30-يونيو-2019

تجنب قادة الدول في قمة العشرين أي حديث عن الصراعات السياسية أو حقوق الإنسان (نيويورك تايمز)

الترا صوت – فريق التحرير

انتهت السبت اجتماعات زعماء مجموعة العشرين التي استضافتها مدينة أوساكا على مدار اليومين الماضيين، بعقد اجتماعات بين زعماء الدول لإنهاء الخلاف حول قضايا دبلوماسية واقتصادية، دون أن يتم التطرق لمناقشة الصراعات السياسية، وقضايا حقوق الإنسان، بطريقة بدت منهجية.

جاءت تصريحات ترامب التي أشادت بوضع حقوق المرأة السعودية بعد يومين من مثول ناشطات سعوديات معارضات أمام القضاء السعودي بحسب ما أفادت مطلعة لوكالة رويترز، دون تهم واضحة

كما كان متوقعًا حذر البيان الختامي للقمة من انخفاض "النمو الاقتصادي" العالمي، وتزايد حدة التوترات التجارية والجيوسياسية، والحاجة لمزيد من العمل لمواجهة التحديات الطارئة الناجمة عن التجارة الإلكترونية وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، مشددًا على ضرورة "تأسيس بيئة تجارة واستثمار حرة ونزيهة وغير تمييزية وشفافة، ويمكن التنبؤ بها ومستقرة".

اقرأ/ي أيضًا: ترامب ينسحب من الاتفاق العالمي للهجرة: "لا يناسب سياساتنا"!

الولايات المتحدة.. عقدنا اجتماعات رائعة  

كان واضحًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أكثر الزعماء الذين حظوا باجتماعات واسعة بالنظر للأزمات الدبلوماسية التي تشهدها بلاده مع باقي دول مجموعة العشرين، إلا أن ترامب بدا أكثر تفاؤلًا بناء لوصفه الاجتماعات التي عقدها بـ"الرائعة"، وأشار إلى وجود "الكثير من الأشياء الإيجابية التي ستنتج عن هذه العلاقة".

وجاء اللقاء الذي عقده ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة، وهو اللقاء الأول بينهما منذ قمة هلسنكي في تموز/يوليو الماضي، ونتائج تقرير المحقق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الذي صدر في نيسان/أبريل الماضي، والذي خلص إلى أن ترامب أو أيًا من مساعديه لم يتآمروا أو يتعاونوا مع الحكومة الروسية في تدخلها بالانتخابات الأمريكية التي جرت عام 2016، وسط تشكيك عام بدقة هذا الاستنتاج.

وأرخت إجابة ترامب للصحفيين على سؤال متعلق بما إن كان سيثير القضية خلال اجتماعه مع بوتين على تفاصيل الاجتماع، ورد ترامب على الصحفيين بالقول: "نعم، بالطبع سأفعل ذلك"، قبل أن يوجه كلامه لبوتين بالقول مازحًا "لا تتدخل في الانتخابات من فضلك"، وهو ما أثار موجًة من الغضب بين السياسيين والدبلوماسيين الأمريكيين في واشنطن، فقد علق الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بالقول "لقد وضع (ترامب) في المنصب لأن الروس تدخلوا لصالحه".

وعلى وقع الأزمة الاقتصادية/الدبلوماسية بين بكين وواشنطن التقى ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ، ووفقًا لمقررات الاجتماع الذي أفضى عن إلغاء حظر بيع المنتجات لشركة هواوي الصينية فإنه كان إيجابيًا، وهو ما انعكس بشكل واضح في تصريحات ترامب الذي حاول أن يكون دبلوماسيًا على حساب حديثه المعهود في تصريحاته الصحفية.

فقد شدد خلال حديثه للصحفيين على أنه "سيكون شيئًا تاريخيًا إذا استطعنا التوصل لاتفاق تجاري عادل" مع الصين،  وأضاف معتقدًا أن الاجتماع سيكون "مثمرًا للغاية"، وأنه باستطاعة الصين وواشنطن "الاستمرار لفعل شيء سيكون هائًلا بشكل حقيقي".

وكان لافتًا خلال حضور ترامب للقمة الدعوة التي وجهها للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في تغريدة على تويتر دعاه خلالها للقائه "على الحدود/المنطقة منزوعة السلاح لمجرد مصافحة يده والقول مرحبًا"، الأمر الذي ردت عليه النائبة الأولى لوزير الخارجية الكوري الشمالي تشوي سون هوي بالقول إنها "ستكون فرصة مهمة أخرى لزيادة تعميق العلاقات الشخصية بين الزعيمين وتعزيز العلاقات الثنائية".

ويبدو أن ترامب سعى جاهدًا لمناقشة كافة القضايا الخلافية لواشنطن مع زعماء دول العشرين، والتي كان من ضمنها صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسي S-400 التي تريد أنقرة شراءها من موسكو، حيث وصف الصفقة بـ"المعقدة" خلال لقائه مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وأنحى باللوم على إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي وضع شروطًا أمام أنقرة لشراء منظومة الدفاع الجوي الأمريكي باتريوت، مشيرًا إلى أن واشنطن تناقش حلولًا مختلفة لتفادي الأزمة بين البلدين.

