14-نوفمبر-2016

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (Getty)

ظهرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، كآخر مدافع قوي عن أوروبا الليبرالية والتحالف الأطلسي بعد انتخاب دونالد ترامب. لكن ميركل بدت متعبة، ويقول مقربون منها، إنها واقعة تحت ضغوط كبيرة من كل الجهات.

ميركل في حاجة إلى صد روسيا التي تبيع للعالم نسختها من الديمقراطية غير الليبرالية من خلال دعم الأحزاب اليمينية 

قالت ميركل إنها تتعرض لضغوط من نفس "القوى"، التي صعد ترامب على أكتافها في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن نفس القوى التي غذت ميول المصوتين في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، والتي تدفع مارين لوبان إلى الصعود في فرنسا.

اقرأ/ي أيضًا: هل فازت مارين لوبان بالانتخابات الأمريكية؟

ميركل في حاجة إلى صد روسيا، التي تبيع للعالم نسختها من الديمقراطية غير الليبرالية من خلال دعم الأحزاب اليمينية في جميع أنحاء القارة وتأجيج نيران الشعبوية، ولكن مع إعجاب ترامب العلني بالرئيس الروسي بوتين كزعيم قوي بكل ما يمثله من قيم، فإنه وحتى مع الإبقاء على العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، فإن تزعم ألمانيا لمواجهة بوتين في جزيرة القرم سيكون تحديًا بلا شك.

أوروبا الآخذة في الانقسام تتطلع إلى ألمانيا، قوتها الأغنى ومحركها الأصلب، للتعامل مع مشاكل عديدة، بعضها طويل الأمد مثل: معدل نمو منخفض، وتيار اللاجئين المستمر، وناخبون يتجهون نحو اليمين بدافع الغضب. إيطاليا وإسبانيا هشتان سياسيًا، والنمسا قد تختار رئيسًا يمينيًا متشددًا الشهر المقبل، وبريطانيا مشغولة في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

كانت ميركل في الثماني سنوات الماضية تتلقى الدعم من حكومة أوباما في الولايات المتحدة، ومن حكومة قصر الإليزيه في فرنسا، ولكن مع صعود دونالد ترامب، وشعبية أولاند المنخفضة فقد فقدت ميركل، كما تقول، آخر دعم حيوي لها.

الدائرة الصغيرة المقربة من ميركل ترى أنها تتعرض لضغوط في اتجاهين مع ما تحققه أحزاب اليمين المتطرف من ناحية، ومن ناحية أخرى ما يعانيه فريقها السياسي من ضغوط متتالية وضعته في وضع دفاعي دائم خاصة بعد قضية اللاجئين التي أضعفتها سياسيًا. ولكن الخبرة والصبر هما ما يميزان ميركل "الحكيمة"، فقد أصرت على علاقات متوازنة مع بريطانيا حتى بعد نتائج البريكست، وكذلك ردود أفعالها على انتخاب ترامب كانت توصف "بالماهرة".

كما كانت لهجة ميركل حازمة ورشيدة فيما يتعلق بالشوط الذي قطعته أمريكا، منذ المساعدات السخية التي وفرتها الأخيرة لألمانيا، لمساعدتها على النهوض من الهزيمة التي جرّها عليها النظام النازي، وللتغلب على التقسيم الذي فرضته الحرب الباردة على ألمانيا.

مع صعود دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، وشعبية أولاند المنخفضة في فرنسا، فقدت ميركل آخر دعم حيوي لها

اقرأ/ي أيضًا: ما الذي يعنيه فوز ترامب بالنسبة للشرق الأوسط؟

وتقول ميركل إن التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا مبني على أسس مشتركة من الديمقراطية وكذلك احترام سيادة القانون وكرامة كل شخص بغض النظر عن أصله أو لون البشرة أو العقيدة أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الآراء السياسية. وبالنسبة لميركل كان انتصار ترامب صدمة شخصية وذلك لعلاقة الصداقة الشخصية والإعجاب المتبادل مع هيلاري كلينتون.

سيكون الأسبوع المقبل موعد الزيارة الرسمية الأخيرة لباراك أوباما لألمانيا بصفته رئيسًا، وهي تمثل لحظات صعبة لميركل، التي كانت تعتمد على مساندته، رغم انتقادات أوباما التي لا تتوقف لمنطقة اليورو ولأزمة الديون اليونانية.

لكن قوة ألمانيا أيضًا بها ثغرات، فبعد 27 عامًا من سقوط الجدار الفاصل بين الألمانيتين فإن اقتصاد أوروبا الأكبر لا يزال يتهرب من تغييرات حقيقية، ولا تزال ألمانيا تعتمد على الجيش الأمريكي والمخابرات في المجالات الأمنية، على الرغم من جهاز مخابراتها عالي الكفاءة. أما سياسة ترامب، التي ينوي اتباعها مع حلف الناتو، فيمكنها أن تجعل دول أوروبا الشرقية تتجه نحو روسيا كمصدر موثوق للحماية.

يقول أوجينيز سمولار، من مركز العلاقات الدولية في وارسو، إن الأوروبيين كانوا بحاجة إلى صدمة وأن انتخاب ترامب قد وفرها لهم، وبالتالي فهم الآن مستعدون إلى العمل على تقوية وتعزيز منطقة اليورو، دون أن يكون في الخلفية دعم من أمريكا.

يذكر أن ترامب قد هاجم بشدة قبول ميركل لطوفان اللاجئين في بلادها، ومع ذلك فقد استطاعت ميركل التوصل إلى اتفاق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقضي بوقف تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط، مقابل مساعدات مالية من أوروبا لتركيا، وكذلك مقابل إلغاء تأشيرات السفر بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

الموجة السائدة الآن، بين صغار السن في ألمانيا، ترى أن كلينتون كانت ستكون قاسية على ألمانيا أكثر من ترامب، بينما يرى آخرون أن الانتخابات في الولايات المتحدة كانت تمردًا على استراتيجيتين، الأولى هي الليبرالية القديمة، والثانية هي أن البراجماتية هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على النظام، ويبدو أن الجميع يفكر في الخيارات الأكثر جذرية.

 

الترجمة بتصرف، رابط المقال الأصلي: Donald Trump’s Election Leaves Angela Merkel as the Liberal West’s Last Defender

اقرأ/ي أيضًا:

 اختيار ترامب..قلق عالمي خجول