22-نوفمبر-2016

من عرض مليشيا وئام وهاب في الجاهلية (فيسبوك)

لم يأخذ اللبنانيون مشهد "سرايا التوحيد"، التي أطلقها الوزير السابق وئام وهاب على محمل الجد. لكنهم امتعضوا من المشهد ودلالاته. فهم وإن كانوا يرون في وهاب رجلًا آخر من أولئك الذين يتعاطون السياسة دون أن يلموا تمامًا بها، وينقل المواقف ويتبناها دون أن يشارك في صناعتها أو يؤثر في مجريات الحدث، رأوا في "تفريخ" مجموعات تشبه ما يسمى "سرايا المقاومة"، التي زرعها "حزب الله"، في عدد كبير من المناطق اللبنانية غير الشيعية، ما يهدد أمن مناطق إضافية ويجعلها رهينة ترهيب "القمصان السود".

"سرايا التوحيد" صورة مستنسخة عن "القمصان السود" يبذل وئام وهاب جهدًا في فرضها في بعض المناطق اللبنانية 

التناقضات التي شابت مشهد منطقة الجاهلية في جبل لبنان يوم الأحد الفائت، انعكاس لتناقض الصورة التي أرادها وهاب من قصره مهيبةً وحازمة، لكنها بدت صورة باهتة لاستعراضات مشابهة كان اختيار تسمية "سرايا" قد ربطها بها.

احتار وهّاب نفسه في أمر مجموعته التي لم تتبلور مهامها في رأسه بعد. فهي أولًا سرايا "التوحيد" أي تخصّ حزبه من جهة و"تجنّد" عناصر من الدروز ثانيًا، غير أنه أرادها على مستوى الوطن "وستعم كل القرى والمدن والمناطق". وهي أيضًا مدنية ورياضية لا تحمل السلاح ولم ترفعه في الاستعراض لكنها ستتصرف "دفاعًا عن النفس" فكيف سيكون لها ذلك؟.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان الوحيد.. لبنان العنيد

و"السرايا" إلى ذلك "ستدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية"، فهل ستكون الدولة بحاجة الى أشخاص مقنعين بالأسود لمؤازرتها؟.

أما اعتبارها جزءًا من "المقاومة في مواجهة أي عدوان إسرائيلي" و"جاهزة لملاقاة أي عمل تكفيري" (الوظيفة الأخيرة التي أسندها وهاب إلى "رجاله")، فهي "تحصيل حاصل" لأن ارتباط "سرايا التوحيد" ووهاب نفسه بمنظومة حزب الله وسلوكه وخطابه ليست بالأمر الخفي أو المحتاج للحفر كثيرًا في سبيل إثباته، بالتالي يجد وهاب نفسه مرتاحًا للتطبيل على ايقاع "المقاومة" تمامًا كما يرى حزب الله حربه في القصير وحلب، بعد أن لم تعد نحو الجنوب وما بعده.

ولعل ما خفّف من وهج "احتفال الجاهلية" وأضعف هالة من أسماهم وهاب بـ"الأحرار" أنه لم يأتِ بأي جديد. فوهّاب أو من كلفّهم بتنفيذ هذا الاستعراض استنسخوا بطريقة "كاريكاتورية" استعراضات "حزب الله" وفيها القفز بالحبال أو التخفي خلف الأسود. حتى أن شعار "لبيك يا سلمان"، الذي لفّه العناصر حول رؤوسهم كان استعارةً لشعار "لبيك يا حسين" الذي يخوض به "حزب الله" حروبه المذهبية في المنطقة.

بدت مجموعة وهاب "سرايا التوحيد" وكأنها تستلهم حضورها من استعراضات حزب الله، بشكل باهت

بدت هذه المجموعة التي تشبه "النينجا" في مظهرها وبالكاد قادرة على السير في "فعلها"، كقوة ضغط "فالصو" ولا وزن حقيقي لها في خطاب وهاب، الذي خصص الحيز الأكبر منه للحديث عن حقوق الدروز والحقائب الوزارية في الحكومة، التي يتم العمل على تأليفها.

بين ما ظهر وما جاهد رئيس حزب "التوحيد" لتظهره "سراياه" الجديدة، التي تزامن إطلاقها مع سقوط قتلى للحزب في سوريا، وأتى بعد دعوات وتحركات إلى تكريس الأمن الذاتي في المناطق، لم يحصل المشهد الذي بذل وهاب وحزبه الكثير لإعداده على الاهتمام المطلوب من اللبنانيين، خصوصًا أهالي الجبل، الذي "تقرّ عينه في رعاية الدولة وكنفها".

رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، غرّد بعد خطاب وهاب، الذي هاجمه فيه دون أن يسميه، كما وصّف ما جرى بـ "بعض الضجيج المختلق وسهام ورقية طائشة". وعلى غراره قرأ الأهالي في الجبل مشهد الجاهلية، فما قام به وهاب غير جدي، وهم في المقابل جديون بعدم السماح لأي أذن أو عين أو يد تنبت أو تدخل إلى مدنهم وقراهم تأتمر بغير الدولة اللبنانية.

اقرأ/ي أيضًا:

لبنان.. دولة الظّلال

"مايّو" كلينك وسماحة السيد