04-ديسمبر-2015

ثائر معروف/ سوريا

منتصف الصحو

كأن تقول: لا تنذر نفسك للوصايا
ثم لا تلتفت إلى طفل يسخر منك:
أليست هذه وصية أيضا!؟

لم عبرت من الشارع الخاوي؟ 
عندما عبرت من هناك لم يعد كذلك!!

هذا الدرب لا يصل إلى بيتها
لكنني علّمته الوصول يومًا بعد يوم
فسرقها منِّي وأكمل طريقه.

عندما أنتبه لوحدتي
يزدحم في رأسي أصحابي الغائبون.

كأن أدوات التشبيه سكين مثلمة
نتخلص منها كلما وقعت بين أيدينا خطأ
كما في هذه الجملة!!

الحيرة أكثر وحشية من أن تقلم أظافرها
ثم تدعوها إلى حفل عشاء طرف الغابة.

المواعيد فضفاضة
طفل توبخه أمه فجرًا
يفتّش عن لعبة ألقاها في القمامة
يلقيها مرَّة أخرة بعد أن تقبله أمه عشاء.

المكان والزمان
شهود زور
حين يفتض الجندي عذرية الوردة
ويمضي دون أن يخنقه شذاها

كلما نمت
تستيقظ ملامحي التي أسحقها طول النهار.

 

رسالة من مجهول

أكتب رسالة وأضعها في صندوقي البريدي
ثم أقرؤها وأبكي
يشبه أن تصعد قمة الجبل وتعوي كذئب حزين
حسنًا.. أنت لا تدري هل هو يعوي لأنه حزين؟ لكن صوته يشير إلى حزن ما!
يشبه أن تنظر إلى حياتك مطولًا ثم تنام فتحلم أن يصيبك ما أصاب أصحاب الكهف،
تدغدغك ريشة التاريخ، وتصحو هازئًا من سذاجتك: كأن شيئًا سيتغيَّر لو أنني نمت ثلاثمائةٍ سنة وأزدادُ تسعاً!!!
يشبه أن تخرج إلى الطرقات العامة وتمشي كالمجانين، متذكرًا فورست جامب
لا هو يدري إلى أين يذهب ولا الطرقات تنتهي،
ثم تدرك فجأةً أنك متعب جدًا..
يشبه أن تضرب الحائط كل حين بقبضة يدك
(أحدنا لا بد أن يستسلم)
وأنت تدرك أن حائطًا لا يُهزم بقبضة اليد وحدها
هكذا.. 
باب تصفعه الريح جيئة وذهابًا.. 
ريح تصول في غرفتك.. فلا أنت تغلق الباب ولا تسنده مفتوحًا
حمار يدور حول عجلة.. 
نمر في السيرك.. 
قطيع غنم في مركز تجاري حديث.. 
ضحكة ماجنة وسط الجنازة!
جملة لا تحفظها في أغنية تحبها.. تدندنها كهرٍّ أحمق
بشبه أن تصفع نفسك وتتلوى من الألم
يشبه سيجارة تشعلها تحت المطر في حضرة البرد القارس
يشبه أن تغني بعد منتصف الليل.. والجميع نيام
يشبه ان تصمت وقت الكلام وأن تتكلم وقت الصَّمت
هكذا..
أوركسترا تعزف داخل رأسك كل لحظة نفس المقطوعة
صنبور مياه يتسرب منه الماء نقطة نقطة..
رائحة حريق تشمها في كل مكان
هكذا..
شيء يشبه أن تكتب رسالة.. 
وتضعها في صندوقك البريدي، ثم تستقبلها متفاجئًا، تقرؤها وتبكي 
كذئب حزين.

 

لا تشبه الحياة

في الليل لا ننام
في الصباح لا نستيقظ..

لا نذهب إلى أعمالنا
لا نرسل الصغار إلى المدرسة..

لا نأكل في فترة الاستراحة
لا نخرج في استراحة منتصف النهار..

لا تفقز قلوبنا عندما نقع في الحب
لا نقع في الحب..

لا نشتهي قتل الملل ومن نكرههم
لا نمتلك الوقت لنشعر بالملل
لا نملك من نكرهه ساعة القتل
نحن فقراء جدًا!!

لا سمك في البحيرات التي نعرفها
صناراتنا بالية
ندرك كل عشية أننا كنا الطعم
والصياد
والسمكة
ونندهش لكثرة الجياع حولنا..

نحترق بأغنية
وآذاننا من طين
نغدو صلصالًا هشًّا
تدهسه دبابةٌ سكرى
وتذروه الرياح في كل المحيطات..

نحن المراسيل التي تخرج بألف اتجاه
ولا تلتقي سوى للحظات في حقيبة ساعي البريد المتعب..

نهران من رغبة وحنين
تجففنا شمس الانتظار..

لا شيء مما نقوم به يشبه الحياة.

اقرأ/ي أيضًا:

شيزوفرينيا

القفص الأخير في مشهد الموت