23-أكتوبر-2015

السينما للجميع (Getty)

فئات معينة، قد لا تعني السينما شيئًا أكثر من كونها مجرّد شاشة عملاقة، يتربّع خلفها المشاهد، داخل غرفة تؤطرها جدران عملاقة. بينما كلّ ما يهتم به آخر هو الإتيكيت الذي يرافق الذهاب إلى السينما، من تناول "البوشار" إلى إمساك يد صديقته برومانسية مفرطة، من دون أن تلاحقه عيون الناظرين. وقد يعني مشاهدة الأفلام السينمائية "كل شيء" للمولعين بصناعة السينما، بغض النظر عن طبيعة المكان والأشخاص الذين يرافقونه في مشاهدة الفيلم. هناك من ينفصل عن الواقع ليعيش داخل عالم مبتكر، قائم على شخصيات وأحداث افتراضية.

هذه الفئة تقدّر جيدًا المادة السينمائية. ولا مانع عندها من قطع مسافات طويلة من أجل حضورعرض سينمائي. هذه الفئة هي التي راهن عليها المخرج اللبناني أديب فرحات عند إنشائه لنادي السينما اللبناني. نادٍ افتراضي انتقل من موقع فيسبوك الأزرق إلى الواقع. تساؤل بسيط في ذهن مخرج لبناني أودى به إلى السير بتجربة جديدة في لبنان.

الفكرة جاءت بعد عودة المؤسس من تونس حيث تعرف إلى نادي السينما هناك

وعلى الرغم من الانتشار الطفيف للنوادي السينمائية، إلا أنها تبقى عشوائية ومحصورة بالمحيط الصغير التي تقع فيه. كما أنها لا تهدف إلى خلق مكان تفاعلي يلتقي فيه محبو الأفلام، لاسيما الأفلام اللبنانية التي لم تأخذ حقها في دور السينما الكبرى. على عكس نادي السينما اللبناني. يقول أديب فرحات في حديث لموقع "ألترا صوت" إن فكرة نادي السينما اللبناني "جاءت بعد زيارتي إلى تونس والتعرف على نادي السينما التونسي، ورؤية العمل الذي يقوم به هذا النادي. ولأن لا وجود لنادٍ رسمي للسينما في لبنان في الوقت الذي بدأت معالم صناعة السينما اللبنانية تتفتح. لذا قمنا بالسير في هذه التجربة في ظل غياب دور دار السينما الوطنية اللبنانية من التسعينيات".

اقرأ/ي أيضًأ:  مهرجانات تونس.. الخروج إلى الحياة

وُجد نادي السينما اللبناني أو Lebanese Cinema club وهو مشروع "فرع" من مشروع أكبر يُدعى The Media Booth يديره فرحات. ويهدف نادي السينما اللبناني إلى دعم صناعة الأفلام اللبنانية وجمع محبي الأفلام مع مخرجيها. إذ لا يعرض النادي أي فيلم بدون موافقة مخرجه. ويركز النادي على حضور المخرج شخصيًا بعد موافقتهم المسبقة على عرض الفيلم، ووضع الجمهور مباشرةً أمام المخرج واستعراض الأخير لآرائهم حول الفيلم المعروض. وإن تعذّر حضور المخرج شخصيًا، فإن النادي يستضيف أحد الخبراء الفنيين أو التقنيين أومن أهل الاختصاص لإدارة الحوار بعد انتهاء عرض الفيلم. ولا يقتصر عرض النادي لأفلام سينمائية صُنعت على يد مخرجين محترفين، بل يتعدّاها إلى عرض أفلام لطلاب متدربين حيث استضاف النادي ستة أفلام لطلاب من الجامعة اللبنانية الدولية والجامعة اللبنانية.

قرأ/ي أيضًأ: السينما حلم يراود غزة

وتتجلّى الصعوبات بحسب فرحات في عدم وجود مكان مناسب من ناحية التقنيات لعرض الأفلام، وإن وُجد فتكلفة استئجاره تكلّف مبلغًا ماليًا كبيرًا. في الوقت الذي يعمل النادي بطريقة شبه مجانية. إذ تبلغ تكلفة  حضور الفيلم ألفين ليرة لبنانية فقط. وهي تكلفة رمزية بالمقارنة مع تكلفة حضور فيلم في دور السينما الكبرى حيث يبدأ ثمن البطاقة بأحد عشر ألف ليرة لبنانية. يشرح فرحات أن "انعدام المكان المخصص لعرض الأفلام يخلق حساسية لدى المخرجين الذين يحرصون على طريقة عرض ملائمة من ناحية الصوت والصورة، فهم يريدون ضمان إيصال عملهم للجمهور بالصورة الحقيقية. وهذا حق طبيعي لهم. لذا نسعى من أجل توفير مكان يلائم المحتوى السينمائي المعروض من ناحية، والجمهور الوافد لمشاهدة الأفلام من ناحية ثانية". أما المشكلة الثانية فتتلخص بعدم وجود معدات لأرشفة وتوثيق الأفلام بعد توفّر أرشيف مهم مكوّن من الأفلام اللبنانية والذي لا يتوافر أينما كان.

نادي السينما اللبناني الذي يديره أديب فرحات برفقة زملائه الثلاث محمد الحج، رنا فرحات ويحيا فداوي، بدأ التحضير لخطة عمل في العام المقبل تتضمن عرض أفلام كلاسيكية غير لبنانية، تكريمًا لمخرجين لبنانيين وتعاون مشترك مع أندية للسينما العربية إضافة إلى عرض أفلام بنفس التوقيت بين لبنان والدول العربية.

يوقن فرحات جيدًا أن مشروعه الذي بدأ كفكرة استحوذ على اهتمام الأشخاص ومحبي الأفلام

يوقن فرحات جيدًا أن مشروعه الذي بدأ كفكرة وسرعان ما تحوّل إلى حقيقة، استحوذ على اهتمام الأشخاص ومحبي الأفلام. وسيتحوّل يومًا ما إلى مشروع كبير. ولا سيما وأن برنامج العمل يتضمن التوسع في كافة المناطق اللبنانية وتعميم ثقافة أندية السينما اللبنانية، لما لها من أهمية في عرض أفلام مغيبة على الساحة السينمائية من جهة، وانفتاح الجمهور على صناعة السينما اللبنانية بغية الانطلاق بها بعيدًا. تجربة شابة بأحلامٍ كبيرة، لا بد أن تترك أثرًا إيجابيًا وتوفر فسحة لمحبي السينما الذين لا يجدون ضالتهم في الصالات التجارية الرتيبة.

اقرأ/ي أيضًأ:  هوليود.. رقابة فاشية