19-أبريل-2023
ميسي كما يتخيله الذكاء الاصطناعي في مصر

ميسي الشرابي كما تخيله نموذج الذكاء الاصطناعي (MidJourney/Ultrasawt)

 هذا النص كتب بالكامل باستخدام نموذج "جي بي تي-4"، وخضع لعملية تحقّق وتحرير لغوي وأسلوبي من قبل فريق التحرير في موقع ألتراصوت. أما صورة المقالة فتم توليدها عبر نموذج "MidJourney". 

في عالم موازٍ ، بعيدًا عن نجومية أعظم أساطير كرة القدم والمستطيل الأخضر وأضواء الملاعب والكاميرات، عاش سامي مسعود، المعروف لسبب يجهله كثيرون بلقب "ميسي". يقال إن هذا الاسم بدأ كزلّة لسان من أحد أساتذته في الفصل، الذي كان سيمازحه ويقول "سيمو"، تحببًا ومزاحًا، لكنها خرجت من فمه "ميسو"، قبل أن تتحوّل إلى "ميسي" لسبب ظل غير معروف. رفاق مسعود التقطوا الاسم الرنّان، وصار من يومه اسمًا لهذا الفتى لا يفارقه.

لو سألت أي شخص في الحي، حي الشرابية في القاهرة، فسيخبرونك بتلك القصّة القديمة للاسم، الذي صدحت به أفواه الأولاد أصدقاء سامي قبل أن يولد ميسي الأرجنتين بسنوات طويلة

لو سألت أي شخص في الحي، حي الشرابية في القاهرة، فسيخبرونك بتلك القصّة القديمة للاسم، الذي صدحت به أفواه الأولاد أصدقاء سامي قبل أن يولد ميسي الأرجنتين بسنوات طويلة، وقبل أن ينشب لدى صديقنا هذا الصراع التاريخي حول أحقيّة "البرغوث" بالاسم الأثير لديه، خاصّة أنّه لا يحبّ منتخب الأرجنتين ولا يشجّع أي فريق يلعب فيه ميسي الذي طغت شهرته على كل ميسي سواه، خاصة سامي، الذي كان أكبر الخاسرين من صعود هذا الاسم عالميًا. 

عاش سامي، أو ميسي حياة متواضعة في حي الشرابية الصاخب في القاهرة القديمة، وعرف عنه مهارته في كرة القدم، حيث كان لا يوفر أية فرصة للعب في الشارع مع أصدقائه أو في المدرسة، وظل شغوفًا باللعبة عمره كلّه، وحلم بأن يكون لاعبًا محترفًا، ولو في نادٍ محليّ مغمور. 

مع شروق الشمس فوق أفق القاهرة النابض بالحياة حينًا وبالحاجة حينًا، يستيقظ سامي مبكراً للاستعداد ليومه، ليخرج بلمح البصر إلى المدرسة ويصل قبل الجميع، منتظرًا بعض الأصدقاء في الساحة كي يلعبوا حتى يحين موعد الطابور الصباحي. كانت تلك ساعة تقريبًا في الصباح قبل بدء الدروس. أما بعدها، فيلعب ساعة أخرى مع مجموعة أخرى في نفس الساحة، أو خارج أسوار المدرسة، حيث تبدأ في كل مرّة معركة صغيرة وجدال حول مع من سيلعب "ميسي"، قبل أن يتم الاتفاق على استخدام القرعة لتحديد ذلك. 

مضت الأيام وامتدّت، وصارت كرة القدم أمرًا تدور حوله حياة ميسي المصري، وبدت بالنسبة إليه نشاطًا مستمرًا لا ينبغي أن يتوقف إلا لحاجة طبيعية أو عرفية: كالنوم أو تناول الطعام للضرورة القصوى، أو أثناء الجلوس في الفصل. أمّا الاسم فظل لصيقًا بسامي، حتى بات قصّة يرويها الناس ويتناقلونها فيما بينهم عن الولد المجنون بالكرة، والذي لم يعرف ماذا كان يخبّئ له الاسم. ميسي يصوم رمضان ويتذكّر صباه في حي الشرابية في القاهرة. أما الأستاذ الذي ابتكر اسمه أوّل مرة، فسيكون هو أيضًا السبب في إقناعه بدراسة الصحافة، أو هكذا كان يقول لأصدقائه في البداية قبل أن تنكشف الحقيقة المحرجة لما حصل، والذي سأحكيه لكم هنا، كما تخيّله "جي بي تي-4". 

