19-أبريل-2021

المناضل السوري ميشيل كيلو (تويتر)

الترا صوت - فريق التحرير

توفي اليوم في العاصمة الفرنسية باريس المثقف والمناضل السوري ميشيل كيلو الذي عُرف بمواقفه المناهضة للاستبداد منذ ثمانينات القرن الماضي.

توفي اليوم في العاصمة الفرنسية باريس المثقف والمناضل السوري ميشيل كيلو الذي عُرف بمواقفه المناهضة للاستبداد منذ ثمانينات القرن الماضي

ولد ميشيل كيلو في مدينة اللاذقية سنة 1940، ودرس تخصص الصحافة في مصر وألمانيا، ثم عاد إلى وطنه سوريا ليعمل في دائرة الترجمة بوزارة الثقافة في دمشق عام 1966، وانخرط في بداية السبعينات في العمل السياسي المعارض للاستبداد والطائفية السياسية التي كان حافظ الأسد قد بدأ في هندسة ملامحها في تلك الفترة.

اقرأ/ي أيضًا: صرخة ميشيل كيلو "الثورة ليست بخير" تثير ردودًا متباينة

ونتيجة لمواقفه المعارضة للاستبداد ومساعي الأسد الأب للانفراد بالسلطة ووأد أي تعددية سياسية في سوريا اعتُقل ميشيل كيلو في بداية الثمانينات، وقضى كيلو زهاء السنتين في سجن "المزة" سيئ السمعة في العاصمة دمشق، وعقب انتهاء فترة سجنه الأولى غادر ميشيل سوريا متوجهًا إلى فرنسا، ولم يعد إلى البلاد إلا عام 1989، وحافظ كيلو طوال تلك السنوات على نفسه المعارض للنظام والاستبداد في الحقلين الثقافي والسياسي.

أغرى مجيء بشار الأسد إلى سدة الحكم وريثًا لأبيه سنة 2000 بعض المثقفين الذين أملوا خيرًا في الابن لتغيير واقع سوريا السياسي، وكان ميشيل كيلو من بين الذين  انخرطوا حينها فيما سمي بـ"ربيع دمشق" حيث ظهرت منتديات سياسية ولجان إحياء المجتمع المدني، وواصل كيلو في تلك الفترة كتابة مقالاته التي كانت تنشر في صحف لبنانية مختلفة، شرّح كيلو في تلك المقالات الفساد السياسي والاقتصادي الذي ظل ينخر سوريا طيلة 30 عامًا من الاستبداد.

لكن ما سمّي بـ"ربيع دمشق" لم يعمّر طويلًا، فقد ألغى النظام السوري المنتديات السياسية واعتقل الكثيرين من نشطاء المعارضة، في رسالة دالة على أن شيئًا لم يتغير في النظام.

في العام 2006 عاد النظام السوري ليعتقل ميشيل كيلو مرة ثانية، هذه المرة على خلفية توقيعه في العام 2005 إعلان دمشق وفي العام 2006 "إعلان بيروت – دمشق" وفي كلا الإعلانين طرح الموقعون تصورهم "لنقل سوريا من الاستبداد إلى الديمقراطية".

حُكم على كيلو وثلة أخرى من المناضلين بالسجن 3 سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة وإضعاف الشعور القومي والتحريض على التفرقة الطائفية".

في العام 2011 تحقّق جانب من حلم ميشيل كيلو برؤية جماهير الشعب السوري مندفعة للمطالبة بإسقاط الاستبداد، وكان ميشيل كيلو وفيًا لذلك التاريخ ولم يخيب ظن جماهير شعبه فأعلن مساندته المطلقة للثورة ومطالبها، ما جرّ عليه مرة أخرى نقمة النظام، ليضطر مشيل مرة ثالثة إلى مغادرة بلده سوريا، حيث شارك من منفاه في تأسيس "المنبر الديمقراطي السوري" في القاهرة 2012، وهيئة "سوريون مسيحيون من أجل العدالة والحرية"،، ثم انضم عام 2013 إلى "الائتلاف الوطني السوري" وأسّس في العام ذاته "اتحاد الديمقراطيين السوريين".

إلا أن كيلو اختار في السنوات الأخيرة اعتزال العمل السياسي المؤسسي، مقيمًا في باريس ومتفرّغًا بذلك للكتابة في صحف عربية مختلفة، محافظًا على خطه الديمقراطي المناهض للاستبداد والطائفية.

وقبل أيام قليلة من وفاته ترك ميشيل كيلو ما يشبه وصية سياسية، مما جاء فيها مخاطبًا السوريين: "لن يحرّركم أي هدف غير الحرية فتمسّكوا بها، في كل كبيرة وصغيرة، ولا تتخلّوا عنها أبدًا، لأن فيها وحدها مصرع الاستبداد، فالحياة هي معنى للحرية، ولا معنى لحياةٍ بدون حرية. هذا أكثر شيء كان شعبنا وما زال يحتاج إليه، لاستعادة ذاته، وتأكيد هويته، وتحقيق معنى لكلمة المواطنة في وطننا"

"لا تنظروا إلى شعبكم ووطنكم من خلال أهوائكم وأيديولوجياتكم وهوياتكم، الآنية والضيقة والسطحية، بل انظروا إلى ذلك كله، من خلال شعبكم ووطنكم، عامل غنى وإثراء وتفاعل وتكامل وتعاضد، فالتقوا بمن يختلف معكم، بعيدًا عن انحيازاتكم الهوياتية أو الأيدولوجية التي كانت تصوّره عدوًا لكم، فيما عدونا جميعا هو الاستبداد الذي سلب حقوقنا وحرياتنا..".

ميشيل كيلو للسوريين: لن تقهروا الاستبداد منفردين أو متفرقين.. لن تقهروه إذا لم تتّحدوا في إطار وطني، وعلى كلمة سواء، وأقصد على رؤيةٍ وطنيةٍ جامعة

"لن تقهروا الاستبداد منفردين أو متفرقين.. لن تقهروه إذا لم تتّحدوا في إطار وطني، وعلى كلمة سواء، وأقصد على رؤيةٍ وطنيةٍ جامعةٍ.. رؤية غير هوياتية، وغير أيدولوجية، ففي وحدتكم خلاصكم، فتدبّروا ذلك، متغلّبين على كل الحساسيات والعصبيات والحسابات الشخصية والفئوية، مهما كان نوعها، أو تصنيفها..".