"القاهرة" المقربتين من روسيا.

ولتدارك التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدها الشمال السوري، أعلنت الحكومة التركية انتهاء عملية "درع الفرات" بنجاح على حد وصفها، مؤكدةً أن أي عمليات جديدة داخل سوريا ستكون تحت اسم مختلف. ويظهر من تصريحات المسؤولين الأتراك أن أنقرة تريد حاليًا تركيز جهودها على عملية الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، التي من المتوقع في حال نجحت أن تجعل منها رقمًا صعبًا في منطقة الشرق الأوسط أكثر من السابق، وسيكون لها دور بارز في عملية استعادة الرقة.

اقرأ/ي أيضًا: غازي دحمان.. سوريا من كازينو نظام الأسد إلى الثورة

أما الولايات المتحدة فإنها رأت في الهجوم الأخير الذي نفذته جبهة "فتح الشام"، قبل أن تعلن اندماجها ضمن تحالف هيئة "تحرير الشام" مع عدد من الفصائل المتشددة، على مقرات لفصائل المعارضة المشاركة في اجتماعات العاصمة الكزخية أستانا، أن "قسد" تلبي طموحاتها حاليًا في حربها ضد التنظيم، خصوصًا أن هجوم الجبهة أسفر عن استيلائها على أسلحة وذخيرة أمريكية كانت الفصائل حصلت عليها خلال فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، إضافة لانشقاق عدد من الكتائب مع عتادها العسكري عن فصائل المعارضة وانضمامها لتحالف الهيئة.

ترى الولايات المتحدة أن "قسد" تلبي طموحاتها حاليًا في حربها ضد داعش

كما أن قوات نظام الأسد قد أصبحت أكثر قربًا بحسب الخارطة العسكرية من مدينة "الطبقة" بسيطرتها على "دير حافر" شرقي حلب، إضافة إلى أنها أصبحت على تماسٍ مباشر مع القوات الأمريكية المتواجدة في مدينة "منبج" المسيطر عليها من "قسد" بقيادة القوات الأمريكية، وهي تستغل التوتر الأخير في العلاقات الروسية-التركية لصالحها حتى تكون طرفًا في التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة". وهنا علينا ألا نتجاهل الدور الروسي في سوريا بالعموم، وتواجدها إلى جانب قوات النظام، أو الأحاديث المتداولة عن إجرائها تدريبات عسكرية لمقاتلين من "قسد".

والواضح أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، تسعى في ظل الانتقادات الداخلية التي تتعرض لها لأن تحرز انتصارًا على ما يعرف بـ"مكافحة الإرهاب" لتخفيف حدة الاحتقان الشعبي ضدها، ما دفعها لتكثيف عملياتها ضد "تنظيم الدولة"، سواء في مدينة الموصل العراقية أم الرقة السورية، متجاهلة حجم الأضرار الناجمة عن القصف العشوائي لمقرات التنظيم أو التحذيرات عن حجم الكارثة الإنسانية في حال انهار سد "الطبقة" الذي يشهد محيطه قصفًا عنيفًا من مقاتلات التحالف.

لذا لن يكون غريبًا أن نشهد خلال الأيام القادمة مشاركة لقوات نظام الأسد، بقيادة العقيد سهيل الحسن، المعروف بـ"النمر" والمتهم بارتكاب جرائم حرب، في عملية حصار "الطبقة"، ولاحقًا التقدم إلى مدينة الرقة، ما دام نظام الأسد قد حصل على حماية آنية من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبعد أن نجحت محاولاته في استمالة النواب الأوروبيين اليمينيين الذين استضافهم خلال الأشهر الفائتة في العاصمة دمشق.

اقرأ/ي أيضًا:

الأسد يستنجد بروسيا لحمايته من إسرائيل

هل تبتلع القاعدة فصائل المعارضة السورية؟