31-يناير-2020

تخوف ناشطون على مصير حرية الصحافة في موريتانيا (تويتر)

أوقف أمن الدولة الموريتاني 3 صحفيين، على خلفية نشر مقاطع مرئية تنتقد رموز النظام الحالي، وطالت الانتقادات على وجه الخصوص رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني ومدير ديوانه، ورئيس الحكومة الحالية. وقد أثار إجراء اعتقال الإعلاميين الثلاثة مخاوف لدى العاملين في الحقل الإعلامي من عودة شبح  مصادرة الحريات السياسية والإعلامية إلى البلد، في الوقت الذي حقّقت فيه موريتانيا مراتب متقدمة في مجال حرية الصحافة طيلة الفترة ما بين 2009 – 2019.

 ندّدت حملة الحريات في موريتانيا باعتقال الصحفيين الثلاثة ودعت إلى الإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط، كما أكّد القائمون على الحملة أنّ الحريات خطٌّ أحمر ولا مساومة فيها تحت أي ذريعة

اعتقالات متزامنة مع غياب تهم محدّدة

في البداية اعتقل الأمن الموريتاني الناشط الإعلامي محمد علي عبد العزيز بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2020 دون توجيه أي تهمة، حيث جرى اقتياده من منزله إلى وجهة مجهولة، وبعد عدة أيام من الاعتقال، وعلى وقع احتجاجِ وتنديدِ ذوي المعتقل وبعض زملاء المهنة بالاعتقال، أصدرت وزارة الداخلية الموريتانية بيانًا قالت فيه إن توقيف الناشط ولد عبد العزيز سببه "ارتكاب أفعال تدخل تحت طائلة الجريمة السبرانية"، وأضاف بيان الداخلية أن الموقوف يشتبه "بقيامه باستخدام نظام معلوماتي لإنتاج ونشر تسجيلات تتضمن شتم النسب والتحريض على العنصرية والكراهية".

اقرأ/ي أيضًا: مطالب سياسية في موريتانيا بمحاكمة الرئيس السابق.. وبوادر أزمة سياسية

والتسجيلات المذكورة في بيان وزارة الداخلية الموريتانية هي عبارة عن 6 مقاطع حملت عنوان "النهج" واستهدفت بالنقد رموز النظام الحالي. وإن كان بيان وزارة الداخلية حاول ربط سبب توقيف الصحفي بتسجيل صوتي آخر على واتساب هاجم فيه المدوّن محمد علي "الحزام القَبلي" للرئيس ولد الغزواني ورئيس حكومته إسماعيل الشيخ سيديا، في إطار الخصومة بين الرئيس الحالي وسلفه، والتي أخذت لدى البعض طابعًا قبليًا. لكن هذا المبرّر لم يكن مقنعًا لقطاع عريض من المتابعين بحجّة أن التسجيل الصوتي المذكور مضت عليه فترة ليست قصيرة نسبيًا، "عدة شهور"، وكان ردّا على سبّ وشتم وتحريض قبلي مُشابه، لم تتحرّك فيه السلطات لاعتقال الطرف الآخر أو مساءلته.

لم تمض إلا ثلاثة أيام من اعتقال الإعلامي محمد علي حتى قام الأمن الموريتاني بتوقيف المصوّر عبدو تاج الدين الذي كان يتولى مونتاج المقاطع التي يُعدّها زميله محمد علي،  ولحِق هذا الاعتقال أيضًا اعتقال مدون وناشط إعلامي آخر هو الشيخ ولد المامي، الذي يُرجّح أيضًا أن لاعتقاله علاقة بالمقاطع المثيرة "للكراهية" حسب ادّعاء الجهات الرسمية الموريتانية.

آثار تعذيب على أحد المعتقلين

أوضحت صور تداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي خضوع أحد المعتقلين، وهو المعتقل الرئيسي محمد علي عبد العزيز للتعذيب. وحسب ما هو واضح من الصور فقد تعرّض المعني للجلد على مستوى الظهر، بالإضافة لكدمات واضحة على مستوى أطراف جسده. وحسب ما هو مرجّح فإن عملية التعذيب قد تمّت لدى أمن الدولة، ومن غير المستبعد أن يكون التعذيب قد تم بهدف الحصول على معلومات من محمد علي حول الأشخاص الذين تعاونوا معه في إنتاج مقاطع الفيديو التي قضّت مضجع النظام. ولعل ذلك ما يُفسّر أيضًا اعتقال الشخصين الآخرين تباعًا بعد مضي أقل من أسبوع على اعتقال محمد علي عبد العزيز.

حملة تضامن واستنكار 

على إثر اعتقال الإعلاميين انتشرت موجة تضامن واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي مع الصحفيين الثلاثة، حيث لوحظ انتشار عدة وسوم كان أبرزها وسم #الصحافة_ليست_جريمة، ووسم #لا_لتكميم_الأفواه. وقد اعتبر المدونون على هذين الوسمين أن توقيف الصحفيين الثلاثة مؤشر على عودة العقلية الأمنية في التعامل مع الحريات الصحفية وحرية التعبير بشكل خاص، فيما اعتبره آخرون مؤشرًا على استعادة الأمن السياسي لسطوته مع ما في ذلك من مخاطر على الحريات السياسية في البلاد.

 انتشرت موجة تضامن واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي مع الصحفيين الثلاثة، حيث لوحظ انتشار عدة وسوم كان أبرزها وسم #الصحافة_ليست_جريمة، ووسم #لا_لتكميم_الأفواه

في ذات السياق ندّدت حملة الحريات في موريتانيا باعتقال الصحفيين الثلاثة ودعت إلى الإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط، كما أكّد القائمون على الحملة أنّ الحريات خطٌّ أحمر ولا مساومة فيها تحت أي ذريعة، ودعوا ما أسموها القوى الحية إلى التحرك بجدية لفرض الحريات ووقف التعسف.