14-سبتمبر-2015

مكتبة الآداب بنواكشوط موريتانيا(ألترا صوت)

تعد نسبة البطالة المرتفعة إحدى أهم مشاكل موريتانيا لما تسببه من إعاقة للتنمية كما تمثل مصدر قلق وغضب لدى الشباب الموريتاني. ومن المتوقع أن تتصدر موريتانيا دول العالم خلال سنة 2015 في معدل البطالة، بنسبة تصل إلى حدود 30 في المئة، حسب منظمة العمل الدولية. وجاء في آخر تقارير صندوق النقد العربي أن نسبة البطالة لدى الشباب الموريتاني، تحت سن الرابعة والعشرين، من المتوقع أن تتجاوز 40 في المئة.

ونتج عن تفشي البطالة في موريتانيا بعض المبادرات المطالبة بتشغيل الشباب مثل مبادرة "كواس حامل شهادة" والتي تعني "عاطل حامل شهادة" وتجمع "أنا علمي"، وقد خاض الشباب الموريتاني في السنوات الأخيرة تحركات مختلفة من أجل رفع مطالبهم بتحسين وضعهم ووضع حد لارتفاع نسب البطالة. لكن البعض لم ينتظر استجابة المسؤولين، مثل مولاي أرشيد أحمدو، خريج قسم فلسفة وعلم اجتماع عام 2010 والذي قرر أن يضع حدًا للبطالة بأن يبيع الكتب عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2014.

قرر مولاي أرشيد وضع حد للبطالة بعد تخرجه بأكثر من 4 سنوات عبر بيع الكتب على "فيسبوك"

يقول مولاي أرشيد لـ"ألترا صوت": "لم تكن فكرة بيع الكتب ضمن طموحاتي أبداً في يوم من الأيام، فلم أكن أرى نفسي إلا مشترياً لا بائعاً، لكن مع إغلاق باب الوظيفة العمومية في وجه الخريجين والتي صار ولوجها بواسطة أو من خلال المحسوبية لم يكن أمامي خيار آخر غير التوجه للأعمال الحرة".

اختار مولاي أرشيد مجال الكتب "وهو الأقرب بالنسبة له"، حسب وصفه. ويضيف: "عانيت شخصياً من ندرة الكتب ذات التوجه الفكري والثقافي في موريتانيا، ولذلك أدرك قيمة توفرها ثم بدأت أستفسر الأصدقاء حول احتياجاتهم من الكتب، وهل من الممكن فعلاً أن يوفروا تكاليف كتبهم التي يبحثون عنها فكانت إجابة الأغلبية بالإيجاب، وانطلقت التجربة".

انطلق مولاي أرشيد بمجموعة على فيسبوك تضم المهتمين بكتب الثقافة والفكر، حيث يعرض الكتب فيتم حجزها ومن ثم يتم الاتفاق على مكان تسليمها، ثم تطورت المجموعة إلى صفحة عامة وهو ما جلب لها مزيداً من التشجيع والانتشار، وصار لبائع الكتب الشاب زبائن أوفياء فتطور المشروع من صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي إلى فتح مكتبة سماها "مكتبة الآداب" في آذار/مارس 2015.

تمتاز مكتبة الآداب بما يتوفر فيها من مؤلفات رغم حداثة التجربة والعوائق الاقتصادية والاجتماعية، في هذا الإطار، يقول مولاي أرشيد: "قد يكون من المبكر تقييم التفاعل، على الأقل من الناحية المادية، فمثل هذه المبادرات في مجتمع غالبيته يعيشون تحت خط الفقر وأمّيين لا يُتوقع نجاحها في أشهر ولا في سنواتها الأولى، لذا لم يكن الربح المادي هو الهدف الأول من خوض التجربة بقدر ما كان مواجهة البطالة بنشاط له أكثر من هدف، هدف استقلال شخصي وهدف نشر معرفة".

صار لبائع الكتب الشاب زبائن أوفياء فتطور المشروع من صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي إلى فتح مكتبة سماها "مكتبة الآداب"

يرى مولاي أرشيد أن رحلته لا تزال في بدايتها وأن فكرته تحتاج جهدًا كبيرًا لإيصالها لأكبر عدد من الناس، ويعلق لـ"ألترا صوت": "حسب استطلاع بسيط للصفحة تبين أن أكثر من نصفها لم يعلم بعد بوجود مقر ثابت للمكتبة، كما أن أكثر من 90 في المئة من روادها لا تصلهم منشورات الصفحة نظراً لسياسة موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك".

وعن تجربته مع مكتبة الآداب، يقول المدون علي الدمين، وهو أحد رواد المكتبة، لـ"ألترا صوت": "صار بإمكان القارئ الموريتاني الإطلاع على أهم الكتب الفكرية والأدبية واقتناء أهم إصدارات دور نشر عربية مشهورة أو أجنبية".

"الرضا الشخصي الذي أجده لدى الزبون عند توفير كتابه المطلوب، هذا ما يسعدني ويشجعني على الاستمرار"، هكذا يرد مولاي أرشيد على كل من يشكك في تجربته وتواصلها. ويضيف: "أتمنى أن تصبح المكتبة ذا يوم قبلة للجميع وأن أتمكن من توفير أهم الكتب الفكرية العربية والأجنبية".