25-ديسمبر-2015

نتائج دراسية "كارثية" خلال الفصل الأول في ثانويات الجزائر(ألترا صوت)

لم تتوقع والدة إسلام أن يحصل ابنها على نتائج ضعيفة في الفصل الأول من السنة الأولى ثانوي خلال السنة الدراسية الحالية، نتائج لا تعكس الصورة التي تعودت عليها الأسرة لذلك التلميذ المواظب والمجتهد، وطرح والدا إسلام عديد التساؤلات بشأن "الحصاد" التربوي غير المتوقع في الفصل الأول.

أكدت نقابة مجلس ثانويات الجزائر التدني في مستوى التلاميذ في أغلب المواد التعليمية والشعب خلال الفصل الأول

أكدت نقابة مجلس ثانويات الجزائر هذا التدني في مستوى التلاميذ في أغلب المواد التعليمية والشعب خلال الفصل الأول وذلك في بيان لها، جاء فيه أن "النتائج كانت ضعيفة في أقسام السنتين الأولى والثالثة ثانوي وخاصة في مادتي الفرنسية والرياضيات تليهما مادة اللغة العربية".

وخلص مجلس ثانويات الجزائر، بعد دراسة اعتمدت على عينة من نتائج التلاميذ على مستوى ثلاثين محافظة، إلى أن "في السنة الأولى ثانوي يقدر متوسط معدل التلاميذ 7 من 20 بالنسبة للشعب الأدبية، فيما يرتفع إلى 9.8 من 20 بالنسبة لتلاميذ الشعب العلمية". نفس التقرير كشف أن 75% من تلاميذ السنة الأولى ثانوي لم يتحصلوا على المعدل (أي 10 من 20) في شعبة الآداب، والنتائج دون المتوسط بالنسبة للسنة أولى ثانوي للأقسام العلمية، إذ إن أكثر من 55% لم يتحصلوا على المعدل.

أما في السنة الثانية ثانوي فقد بلغ المعدل العام 10.5 من 20، وهو ما يعني أن 48% من تلاميذ السنة الثانية ثانوي لم يتحصلوا على المعدل. وفي السنة الثالثة، تم تسجيل معدل عام بـ8.2 من 20 وأكثر من 70% من التلاميذ دون 10 من 20.

وأرجعت النقابة ضعف هذه النتائج إلى ظاهرة الاكتظاظ التي تشهدها مختلف الأقسام في المدارس والثانويات الجزائرية، وهو ما ينعكس سلبًا على قدرة التلاميذ على الاستيعاب وإمكانية المعلم أو الأستاذ على إيصال المعلومة لجميع تلاميذ القسم، فضلاً عن كثافة البرامج، وغياب أساتذة لبعض المواد التعليمية، ناهيك عن الظروف الاجتماعية والصحية المزرية التي يزاول فيها التلاميذ دروسهم، بمنشآت مدرسية تفتقر للتهيئة غالبًا.

وفي هذا السياق الذي يمر به القطاع، دقت النقابة ناقوس الخطر لافتة النظر نحو نقطة هامة تتمثل في الغيابات المتكررة للتلاميذ، خصوصًا منهم المقبلين على امتحانات مصيرية نهاية السنة، كشهادة المتوسط وشهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) وهي النقطة التي فسرها الأساتذة بـ"تفضيل التلاميذ الاستفادة من الدروس الخصوصية عوض مزاولة الدراسة بالمدرسة الحكومية".

أما الأساتذة فتختلف بالنسبة لهم أسباب التدهور في النتائج خلال الفصل الأول من هذا العام، حيث أكد أستاذ الرياضيات بإحدى ثانويات العاصمة الجزائرية، لـ"ألترا صوت": أن "التلاميذ يجدون صعوبات في فهم الدروس وخاصة مواد الرياضيات والفيزياء والإنجليزية، والسبب الرئيس يتمثل في غياب التواصل بين ما درسه في مرحلة المتوسطة وما يدرسه في مرحلة الثانوية".

كما أشارت أستاذة اللغة العربية بمرحلة المتوسط إلى أن "الإضرابات التي شهدها القطاع السنة الماضية ساهمت في هذه "النتائج السلبية"، من خلال عدم إتمام الدروس وباعتبار أن التعليم مترابط بيداغوجيًا. وأضافت: "التعليم سلسلة إن ضاعت حلقة من حلقاتها أي (الدروس) انقطعت السلسلة، والمتضرر هو التلميذ".

