في واحدة من أقوى مواجهات الموسم الأوروبي، يستضيف نادي آرسنال الإنجليزي نظيره باريس سان جيرمان الفرنسي على ملعب الإمارات في لندن، ضمن ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
اللقاء يحمل طابعًا خاصًا لكلا الفريقين، إذ يبحث كل منهما عن كتابة فصل جديد في تاريخه عبر التأهل إلى نهائي البطولة الأهم على مستوى الأندية، وربما التتويج الأول في تاريخهما.
يدخل الفريقان المباراة بمعنويات عالية، ويطمحان لبلوغ النهائي الثاني في تاريخهما، حيث لم يسبق لأحد منهما التتويج باللقب
آرسنال يدخل المباراة وهو في قمة معنوياته بعد انتصار مذهل على حامل اللقب ريال مدريد بنتيجة 5-1 في مجموع مباراتي ربع النهائي. الفريق اللندني لم يعرف طعم الخسارة على أرضه في آخر 17 مباراة أوروبية، ما يجعل ملعب الإمارات سلاحًا حاسمًا في يد المدرب ميكيل أرتيتا الذي يعيش واحدة من أفضل فتراته منذ توليه المسؤولية. الفريق قدم أفضل مستوياته هذا الموسم، ليس فقط فنيًا، بل ذهنيًا وتنظيميًا، وكان الفوز على ريال مدريد بمثابة إعلان عن الجاهزية الحقيقية للذهاب حتى النهاية.
أرتيتا أكد خلال المؤتمر الصحفي عشية المباراة أن ما يقدمه الفريق هو أكثر من مجرد أداء جيد، بل هو بناء لتاريخ جديد، موضحًا أن اللاعبين يشعرون بأنهم قادرون على مواجهة أي منافس، وهو ما ظهر في الروح التي لعبوا بها ضد ريال مدريد وفرق كبرى أخرى. وأشار المدرب الإسباني إلى أن الفريق لم يأتِ فقط ليحتفل بالوصول إلى نصف النهائي، بل يطمح للذهاب إلى ما هو أبعد، معتبرًا أن الحلم لا يزال حيًا ويمكن تحقيقه.

على الجهة الأخرى، وصل باريس سان جيرمان إلى نصف النهائي مدججًا بالخبرة والطموح. الفريق الفرنسي أقصى في طريقه اثنين من كبار الدوري الإنجليزي، ليفربول وأستون فيلا، ويبدو أن المدرب لويس إنريكي نجح في خلق فريق أكثر تماسكًا مما ظهر في بداية الموسم، مؤكدًا في تصريحاته أن مواجهة تشرين الأول/أكتوبر الماضي التي خسرها فريقه أمام آرسنال 2-0 ضمن مرحلة الدوري أصبحت من الماضي، وأن باريس الآن فريق أكثر نضجًا وعمقًا. إنريكي شدد على أن التفاصيل الصغيرة هي من تحسم مثل هذه المباريات، خاصة على مستوى الضغط الذهني والتعامل مع لحظات التوتر.
كلا الفريقين لم يسبق لهما الفوز بلقب دوري الأبطال، وكلاهما سبق أن وصل للنهائي مرة واحدة، لكنه فشل في نيل اللقب، مما يضفي بعدًا نفسيًا إضافيًا على المباراة. فالتاريخ لا يضغط على أحد بقدر ما يثير الطموح. لدى آرسنال جيل شاب وجائع بقيادة ساكا ومارتينيلي وأوديغارد، بينما يعتمد باريس على نجومه المتألقين بقيادة ديمبلي وكفاراتسخيليا والحارس جانلويجي دوناروما، الذي سيكون تحت الأضواء مجددًا بعد الانتقادات التي طالته مؤخرًا بسبب سوء تعامله مع الكرات الثابتة والعرضيات، وهي نقطة ضعف واضحة قد يستغلها آرسنال الذي يعد من أقوى الفرق الأوروبية في هذا الجانب.

مواجهة الأجنحة قد تكون أيضًا عنصرًا حاسمًا، حيث يتوقع أن يشكل ساكا ومارتينيلي تهديدًا حقيقيًا لدفاع باريس الذي سيحتاج لتوازن كبير بين الهجوم والدفاع، خصوصًا مع ميل أشرف حكيمي ونونو مينديز للتقدم نحو الأمام.
الإصابات والإيقافات قد تلعب دورًا في تشكيل الفريقين، إذ يغيب توماس بارتي عن آرسنال بسبب الإيقاف، بينما لا تزال الشكوك تحوم حول جاهزية بن وايت وميكيل ميرينو. في المقابل، يدخل باريس اللقاء بصفوف شبه مكتملة من دون غيابات مؤثرة، على الأقل حتى الآن.

المباراة ستكون أكثر من مجرد صراع كروي، هي لحظة إثبات نجاح مشروع، واختبار صبر جماهير، ورغبة في تحطيم الحواجز النفسية. آرسنال يسعى لتكرار ما فعله في 2006 حين وصل للنهائي للمرة الوحيدة في تاريخه، بينما يريد باريس سان جيرمان التخلص من عقدة الفشل المتكرر في دوري الأبطال، حيث نجح في الوصول إلى نهائي 2020 وخسر أمام البايرن.