09-مارس-2016

عقد الزواج الذي وجد في جيب وفاء

ليس خبرًا عاديًا أن تنتحر امرأة في يوم المرأة العالمي، وليست رسالة مكتوبة بالدم من فتاة صغيرة سورية إلى كل رجال الأرض، ليس نحيبًا طويلًا عندما تخرج الروح محشرجة من حنجرة قتيل مظلوم.

أي عذابات هتكت روح الزوجة الطفلة لتصل إلى استباحة جسدها بالرصاص؟

انتحرت وفاء، ابنة الخامسة عشر، بإطلاق النار من بارودة صيد على عنقها، تخيلوا معي بارودة صيد، هكذا تنتحر العصافير في غربتها بعد أن أكلها الأهل قبل الغرباء، هي التي فرت مع عائلتها من موت كبير لموت أكبر. ماتت الطفلة مرتين، مرة عندما تزوجت بورقة شيخ ابن عمها في تركيا خارج وطنها، ومرة ثانية عندما قررت أن تريح روحها الصغيرة من عذابات العيش مع عائلتها في (كونتينر) شاحنة مهمل في ظروف قاسية جدًا حيث تعمل العائلة في مزرعة لتربية المواشي.

اقرأ/ي أيضًا: أصوات النساء.. قتلُ العصفور الساخر خطيئة

أي عذابات هتكت روح الزوجة الطفلة لتصل إلى استباحة جسدها بالرصاص؟ وماذا فعل الأهل والزوج والعالم لأطفال شردتهم حرب ظالمة، وهاهي تصطادهم كعصافير غداء سريع؟ وأي إله هذا الذي لا ينتقم من كل هؤلاء؟

الطفلة إلى مزرعة المواشي مطرودة من فتاها، وعاشت ظروف القهر في شبه بيت يعج بالبشر المهزومين الجائعين، ومعها كل الأحلام الخائبة والأنوثة المغتصبة، ووبعض هوى مبتور الأوصال، وخلاص انتهت رحلته بين أنفاس لم تحتمل همها وموتها الروحي.

وجدت الشرطة في جيب المنتحرة في يومها الكبير عقد زواجها الورقي، وفيه كل تفاصيل الجريمة، الزوج والشهود والمهر الوضيع، ويبدو أنها تركته كدليل على براءتهم من روحها، ودليلًا على جنياتهم بنفس الوقت فأيّ رسالة؟

وفاء صفعت كل الثرثارين، في يوم المرأة، على صفحات الفيسبوك، والذين يتغنون بيوم واحد لكائن يعطي كل يوم وبكل مراحل تطوره دروسًا في الوفاء والخصب، وتركت دليلها على فداحة مؤامرتنا الذكورية الفجة، فكل الشهود والمجرمين ذكور، والولي أكبرهم وأخطرهم.

في يوم وفاء، المرأة الشرقية أهم الكائنات استباحة في هذا الشرق اللعين، من مولدها حتى مماتها، وحتى في فرحها يصرخ الرجال فرحًا كمفترسين، ولكن يجب أن نذكر دائمًا أولئك القتلة الكبار الذين أوصلوها إلى الخروج من البيت، إلى الشريط الشائك، إلى مزرعة المواشي، إلى الموت بطلقة في العنق.

اقرأ/ي أيضًا: 

الوردة والرشّاش

المرأة والنص.. تاريخ التجاهل والتطور