24-مارس-2022

لعبت مادلين أولرايت دورًا حاسمًا في تشكيل السياسة الأمريكية تجاه البلقان (Getty)

أعلن مساء أمس الأربعاء عن وفاة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين  أولبرايت بعد صراع طويل مع المرض. وجاء الإعلان من خلال بيان  نشرته عائلة الوزيرة السابقة عبر حسابها في تويتر كتب فيه إن "مادلين توفيت متأثرة بمرض السرطان وأن عائلتها كانت تحيط بها". وفي أول ردة فعل على خبر الوفاة أشاد المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية نيد برايس بأولبرايت ووصفها بـ "الرائدة باعتبارها أول امرأة تتولى منصب وزيرة للخارجية، وأضاف "أعلم أن العديد من الأشخاص في هذا المبنى يشعرون بالحزن اليوم".

أعلن مساء أمس الأربعاء عن وفاة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين  أولبرايت بعد صراع طويل مع المرض. وجاء الإعلان من خلال بيان  نشرته عائلة الوزيرة

هذا الموت الهادئ للمسؤولة الأمريكية السابقة، يجيء مناقضًا لحياتها الحافلة بالمحطات والتناقضات، والتي شهدت تطورًا متدرجًا في السلطة، ولحظات حاسمة في التاريخ الأمريكي، والأهم سجلًا مليئًا بالدم، بما في ذلك مئات آلاف القتلى في العراق والبلقان، الذين تقفز السردية الأمريكية المتمركزة على ذاتها عنهم، أثناء الحديث عن "المرأة الصلبة". 

التلفزيون العربي

لمادلين أولبرايت ذات التاريخ الإشكالي أصول يهودية، لم تعلم بها سوى في وقت لاحق في حياتها، ذلك أن والديها كانا قد تحوّلا إلى الكاثوليكية خلال الحرب العالمية الثانية، خوفًا من الاضطهاد، لينشأ أبناؤهما كذلك على الكاثوليكية، دون أن يعلما بتاريخ الأسرة اليهودية. كما اكتشفت أولبرايت لاحقًا أن 26 فردًا من أقاربها قد قتلوا في المذابح النازية في أربعينات القرن الماضي.

تنقلت أسرتها بين أماكن عديدة هربًا من أوروبا، وصولًا بعد رحلة طويلة استغرقت عشر سنوات إلى الولايات المتحدة. هنالك، تفوقت أولبرايت في دراستها، وتزوجت من رجل ثريّ تملك أسرته صحيفة مطبوعة. وقد نشرت أولبرايت العديد من المقالات والكتب المتخصصة بالشأن العام، وصعد نجمها محليًا في الحزب الديمقراطي الأمريكي، حتى صارت مستشارة للرئيس جيمي كارتر، ومستشارة للشؤون الخارجية لثلاثة مرشحين للرئاسة، من بينهم كلينتون عام 1992.

وكانت أولبرايت أول امرأة تتسلم منصب وزيرة للخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد تسميتها من قبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون خلال فترته الرئاسية الثانية، واستمرت فيه حتى كانون الثاني/يناير 2001.

وتعتبر أولبرايت شخصية محورية في إدارة الرئيس كلينتون حيث عملت أولًا كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كما دافعت عن توسيع حلف شمال الأطلسي، وأيدت بشدة تدخله العسكري في حرب البلقان، وقد تعرضت لانتقادات شديدة في واشنطن في ذلك الوقت، حيث وصف البعض الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي بـ"حرب مادلين أولبرايت".

في العالم العربي، يرتبط اسم مادلين أولبرايت بدورها المحوري الدافع لفرض عقوبات اقتصادية على العراق، أدّت إلى وفاة أكثر من مليون عراقي، من بينهم نصف مليون طفل بحسب تقديرات للأمم المتحدة، إضافة إلى موقفها المتحيّز للمصالح الإسرائيلية والدفاع عنها ضد حقوق الفلسطينيين. 

كما شهدت فترة تولي أولبرايت منصب وزيرة الخارجية تفجيرات تنظيم القاعدة لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصًا، ووصفت الهجوم في ذلك الوقت بأنه "أصعب يوم في فترة ولايتها".

وتقول شبكة "سي أن أن" إنها ساهمت في توجيه السياسة الخارجية الغربية في أعقاب الحرب الباردة، وكانت وجهًا بارزًا للسياسة الخارجية الأمريكية في الفترة ما بين نهاية الحرب الباردة و"الحرب على الإرهاب" التي بدأت بعد هجمات 11 آيلول/سبتمبر 2001.

وشغلت أولبرايت بعد تركها وزارة الخارجية منصب رئيسة المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية في واشنطن من العام 2001 حتى وفاتها، كما قامت بالتدريس في جامعة جورج تاون. وفي العام 2012 قلدها الرئيس باراك أوباما وسام الحرية الرئاسي، وقال إن "صلابتها ساعدت في إحلال السلام في البلقان ومهدت الطريق لإحراز تقدم في بعض أكثر مناطق العالم اضطرابًا".

في العالم العربي، يرتبط اسم مادلين أولبرايت بدورها المحوري الدافع لفرض عقوبات اقتصادية على العراق، أدّت إلى وفاة أكثر من مليون عراقي

ويقارن نفوذ مادلين أولبرايت على المستوى الدولي بدور مارغريت تاتشر في بريطانيا في ثمانينات القرن الماضي.