13-نوفمبر-2015

عمر محفوظي/ المغرب

شتاء

قلبي المثقوب
أمسى موقدًا في بيتك
نارًا يطقطق عظمها..
تتدفئين تتذكّرين ترنيمة العيد المهاجر مثل عصفور وحيد
زيت النارنج يخضّب خصلاتك
فأشمّها وأضمّها وأنام
تتذكّرين الهرّة العمياء وهي تموء في خطوي
أرق الجدار الأبيض الجيريّ في موت سريع
نوح الحصان والبقرات في الإسطبل
دعسات راع مثقل بالبرد ولأمطار
يا نبتة العرعار يا وجع الخطيئة في الخراب
قولي تذكّرت انشطارك في دمي
انحسارك في الحنجرة
يا صبر لحمي تحت أرصفة الرّصاص
قولي غيابك مثل تجعيد القرى
جافّ كجرجير يلوّح وحده في كوب محتضر
لماذا الحرب تنهي ما بدأناه قولي
هنا قولي لماذا الحرب تنهي ما بدأناه هنا ثمّ ميلي
على الحجارة و التراب
أصغي عميقًا..
ما زال نبضي راجفًا يشتاق أرضه
ما زال يهذي كانكسارات الطبيعة غائمًا
أحتاج نارًا كي أعود لبيتك
نارا يطقطق عظمها
سأعود يوما نبتة العرعار
أشتمّ شعرك في دمي ثم أنام.

عرس الذيب

تصدير: عندما تمطر السماء في طقس مشمس تخرج الذئاب من جحورها كي تبتدأ مراسم عرسها وتنشر البهجة في الغابات.. هكذا حدثنا أجدادنا منذ زمن.

يحزنني صوت السنونو مهاجرًا هذا المساء
يحزنني المقعد الخشبيّ الوحيد على الشاطئ 
والموج حين ينادي 
عاشقين افترقا للتوّ 
يحزنني الكلس المتحجّر كالصمت 
يحزنني جسد بلا رائحة 
ونهداك المثقلان بتنهيدات الليلة السابقة 
يحزنني كلّ هذا الحنين الذي 
يكبر كشجرة الصنوبر العظيمة 
ها أنا/ هذا المساء الممطر
أتابع هتافات الطبيعة بانكسار 
القرويون يعودون إلى ديارهم بأياد موشومة بالدعاء 
الأطفال ليسوا في الخارج كعادتهم 
الأطفال مندسّون كالرعشة في صدور أمهاتهم 
وحدي مع الشمس 
ظللت أودّع موكبًا فولكلوريًا لنيران منبعثة 
من مدفئة قديمة  
ليس لي إلا مراقبة الذئاب خارجة من زخم الأشجار 
ليس لي إلا تسوّل قبس من فرحة عرسها
لعلّ الجفاف ينسى قريتنا 
***

ما كلّ هذا النبض يا صديقي؟ 
هل تسمع زغاريد الديدان في التربة؟ 
الذئاب الوديعة ترقص الآن أيضًا
تلوّن العالم بضحكاتها العطرة  
زيت النارنج.. الياسمين 
زهر البرتقال.. المسك.. بصيلات العنبر 
مئات الضحكات التي
يحملها إليّ وقع الماء والرياح
من وراء الشمس والأشجار والأطفال المتكوّرين في الدفء 
من وراء الحلم والخصب والإيقاع
فهل أتى الربيع
أم تراه أزهر قلبي؟

 

ينساك حلمك

حلمك المغمور بالأسرار
قد يهوي في متاهات الغياب.. مهشّمًا
يغتال ما نثرت دروبك بعدما انسكبت جراح
الأنبياء على شتاتك
ترقص البتلات في صلواتها
غنّ السراب لعزفك المسكوب في دمعاتها
كنت الغياب ممزّقًا
يغريك صوتك يمضغ الآمال فيك
ويجفل الأطيار حول مدارك
لو ترسم امرأة تغني في العروق وتنحني
للسابحات بفلكها
لا موت يشبه ظلك
لا وجه يشبه نزفك
الممتدّ في وجع المدينة
كالرصاص إذا بكيت غيابك
العابرون على خطاك
كوشمة في الروح
صوّرك الخراب دليلهم
لك وحدها..
ظلت ترمم كفّك
تبكيك عزفا صامتًا.

اقرأ/ي أيضًا:

ليس بمقدورهم الغفران

وإني سميتها كرامة