أصوات من تحت الركام

تمتّع سامي بالذكاء وعرف عنه سرعة البديهة، وهو متوقّع ومطلوب في لاعب كرة ماهر، لكنّه كان يكره القراءة ولا يحبّ أن يكتب، وكان يرغب أن يدرس شيئًا له علاقة بعلم الحشرات. كان مهووسًا بها في صغره لأسباب عديدة لن أستطيع ذكرها هنا، فقد تصيبك بالقرف والعجب. لكنّه لم يدرس علم الحشرات، بل قرر في لحظة طيش وضعف دراسة الصحافة. السبب هو أنه وجد نفسه مفتونًا بفتاة من الحي أعربت له عن رغبتها في دراسة الصحافة وأنها تعشقها لأنها تريد أن تكتب عن الناس وحكاياتهم، ثم أقنعته أنها بالفعل طالبة في كلية الإعلام في المنصورة. وعلى أمل أن يثير إعجابها ويكون معها طوال الوقت، قرر سامي (ميسي الشرابية) الانتقال إلى تلك الكليّة، وكل ذلك باسم الحبّ.  

لكنّه تفاجأ حين لم تقع عينه عليها هناك رغم بحثه المستمر عنها وإصرارها على التهرّب من الإجابة. فهي لم تكن أصلًا في أي مكان في الجامعة، ثم اتضح له أن الفتاة التي وقع في حبّها ليست جامعيّة أصلًا، ولا تحمل الثانوية حتّى، وأنها كانت تستغله لقضاء بعض الوقت في الكافيهات المنتشرة في المنطقة. رغم تلك المفاجأة التي أصابته بالذعر، اكتشف مسعود أنه ربما يحب الصحافة فعلًا، أو أنّ عليه أن يقنع نفسه بذلك، ويخترع قصّة تنجّيه من الفضيحة. ثم بدا له، بعد فترة وجيزة وتعرفه على زميلة صحفية حقيقية، أن ما حصل له سيكون سببًا في تغيير حياته ومنحها معنى ما. سيدرك سامي أن الصحافة لعنة في العالم الذي يعيش فيه، لكنّه رضي بمصيره، ولم ينسحب منه. 

هذه الذكرى ستجلب البسمة على وجه سامي دومًا، وهو لا يحكيها إلا لأصدقائه المقربين، ولا يعرف عنها من أسرته أحدٌ أبدًا. كان أبوه سيفضحه لو علم ذلك، لأنه أراد له أن يكون محاميًا أو محاسبًا على الأقل. كما أن الصحافة تشابكت لاحقًا بأشكال عديدة من شغفه بكرة القدم، الذي ظل ينمو معه رغم كل الظروف الصعبة، وجعله شخصية مركّبة من شخصيتين، تكتب وتلعب، سامي وميسي معًا. 

يشعر ميسي الشرابي، المغمور الآن وهو في نهاية الثلاثينات من عمره، بالامتنان والرضا. التحديات التي واجهها والدروس التي تعلمها جعلته أقوى، سواء كصحفي يصل سريعًا إلى ما يود الكتابة عنه،  أو كلاعب غير محترف يشعر أن كرة القدم تسري في شرايينه منذ أن كان يلعبها على الأسفلت في الشرابية.

لقد انقضى رمضان هذا العام وميسي، فلنسمّه الآن ميسي الشرابي، يتأمل حياته الحالية، ويتذكّر في لحظات صفو عديدة رحلته  الطويلة والأحداث التي شكلته ليصبح الرجل الذي هو عليه اليوم، في أسرة صغيرة، بدأت تنسى اسم صباه، بعد أن تراجع اهتمامه بكرة القدم، وانقطع عن أصدقائه، وبدأ يعمل في وظيفة مسائية إضافية لسداد بعض الديون التي تراكمت عليه. 

ثمّة ما هو مقدّس في كرة القدم بالنسبة لسامي، وتتضاعف هذه القداسة المرتبطة بالشعف وذكريات الطفولة بطبيعة الحال في رمضان، مثل كثير من التفاصيل الأخرى. 

في إحدى الليالي، وبينما كان مسعود يجلس في مسجد خافت الإضاءة بعد صلاة التراويح، داهمته بعض الذكريات التي يستدعيها رمضان، وكيف كانت أيامه الأولى في الشارع بعد الإفطار مع أولاد الحارة، حين كان اللعب يستمر حتى بعد منتصف الليل وهم يركلون كرة قدم بالية في الأزقة الضيقة أو الساحات الترابية التي يسيطرون عليها في الشرابية، ويصدح الجميع باسم اللاعب الأكثر مهارة بينهم، ميسي، ميسي، حيث كان تدخّله في كلّ مرّة حاسمًا لقلب أي نتيجة، وجعله نجم كل لعبة. ثمّة ما هو مقدّس في كرة القدم بالنسبة لسامي، وتتضاعف هذه القداسة المرتبطة بالشعف وذكريات الطفولة بطبيعة الحال في رمضان، مثل كثير من التفاصيل الأخرى.