08-فبراير-2016

جلول يزور مدرسة في منطقة معوزة(فيسبوك)

لا يلبث وزير التربية والتعليم التونسي إلا فترة، ثم يفاجئنا بقرار جديد أو بلفتة إنسانية للتلاميذ في القرى النائية. يتنقل الوزير دائمًا، ويتفقد المدارس والمطاعم ويتفاعل مع شكاوي الأولياء. عرفنا ناجي جلّول، خاصة، خلال احتدام المعركة الانتخابية بين نداء تونس والنهضة، في المنابر الإعلامية، وكان وقتها الناطق الرسمي باسم الحداثة والمحافظة على النمط التونسي، وهو المحسوب على التيار الذي يحاول إحياء التراث البورقيبي، ضدّ موجة التأصيل الدخيلة على تونس وتنامي التيار السلفي.

في ظاهره، يحمل عمل وزير التعليم التونسي مشروعًا تنويريًا، على غرار بعض القرارات كإنشاء نوادٍ ثقافية في المدارس لمكافحة التطرف والعنف

كان الأداء الإعلامي لجلول منحازًا للحريات والديمقراطية، وفي هذا السياق، انتقد حركة النهضة، الحزب ذا المرجعية الدينية ورئيسها بشكل قاس، خلنا إثره أن لا لقاء سيجمع بين "المتطرف الحداثي" والمحسوب على اليسار وبين أبناء حركة النهضة، لنفاجأ بصورته مع شيخها مباشرة قبل إعلانه وزيرًا.

ثم عرفنا جلول في موقعة المعلمين، إذ تمّ في عهده معالجة ملف إضرابات الأساتذة والمعلمين، خلال السنة الدراسية الماضية، بجملة من الإجراءات كان أهمها: إلغاء امتحانات الثلاثية الثالثة وإقرار ارتقاء جميع التلاميذ آليًا، إضافة إلى اقتطاع أيام الإضراب من أجور المعلمين. الغريب هنا أنّ وزير التربية والتعليم يأتي من خلفية يسارية ونقابية وعرف في عهد "الترويكا" بمعارضته للحكومة ودفاعه الشرس عن منظمة الشغيلة في تونس، والتي خاض من أجلها عديد المعارك آنذاك ووجد في اليساريين والنقابيين أفضل حاضنة له.

في ظاهره، يحمل عمل جلّول، في صلب الوزارة، مشروعًا تنويريًا، على غرار بعض القرارات المهمة كإنشاء نوادٍ ثقافية في المدارس والمعاهد لمكافحة التطرف والعنف في الأوساط المدرسية، لكن عرفت بعض قراراته الأخيرة تسرعًا ممّا أثار الاستغراب الذي وصل إلى السخرية والاستهجان من قبل التلاميذ والإطارات التربوية.

أعلن وزير التربية التونسي عن إلغاء احتساب نسبة 20% من المعدل السنوي لطالب الباكالوريا (الثانوية العامة) ضمن المعدل النهائي وذلك انطلاقًا من السنة الدراسية القادمة 2016/2017، مؤكدًا أن الوزارة لن تتراجع عن تفعيل هذا القرار. وبالنسبة للامتحانات الوطنية، أوضح ناجي جلول أنه سيتم إعادة تفعيل مناظرة السادسة أساسي، امتحان قديم في تونس وكان شرطًا للمرور إلى المرحلة الإعدادية، إضافة إلى إقرار إجبارية مناظرة التاسعة أساسي، كما سيتم، حسب جلول، إلغاء الأسبوع المغلق، الذي تجري فيه الامتحانات الرئيسية للتلاميذ، وإلغاء العمل بنظام الثلاثيات في التدريس الأساسي والثانوي وتعويضه بالسداسيات وتقليص فترة العطل، وكلها قرارات لم تحظ بالإجماع أبدًا. أثارت هذه القرارات، التي لم يسبقه إليها أي وزير تعليم آخر، غضب التلاميذ الذين احتجوا وأضربوا دون أي تغيير من قبل الوزير. "انتهى الأمر"، هكذا علق الوزير ولم يتحدث عن أي تراجع قيد أنملة.

"ستنطلق الدروس على الساعة السادسة صباحًا لكل تلاميذ المرحلة الابتدائية"، الأمر ليس نكتة بل آخر قرارات وزير التربية والتعليم في تونس، تمّ تداوله مؤخرًا في وسائل الإعلام التونسية ليثير موجة من السخرية في صفوف الأولياء والمعلمين وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، هكذا أصبح أداء جلول مادة جيّدة للتندر ومدعاة للتسلية، في انتظار أن يلمس المواطن التونسي أثر هذه التغييرات على التلميذ التونسي في قادم السنوات. 

اقرأ/ي أيضًا:

التوظيف السياسي للمدارس.. مجددًا في تونس

تلاميذ تونس..بين ضغط النقابات وقرارات الوزير