ويبرر البعض من الأستاذة هذه النتائج السلبية بعدم اللجوء إلى البطاقة التركيبية، التي كان يعمل بها قبل سنوات. في هذا الإطار، ترى الصحافية كريمة قاسي، وهي متابعة للشأن التربوي، في تصريح لـ"ألترا صوت" أن "البطاقة التركيبية كانت عبارة عن محفز للتلاميذ للمواظبة يوميًا على التحصيل العلمي بل هي "القشة التي يتشبث بها التلاميذ" خاصة تلاميذ شهادة الباكالوريا، وشهادة المتوسط وشهادة الابتدائي أيضًا، كانت هذه البطاقة في وقت سابق تضم نقاطًا إضافية يمكنها إنقاذ التلميذ من الرسوب وهو ما يدفعه للعمل اليومي. ودعت قاسي إلى تفعيل هذه البطاقة من أجل تحسين التحصيل الدراسي، واهتمام التلاميذ بمواكبة الدروس والمواظبة على الحضور أيضًا.

كما أشارت المتحدثة إلى "إلغاء الامتحانات الشهرية بقرار وزاري وهي الامتحانات التي كان التلاميذ يجتازونها لتقييم مستواهم من طرف معلميهم نهاية كل شهر، والاكتفاء فقط بامتحانات رسمية نهاية الفصل وهو ما انعكس سلبًا على مردود التلاميذ واهتمامهم بالدراسة أيضًا".

أرجعت النقابة ضعف النتائج إلى ظاهرة الاكتظاظ وكثافة البرامج، وغياب أساتذة لبعض المواد، ناهيك عن الظروف التي يزاول فيها التلاميذ دروسهم

الوزارة وسياسة الحلول الفورية

أسئلة كثيرة يطرحها الآباء الذين فاجأتهم نتائج امتحانات الفصل الأول لأبنائهم المتمدرسين، والذين فسروا في المجمل ضعف النتائج بـ"قرارات وزارة التربية وتغيير المناهج".

وتحرص وزارة التربية على تبين أسباب هذه النتائج قبل أن يزداد الوضع تدهورًا في قطاع يضم أزيد من ربع مليون تلميذ، حيث قررت هيئة نورية بن غبريط، وزيرة التربية، فتح المؤسسات التربوية خلال العطل الفصلية أمام تلاميذ السنة النهائية في الطور الثانوي (تلاميذ الباكالوريا) وتنظيم دروس الدعم البيداغوجي وتحضير التلاميذ للامتحانات الرسمية، كما ألحت الوزيرة في لقائها بالنقابات التربوية على ضرورة ضمان وتنظيم حصص يؤطرها الأساتذة المعنيون بهدف الرفع من تحصيل التلاميذ ومنحهم فرص أكثر للنجاح واجتياز عقبة شهادة الباكالوريا.

وشددت وزيرة التربية الجزائرية على الالتزام بإجراء امتحانات استدراكية لتلاميذ السنوات الابتدائية وخاصة المتحصلين على معدلات ما بين 4 و4.99 من 10 فضلاً عن تلاميذ مرحلتي المتوسط والثانوي الحاصلين على معدلات بين 9 و9.99 من 20.

هل من حلول جذرية؟

يحاول كل طرف في المعادلة التربوية رمي الكرة في مرمى الآخر، غير أن الدكتور عبد القادر فضيل، وهو الباحث في قطاع التربية الجزائرية، يفسر هذه النتائج لـ"ألترا صوت" بأن "قطاع التربية في الجزائر أحد ضحايا السياسة"، معتقدًا أن الحل يجب أن يكون جذريًا.

كما عزا الدكتور فضيل، وهو صاحب كتاب "المدرسة في الجزائر حقائق وإشكالات" النتائج السلبية إلى عدم توجيه الحكومة الجزائرية جهودها إلى تغيير الوضع القائم والموروث عن الحقبة الاستعمارية نحو تحسين المنظومة التربوية، واكتفائها بتوسيع مجالات التعليم والمنشآت التربوية دون مراعاة عامل المستوى ومدى مواكبته للتطور البيداغوجي العالمي.

اقرأ/ي أيضًا: 

"المتوسط".. السنوات الأصعب عند التلميذ الجزائري

صيف الجزائر.. نقاش بـ"العامية"