06-أبريل-2022
موجة متصاعدة من الإضراب عن الطعام في السجون المصرية (Getty)

موجة متصاعدة من الإضراب عن الطعام في السجون المصرية (تويتر)

منذ خمسين يومًا بدأ الناشط أحمد طارق الشهير بـ "موكا" إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، اعتراضًا على الحبس الاحتياطي المفتوح وتدويره لأكثر من مرة على ذمة قضايا مختلفة لضمان بقائه داخل السجون، حيث يقبع داخل السجن منذ عام 2015. يتخلل هذه السنوات فترات بسيطة من الحرية والإفراج ثم معاودة القبض عليه مرة أخرى وتنقله بين السجون ومراكز الاحتجاز ومقار الإخفاء القسري، وتدويره على ذمة عدد من القضايا كي يبقى قيد الحبس الاحتياطي. نتيجة لهذه الإجراءات، أعلن موكا في 11 شباط/ فبراير الماضي عن إضرابه عن الطعام اعتراضًا على حبسه المتكرر وعلى ظروف احتجازه والاعتداء المتكرر عليه.

منذ خمسين يومًا بدأ الناشط أحمد طارق الشهير بـ "موكا" إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، اعتراضًا على الحبس الاحتياطي المفتوح

كان الصحفي والناشط السياسي أحمد دومة يشكو من ظروف حبسه في نفس الفترة، فقد ازدادت ظروف حبسه سوءًا بعد نقله من سجن طره تحقيق إلى سجن المزرعة، حيث خفضت إدارة سجن المزرعة من عدد ساعات التريض، ومنعته من قراءة الكتب أو السماح له بالاشتراك في الجرائد القومية لمعرفة الأخبار، إلى جانب التعدي عليه وإهانته من أحد ضباط سجن عنبر الزراعة أثناء وجوده في السجن ضمن مأمورية طبية للعرض على عيادة الأسنان، الأمر الذي جعل فريق المحامين الخاص به يتقدم ببلاغ رسمي للنيابة العامة، مطالبين بتفريغ كاميرات المراقبة ومحاسبة المسؤولين، وتمكين دومة من حقوقه الأساسية حسب ما تنص عليه لائحة السجون.

وكانت وزارة الداخلية المصرية بدأت إخلاء بعض السجون عبر ترحيل السجناء ونقلهم إلى سجون أخرى، وذلك بعدما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في أيلول/سبتمبر 2021 وأتبعته وزارة الداخلية في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2021 بالإعلان عن افتتاح مجمع سجون وادي النطرون الجديد والبدء في إخلاء 12 سجنًا مركزيًا.

موجة تصاعدية

شهدت الأيام الماضية موجة تصاعدية من الإضراب عن الطعام داخل السجون المصرية، انتهى بعضها ولا يزال بعض المعتقلين مضربين إلى الآن. بدأ الأمر بأحمد دومة في بداية شهر آذار/ مارس الماضي عندما أبلغ أسرته أثناء الزيارة عن نيته بدء إضراب على الطعام احتجاجًا على عدم تحسن ظروف حبسه وعدم الاستجابة لمطالبه وعدم النظر بجدية في البلاغات التي تقدم بها محاموه. وشرع بالفعل في إضرابه منذ يوم 26 من الشهر عينه حسب ما أعلنت أسرته في بيانها. واختصم دومة في محضر إثبات إضرابه مفتش مباحث منطقة سجون طره العميد أحمد الوكيل بصفته المسؤول المباشر عن مباحث السجن التي كررت الاعتداء عليه وزملائه. ترتب على هذا المحضر الاعتداء على دومة مرة أخرى، عندما حضر العميد أحمد الوكيل إلى زنزانته بصحبة أفراد أمن وقوى ضاربة وقاموا بنقله من زنزانته عنوة، ولن تكون هذه آخر مرة يُذكر فيها اسم أحمد الوكيل في شكاوى المحبوسين والسجناء.

وأحمد دومة هو صحفي وشاعر وناشط سياسي، يعتبر من أبرز رموز ثورة 25 يناير 2011، ألقي القبض عليه في أواخر عام 2013 واتهم بكسر قانون التظاهر وتلقى حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وقبل انقضاء مدة سجنه بدأت محاكمته على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا "بأحداث مجلس الوزراء" والتي اتهم فيها بالتخريب وحرق مبنى المجمع العلمي، وتلقى حكمًا بالسجن المؤبد قبل أن يخفض الحكم إلى 15 عامًا في إعادة المحاكمة.