ولم ينحِّ ترامب اليابان التي تستضيف اجتماعات قمة العشرين من قائمة مطالبه، إذ شملها بعض من سياسة واشنطن الحالية في تعاطيها مع حلفائها، وهو ما عبر عنه ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، قائلًا بأنه أبلغه بأنه يجب تعديل المعاهدة الأمنية التي وقعتها واشنطن مع طوكيو عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية.

واعتبر ترامب أن المعاهدة "جائرة"، مشيرًا إلى ذلك بقوله: "إذا هاجم أحد اليابان فإننا نلاحقه ونخوض معه حربًا بأقصى قوة، أما إذا هاجم أحد الولايات المتحدة فلا يتعين عليهم فعل المثل"، وتلزم المعاهدة واشنطن بالدفاع عن طوكيو في حال تعرضت لهجوم مقابل توفير طوكيو قواعد عسكرية تستخدمها واشنطن لنشر قواتها في عمق آسيا.

روسيا.. سكريبال والليبرالية وابتسامة بوتين

خيمت ابتسامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه ترامب بعدما قال الأخير بالإشارة لمجموعة الصحفيين الذين كانوا يتواجدون في الغرفة التي التقيا فيها: "تخلص منهم.. تعبير (أخبار كاذبة) رائع، أليس كذلك؟ ليست لديكم تلك المشكلة في روسيا ولكنها لدينا"، في إشارة لما تفرضه السلطات الروسية من قيود على عمل الصحفيين المحليين والغربيين، لكن بوتين ظهر أكثر دبلوماسيًة عندما أجاب مبتسمًا: "لدينا أيضًا.. إنه الأمر ذاته".

وعلق بوتين على اجتماعه مع ترامب بالقول إن موسكو ستفعل كل ما في وسعها لتحسين العلاقات مع واشنطن، بعدما توترت نتيجة محاولات موسكو التوسعية بضم شبه جزيرة القرم إليها، وتقارير تدخلها بنتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأشار بوتين إلى أنه بحث مع ترامب قضايا تشمل التجارة ونزع السلاح، قبل أن يوجه دعوته لترامب لزيارة موسكو في أيار/مايو 2020 لحضور الاحتفال بمناسبة مرور 75 عامًا على هزيمة الجيش السوفييتي للنازيين في الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي رد عليه ترامب بأنه سيبحث "الأمر بجدية".

وأعادت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي مجددًا طرح حادثة تسميم العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال وابنته بغاز الأعصاب في سالزبري بإنكلترا العام الماضي، والتي تتهم موسكو بالوقوف وراءها مطالبًة موسكو بتسليم المشتبه بهم الروس إلى لندن، ووصف بوتين طلب ماي خلال الاجتماع بأنها "عبرت عن موقفها بأسلوب حاد بعض الشيء"، لكنه في حواره مع صحيفة فاينشال تايمز البريطانية أجاب على سؤال حول ذات القضية بالقول: "هذه القصة، كما نقول في بلادنا، لا تستحق خمسة كوبيك. أو حتى خمسة (جنيه) إسترليني في هذه الحالة".

وكان بوتين قد أثار موجًة من النقد على خلفية حديثه مع الصحيفة البريطانية حين قال إنه لم يعد من الممكن دعم الليبرالية، وأضاف أن "هناك بعض مكونات الليبرالية، مثل التعددية الثقافية، لم يعد لها فائدة"، ولم يوفر بوتين فرصته مع الصحيفة البريطانية لمهاجمة سياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المنفتحة إزاء قضية اللاجئين، وعبر عن معارضته لها بالقول: "تفترض (ميركل) أن المهاجرين يمكنهم القتل والسلب والاغتصاب دون حساب، لأنه ينبغي حماية حقوقهم كمهاجرين".

الصين.. بوادر لإنهاء الأزمة الدبلوماسية مع واشنطن

لأول مرة منذ اعتقال السلطات الكندية للمديرة المالية لشركة هواوي تكنولوجيز الصينية منغ وان تشو بناء على أمر اعتقال أمريكي، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو منذ تجميد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين نهاية العام الماضي، ولم تصل تقارير واضحة حول طبيعة اللقاء، إلا أن وكالة رويترز نقلت عن مسؤول ترجيحه فرص إجراء حوار مستقبلًا بين الطرفين في حال دعت الحاجة لذلك.

ودخلت الصين اجتماعات قمة العشرين بالتزامن مع عودة التظاهرات أمام مقر وزيرة العدل في هونج كونج احتجاجًا على مشروع قانون تسليم مشتبه بهم للصين كان يرغب البرلمان بتمريره، وأمل المتظاهرون في احتجاجاتهم إثارة القضية أو إدراجها على جدول أعمال القمة، لكن الموضوع كما يبدو لم يثر أي ضجة أو حتى تأثيرًا سلبيًا على حضور بكين التي بدت أكثر اهتمامًا بمواضيع التجارة والاقتصاد، بعد أن حذر بينغ من من أن مذهب الحماية الاقتصادية الذي تتبعه بعض الدول في إشارة لواشنطن "يحطم الاقتصاد العالمي".

