21-أبريل-2018

تواجه قناة "روسيا اليوم" في بريطانيا 7 تحقيقات في نزاهتها (لليا بيتاليف/Sputnik)

في تطور آخر لقضية قناة روسيا اليوم /آر تي لندن، وجدت القناة الممولة من الكرملين، نفسها أمام سبع تحقيقات جديدة في لندن، حول نزاهتها، بعدما رصدت "أوفكوم"، الجهة البريطانية المعنية بإعطاء تراخيص البث في الداخل البريطاني ومراقبة محتواه ومعايره، زيادة في المواد غير الموضوعية على القناة، منذ محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق، سيرغي سكريبال، وابنته، في بريطانيا قبل عدة أسابيع.

في تطور تصعيدي تواجه قناة "روسيا اليوم" بلندن سبع تحقيقات جديدة حول عدم  التزامها بقوانين الحيادية والنزاهة

وقالت أوفكوم، إنها راقبت "آر تي لندن" بشكل مكثف، وهي تدرس الآن عددًا من الحالات التي يمكن أن تكون القناة قد انتهكت فيها قواعد الحياد والنزاهة في محتوى البث. مؤكدة أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع الحالات مرتبطة بمحاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج السابق.

اقرأ/ي أيضًا: حرب "روسيا اليوم" في لندن.. ورطة إعلام الكرملين في الأطلسي!

صفيح العلاقات المتوترة الساخن

المعركة التي بدأت ساخنة لا يبدو أنها تتجه إلى الهدوء، بل إلى مزيد من التصعيد، ففي أعقاب محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج سكريبال، استنتج مسؤولو الاستخبارات البريطانية، أنه من المحتمل جدًا أن تكون روسيا المسؤولة الأولى عن الهجوم، بعد أن أكدت الاستخبارات البريطانية أنه تم اختبار غاز الأعصاب أولًا قبل استخدامه في محاولة الاغتيال، كما ذكرت صحيفة الغارديان في وقت سابق من هذا الشهر. 

وأكدت معلومات حصلت عليها الصحيفة البريطانية، أن روسيا اختبرت ما إذا كان يمكن استخدام مقابض الأبواب لتوصيل غاز الأعصاب، كما أنها استهدفت حسابات البريد الإلكتروني لسكريبال منذ عام 2013، وفقًا لمعلومات سرية سابقة على محاولة اغتيال سكريبال.

اللهجة الرسمية التي اتسمت بالحدة، كانت متبادلة بين الطرفين، ففي أعقاب محاولة الاغتيال مباشرة، كانت هناك نداءات من أعضاء البرلمان البريطاني من أجل إيقاف بث قناة روسيا اليوم، ووصف توم توغندات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم بالبرلمان، قناة روسيا اليوم، بأنها "قناة عميلة ومعادية، وتقوم بشن حرب المعلومات على البلاد".

وفي واحدة من التطورات المهمة في أعقاب الإعلان عن تورط روسيا في محاولة الاغتيال المذكورة، طردت بريطانيا 23 ديبلوماسيًا روسيًا من أراضيها، لترد روسيا في المقابل بطرد نفس العدد من البعثة الدبلوماسية البريطانية في روسيا.

ولكن بريطانيا التي شعرت بالتهديد لأمنها قومي، ورئيسة وزرائها تريزا ماي، التي وجدت أنها فرصة مواتية لتعزيز موقفها السياسي المهزوز، لم تكتف بالطرد الدبلوماسي، وإنما دعت من أسمتهم "شركاءها" للتضامن معها. 

منذ 2012، رصدت هيئة أوفكوم البريطانية المختصة، ما لا يقل عن 15 مخالفة للمعايير الإعلامية من قبل قناة "روسيا اليوم" في بريطانيا

وبالفعل، كانت الاستجابة سريعة، إذ قامت 20 دولة بطرد العشرات من الدبلوماسيين الروس من أراضيها، فيما أسمته ماي بـ"أكبرعملية طرد جماعي لضباط المخابرات الروسية في التاريخ". وكانت تقصد تسمية الدبلوماسيية بضباط المخابرات الروس.

اقرأ/ي أيضًا: "روسيا اليوم".. صناعة الوهم البوتيني

وفي سياق الرد والرد المقابل بين روسيا وبريطانيا في قضية سكريبال، اتهم السفير الروسي في بريطانيا، من خلال مؤتمر صحفي، الشرطة البريطانية بإتلاف وتدمير أدلة تتعلق بمحاولة الاغتيال. وقال السفير، إن "الحكومة البريطانية لم تقدم بعد أي دليل يدعم موقفها الذي يؤكد روايتها الرسمية"، مضيفًا: "لدينا  الانطباع بأن الحكومة البريطانية تقوم عن عمد  بتدمير كل الأدلة الممكنة".

روسيا تستثمر الإدانة سياسيًا وإعلاميًا

وبالعودة إلى قضية قناة روسيا اليوم في لندن، فتحاول روسيا جاهدة أن تُظهر التصرفات البريطانية تجاهها بأنها "عدائية وغير مبررة" وأنها "تستهدف حرية الصحافة والتعبير في الداخل البريطاني".

لولا أن قضية اتهام "روسيا اليوم" في بريطانيا بعدم الحياد والنزاهة، قديمة، تعود لأعوام مضت، فمنذ عام 2012، رصدت أوفكوم أكثر من 15 مخالفة من القناة للمعايير، وهو رقم تعتبره أوفكوم غير عادي من قناة واحدة.

ووجدت أوفكوم أن معظم الخروقات والمخالفات تتعلق بتغطية الحرب في أوكرانيا وسوريا، منها على سبيل المثال لا الحصر، في إحدى البرامج التي بثت على شاشة القناة في آذار/مارس 2014، تضمن البرنامج اتهامًا لشبكة "بي بي سي"، بتحرير مقابلة مع طبيب سوري لتحريف تعليقاتها حول معاملة ضحايا هجوم وقع في تلك الفترة، وهو ما اعتبرته أوفكوم "تحديًا" لمعاييرها.

من جهتها، استخدمت "روسيا اليوم" التشكيك في حيادها ونزاهتها، بشكل مقلوب، بتوجيه الانتقادت للحكومة البريطانية، بأنها تحاول "إسكات صوتٍ معارض" كأنها قناة محلية بريطانيا تعنى بالشأن الداخل!.

 وفي العام الماضي، أنفقت روسيا مئات الآلاف على الحملات الإعلانية، التي غطت وسائل النقل البريطانية، حيث سخرت ملصقات الدعاية من قكرة التدخل الروسي في شؤون الدول الغربية، واقترحت على الجمهور، متابعة قناة "روسيا اليوم" لمعرفة "الحقيقة". وقد قدرت تكاليف تلك الحملة بـ310 ألف جنيه إسترليني.

عملت روسيا على الاستثمار في الاتهامات الموجهة لـ"روسيا اليوم"، بالترويج لكونها مساعٍ بريطانيا لاستهداف "حرية الصحافة والتعبير"

وتجدر الإشارة في خضم كل هذا، أن جمهور "روسيا اليوم" في بريطانيا، يعد ضعيفًا جدًا، إذ لا تتخطى نسبته 1% من إجمالي المشاهدات البريطانية للقنوات التلفزيونية، لكنها في المقابل تحظى بحضور نشط عبر الشبكة المعلوماتية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرب التشريعات بين روسيا والولايات المتحدة.. ووسائل الإعلام هي الضحية

"روسيا اليوم" أسوأ منها في الأمس