وتضامنًا مع أحمد دومة ضد ما حدث معه أعلن الباحث أحمد سمير سنطاوي شروعه في الإضراب عن الطعام منذ يوم 28 آذار/مارس الماضي، كما قالت صديقته سهيلة يلديز. وقال سمير لأهله في الزيارة أنه لن يستطيع رؤية أحد أصدقائه يتعرض للأذى دون أن يحرك ساكنًا، ما دفعه للبدء في إضراب تضامني مع دومة الذي يتعرض لتضييقات واعتداءات متكررة منذ نقله إلى سجن المزرعة. وتقول يلديز إن هناك ثلاثة سجناء رأي آخرين قرروا مشاركتهم الإضراب دون أن تذكر أسمائهم، ولكن من ضمن الأسماء التي عرفناها، الصحفي والناشط العمالي هشام فؤاد المسجون على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا باسم "تحالف الأمل".

تؤكد يلديز أن الوضع في سجن المزرعة في غاية السوء، بدءًا من ضيق الزنازين وقذارتها، مرورًا بالتعنت في دخول مستلزمات أساسية كان يُسمح بدخولها من قبل، وصولًا إلى المضايقات غير المبررة كمنع سنطاوي من إرسال أو تلقي الرسائل الشخصية من أسرته وأصدقائه، وأصبح السماح بتبادل الرسائل شهريًا بعدما كان أسبوعيًا. وحمّلت يلديز رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والنائب العام مسؤولية حياة سنطاوي وصحته البدنية والنفسية، وطالبت بسرعة التدخل والاستماع لمطالب المضربين عن الطعام لحل الأزمة قبل تفاقمها. وأحمد سمير سنطاوي هو باحث مصري وطالب ماجستير في الجامعة المركزية الأوروبية بالنمسا، أُلقي القبض عليه في بداية العام الماضي أثناء قضائه إجازته مع أسرته.

الاعتداءات مستمرة.. الإضرابات مستمرة

أعلنت الصحفية إكرام يوسف والدة الناشط السياسي والبرلماني السابق زياد العليمي عن شروعه في الإضراب عن الطعام منذ يوم 28 مارس/ آذار الماضي بسبب ما أسماه عدم وجود قنوات تواصل سليمة مع المسؤولين في محبسه، وبعد أن أعلن العليمي عن إضرابه تم نقله من محبسه دون إبلاغ أهله إلى سجن استقبال طره حتى يُتاح لإدارة السجن متاعبة حالته الصحية ورعايته كما يستوجب الأمر، بخاصة أنه يعاني أمراضًا مزمنة كالسكر والضغط، وبعد مرور أسبوع على إضرابه توصل العليمي إلى تسوية مناسبة مع المسؤولين ما جعله يقرر فك الإضراب.

ورجوعًا مرة أخرى إلى تجاوزات العميد أحمد الوكيل مفتش مباحث منطقة سجون طره في حق السجناء، أشار حذيفة أبو الفتوح نجل السياسي ومرشح الرئاسة السابق عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، والمحبوس احتياطيًا منذ شباط/فبراير 2018، إلى تعرض والده للاعتداء من أحمد الوكيل يوم 23 آذار/مارس 2022 بعد انتهاء فترة التريض بدفعه بعنف وإدخاله إلى الزنزانة بقوة، برفقة ضابط آخر يُدعى أشرف شلبي وفي حراسة قوة من عساكر الأمن، ما تسبب لوالده في أزمة قلبية حادة استمرت 6 ساعات، تناول خلالها جرعتين من موسع الشرايين. كما أن مأمور سجن المزرعة العقيد أسامة الرويني لم يسمح له بإثبات الواقعة في محضر رسمي. ويضيف حذيفة أنه طلب مقابلة الرويني لسؤاله عن سبب امتناعه إثبات واقعة الاعتداء في محضر رسمي، فأبلغه بأنه لا يجوز لمسجون الإبلاغ عن ضابط في محضر، ليرد حذيفه عليه بأن القانون يلزم مأمور السجن بذلك.

واستنكرت وأدانت أسرة أبو الفتوح في بيان رسمي الاعتداءات التي حدثت في حق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحمّلت المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته الجسدية والنفسية، للنظام الحالي ووزير الداخلية ومساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون ومأمور سجن المزرعة.

 الوضع في سجن المزرعة في غاية السوء، بدءًا من ضيق الزنازين وقذارتها، مرورًا بالتعنت في دخول مستلزمات أساسية كان يُسمح بدخولها من قبل

أخيرًا، أعلنت منى سيف أخت الناشط السياسي علاء عبد الفتاح عن انضمامه هو الآخر إلى قائمة المضربين عن الطعام في السجون المصرية منذ اليوم الأول في شهر رمضان الجاري، دون إعلان أية تفاصيل أخرى، على أن تقوم العائلة باتخاذ الإجراءات القانونية المطلوبة، وأن يعلنوا عن تفاصيل الإضراب ومطالبه في وقت لاحق.