23-مارس-2016

وضعت خطّة النّفايات على سكّة التّنفيذ، بينما وضعت صحّتنا على شفير الهاوية(أنور عمرو/أ.ف.ب)

كادت مايا تفقد البصر، مع أنّ حالتها للآن لا تزال غير مستقرّة، بين تقارير طبّية تفيد بتضرّرٍ كبيرٍ في عينها، وتقارير أخرى تجزم أن الظّلام سيسكن عينها للأبد. ذنب مايا هو رفض الموت مسممّة، ومحاولة الاعتراض على جمهورية "سوكلين" وأختها "سوكومي".

بعد قرابة 8 أشهر على أزمة النفايات، قررت الحكومة اللبنانية اعتماد حلول مؤقتة وأعادت التعامل مع شركتي سوكلين وسوكومي رغم الاحتجاج الشعبي

بعد قرابة الثّمانية أشهرٍ على أزمة النّفايات، قرّرت الحكومة إعادة الزمن إلى الوراء، بحلولٍ مؤقّتةٍ، ببساطة، أصدر مجلس الوزراء التّعميم الآتي: "تستمر شركتا سوكلين وسوكومي بالأعمال التي كانتا تقومان بها"، ليخرج بعدها المسؤولون متباهين بالإنجاز المؤقّت، إعادة فتح المطامر لا سيما مطمر النّاعمة، إلى حين إيجاد حلٍّ نهائي تتقاسم فيه الطبقة السياسية قالب حلوى النّفايات وأرباحها.

اقرأ/ي أيضًا: طلاب الأمريكية في بيروت يستأنفون الحرب ضد "سوكلين"

لا تعني المسؤولين احتجاجات الأهالي، لا في عرمون ولا النّاعمة ولا الشّويفات، المواكبة الأمنية كفيلةٌ بحماية شاحنات، مواكب النّفايات وأصحاب الخطّة المرحلية على حدٍّ سواء، وقد اعتقلت القوى الأمنية في صيدا منذ أيامٍ خمسة ناشطين، بتهمة اعتراض شاحنات النّفايات. ففي القرن الحادي والعشرين، في دولةٍ عاجزةٍ عن معالجة نفاياتها، يُسجن المواطنون بتهمة الخوف على صحّتهم وأطفالهم ومستقبلهم، بيئتهم ومياههم الجوفية وغيرها من الويلات التي جرّتها علينا أزمة النّفايات.

المهزلة لا تكمن في قرار مجلس الوزراء وحده، بل بالتّحديد، في عودة ميسرة سكّر، رجل الأعمال الذي بنى إمبراطوريةً ماليةً بأرباح معالجة النّفايات، عبر شركاته "سوكلين" و"سوكومي"، في حين أنّ الدّول المجاورة تعالج نفاياته بكلفةٍ لا تتعدّى 30 دولارًا في أسوء الأحوال، سكّر وشركاته سلبوا الدولة أضعاف هذا المبلغ.

فمنذ سنة 1997 وإلى غاية العام 2015، سلبت أو بالأحرى نهبت "سوكلين" و"سوكومي" ما يزيد عن مليارين ونصف مليار دولار من أموال دافعي الضرائب اللبنانيين، كمكسبٍ صافٍ دون حساب التّجهيزات وكلفة ركن الآليات. عودة الشركتين تعني أن الطبقة السياسية اتفقت فيما بينها على الحصص والأرباح، وأنّنا سندفع من جديد، المليارات من الدولارات لخدمة حساباتهم المصرفية.

شركة سوكلين تتفنن بعد عودتها إلى العمل بالوقاحة، جديدها ميليشيا من الموظفين البلطجية مختصون في الاعتداء على ناشطي حملة #بدنا_نحاسب

اقرأ/ي أيضًا: بيروت إذ خلعت رداء الطوائف

شركة سوكلين تتفنن بعد عودتها بالوقاحة، جديدها ميليشيا من الموظفين البلطجية، الذّين تعدّوا على ناشطي حملة #بدنا_نحاسب عن اعتصام الحملة أمام مبنى إمبراطورية سوكلين، أو "قصر ميسرة سكّر الرئاسي" في محلة الكارانتينا. ظنّ بلطجية "سوكلين" أنّهم باعتدائهم على الناشطين سيسكتون الأصوات المعترضة على فسادهم، وسيمتنع الأهالي عن حرق شاحنات الشّركة كما حصل في عرمون، أو منعها من الدّخول كما حصل في صيدا.

ضرب البلطجية بالزّجاج وجه إحدى النّاشطات، وتدعى مايا مالكاني، مما تسبّب في تضرّر عينها اليمنى بشكلٍ بالغ، أكثر من 17 متظاهرًا كانوا عرضةً للاعتداء بالزّجاج والحجارة والعصي، على مرأى عناصر قوى الأمن السبعة، الذّين لم يحرّكوا أي ساكن. احتمال خسارة مايا البصر هو بنسبة 80% في ظلّ حكم جمهورية "سوكلين"، وحماية طبقة سياسيةٍ أعماها الفساد عن مصلحة شعبها. وضعت خطّة النّفايات على سكّة التّنفيذ، بينما وضعت صحّتنا على شفير الهاوية، تتأرجح بين الصّفقات، ليبقى ميسرة سكّر وبلطجيته في "سوكلين" و"سوكومي"، أسيادًا للدولة السوكلينية.

اقرأ/ي أيضًا:

نفايات الحرب الأهلية

لبنان.. من غرفة الإنعاش