وظهر أن الاجتماع الذي عقده بينغ مع نظيره الأمريكي ترامب يمكن وصفه بـ"الإيجابي"، فقد أثمر في نهاية المطاف عن توجه وزارة التجارة الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية لرفع اسم شركة هواوي الصينية من قائمة الشركات التي يحظر عليها شراء مكونات وتكنولوجيا من شركات أمريكية بدون موافقة الحكومة.

والخطوة الأمريكية الأخيرة اتجاه الصين تأتي بعد توتر العلاقات بين البلدين منذ الشهر الماضي، لكن ترامب ظهر أكثر انفتاحًا حين شدد على رغبته بإبرام اتفاق مع بكين "على نحو صحيح"، فيما علق مبعوث الخارجية الصينية لشؤون مجموعة العشرين على رفع حظر الشراء عن الشركة الصينية بالقول: "إذا نفذت الولايات المتحدة ما تقوله، فنحن نرحب بذلك بكل تأكيد"، ما يعطي انطباعًا أوليًا عن بوادر حل للأزمة الصينية-الأمريكية التي من الممكن أن تضرب بعصب الاقتصاد العالمي في حال استمرت.

تركيا.. صفقة S-400 في طريقها للحل مع واشنطن

تصدرت صفقة شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الجوي S-400 من موسكو جدول لقاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة مجموعة العشرين، مبديًا توقعه بأن تبدأ أنقرة بتسلم المنظومة اعتبارًا من الشهر القادم، والسبت قالت الرئاسة التركية في بيان صادر عنها إن ترامب أبلغ نظيره التركي أردوغان برغبته في حل الأزمة المتعلقة بشراء المنظومة الروسية دون إلحاق ضرر بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

وجاء بيان الرئاسة التركية بالتزامن مع تأكيد أردوغان على عدم فرض واشنطن عقوبات اقتصادية على أنقرة بسبب قرارها شراء المنظومة الروسية، وأضاف أردوغان في مؤتمر صحفي عقده في في اليابان أن تركيا تتوقع أن تتسلم مقاتلات F-35 الشبح من واشنطن رغم الخلاف حول صفقة المنظومة الروسية.

وشدد أردوغان خلال مؤتمره الصحفي على عدم "السماح بإزالة جريمة قتل (الصحفي السعودي جمال) خاشقجي، ووفاة الرئيس (المصري الأسبق) محمد مرسي المشبوهة من الأجندة الدولية"، مشيرًا إلى أن محاسبة كافة المسؤولين عن جريمة قتل خاشقجي من أعلى الهرم إلى أسفله، مهمة ذات أولوية تقع مسؤوليتها على عاتق المجتمع الدولي".

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا أولًا.. ما أهم ملامح إستراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترامب؟

السعودية.. ترامب يدافع عن صديقه ابن سلمان

على عكس دول مجموعة العشرين التي حاولت أن تظهر مرونًة في خلافاتها الدبلوماسية بالتوّصل لحلول ترضي الطرفين المتخاصمين، تصدّرت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول جموع الأسئلة التي وجهت للزعماء خلال لقائهم مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك بعد أقل من 10 أيام على صدور تقرير مقررة الأمم المتحدة أغنيس كالامارد الذي حمل ولي العهد السعودي مسؤولية مقتل الصحفي السعودي.

وخلال لقاء ترامب مع ابن سلمان الذي وصفه بـ"الصديق"، أثنى الرئيس الأمريكي على ولي العهد بالقول "لقد قمت بعمل رائع" فيما يبدو رسالة شكر على تنظيم البحرين لورشة المنامة التي ناقشت مخطط السلام من أجل الازدهار الاقتصادي لصفقة القرن، كما شدد ترامب على ما قامت به الرياض من تغييرات بخصوص الوضع الاجتماعي للمرأة السعودية.

وجاءت تصريحات ترامب حول حقوق المرأة السعودية بعد يومين من مثول ناشطات سعوديات أمام القضاء السعودي بحسب ما أفادت مطلعة لوكالة رويترز، وكانت المملكة قبل عام كامل قد اعتقلت 12 امرأة سعودية بعدما وجهن انتقادات للسلطات السعودية، فيما كان جزءًا من حملة قمع أوسع نطاقًا استهدفت المعارضة السعودية التي ضمت العشرات من النشطاء والمثقفين ورجال الدين ورجال الأعمال خلال العامين الماضيين.

 تصدّرت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول جموع الأسئلة التي وجهت للزعماء خلال لقائهم مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

ودافع ترامب عن صديقه ولي العهد السعودي حين تجنّب الإجابة عن سؤاله إن كان يريد مناقشة اغتيال خاشقجي خلال لقائه ابن سلمان، دون أن يسهو عن تقديره لمشتريات السعودية من المعدات العسكرية الأمريكية رغم تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على قرار يحظر بيع الأسلحة للرياض بسبب الانتهاكات التي ترتكبها قوات التحالف السعودي-الإماراتي في اليمن.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف تغيرت سياسة تركيا الخارجية بعد الربيع العربي؟