10-أغسطس-2017

احتجاجات سابقة للعدول في المغرب (صورة أرشيفية/ فيسبوك)

ماذا لو أشرفت امرأة على توثيق الزواج ومارست لأول مرة مهنة "المأذون" (مُوَثِّق عقود الزواج والطلاق عند المسلمين)؟ هل يجوز ذلك؟ وماذا إن وثقت المرأة المعاملات العقارية والمالية؟ هذه أسئلة قد تبدو للبعض بديهية أو غير ذات أهمية لكنها تُطرح لأول مرة بالمغرب، خصوصًا  بعد أن أكدت عديد المصادر أن وزارة العدل المغربية ستسقط شرط الذكورة عن مهنة "العدول" أو "المأذون". وهكذا أصبح موضوع ولوج المرأة مهنة "المأذون" حديث الساعة بالمجتمع المغربي، بين رافض ومؤيد للفكرة.

صار موضوع ولوج المرأة مهنة "المأذون"/العدول حديث الساعة بالمجتمع المغربي بين رافض ومؤيد للفكرة

يذكر أن وزارة العدل المغربية تستعد للإعلان، في غضون الشهور المقبلة، عن مباراة/ مسابقة  للولوج لمهنة العدول/ المأذون، وسيسمح للنساء لأول مرة بالترشح.

اقرأ/ي أيضًا:  المغرب.. إعلام يهين المرأة

لا يمكنها أن تكون من "العدول"..

سبق وأن نصت "خطة إصلاح منظومة العدالة" التي أطلقها وزير العدل والحريات السابق، مصطفى الرميد، على تحديث مهنة "العدول" وفتحها في وجه المرأة، لكن بمجرد الحديث عن إسقاط شرط الذكورة عن هذه المهنة وقرب تطبيق الأمر، فتح نقاش ساخن بالمغرب، فالبعض يشكك في قدرة المرأة على النجاح فيها.

"المرأة لن تستطيع أن تتحمل صعوبات المهنة، التي يطالها التهميش وعدم التحديث"، بهذه العبارة يشرح عبد الرزاق بويطة، الكاتب العام للجمعية المغربية للعدول الشباب، رفضه ولوج المرأة مهنة "العدول". ويؤكد عبد الرزاق، ضمن حديثه لـ"ألترا صوت" أن "المهنة تتخللها الكثير من الأزمات والمشاكل". متسائلاً: "كيف ستعمل المرأة أمام هذا الوضع السيء الذي يعيشه "العدول"؟".

ويرى عبد الرزاق، أن "ولوج المرأة المهنة فكرة خاطئة من الأساس، لأنها ستمارسها دون ضمانات قانونية وبظروف غير آمنة أحيانًا". ويخشى عبد الرزاق من عمل المرأة كـ"مأذون"، وذلك بسبب المشاكل التي يتخبط بها "العدول" الرجال" وبسبب "طباع المرأة" على حد تعبيره.

ويضيف: "نحن نمارس المهنة داخل دكاكين في أزقة شعبية، ونتواصل مع مواطنين من مختلف الطبقات الاجتماعية، ونوثق جزءًا من المعاملات في وقت متأخر ليلاً، ونتعرض في مناسبات عديدة للسرقة، من دون أي ضمانات تحمينا. لا أظن أن المرأة قادرة على تحمل كل تلك الأعباء"، على حد تعبيره. وطالب عبد الرزاق وزارة العدل بضرورة "إصلاح المهنة، وإيجاد حلول لأفواج العاطلين فيها من الرجال، قبل التفكير في ولوج المرأة للمهنة"، على حد تعبيره.

عدم ولوج المرأة إلى مهنة العدول/المأذون بالمغرب راجع إلى أنه عبر التاريخ الإسلامي لم توثق النساء العقود بحجة أن "شهادتهن ناقصة"

يذكر أن عدم ولوج المرأة إلى مهنة "العدول"/"المأذون" بالمغرب راجع إلى أنه عبر التاريخ الإسلامي لم توثق النساء العقود، بحجة أن "شهادة المرأة ناقصة"، استنادًا إلى فهم معيّن للآية القرآنية الكريمة في قوله تعالى: "وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى".

وفي هذا السياق، يقول الشيخ السلفي المغربي حسن الكتاني، إن "شهادة النساء على عقود الزواج  لا تجوز". وأكد أنه في حالة "فتحت مهنة العدول في المغرب أبوابها للنساء فهذا مخالف لما عليه أئمة المالكية، وجماهير أئمة الإسلام وفعل باطل يجعل الزواج كله فاسدًا". وطالب السلفي المغربي المعروف، بإيقاف، ما أسماه "العبث بأحكام الدين".

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: أفكار مسبقة وتعابير مفخخة.. وجه آخر لإهانة المرأة

خطوة جريئة..

حول حق النساء في ولوج مهنة العدول، دخل على خط أيضًا المركز المغربي لحقوق الإنسان،  وكتب رئيس المركز عبد الإله الخضري، على صفحته على فيسبوك: "نقر أن هناك أمورًا ضمن الأحوال الشخصية تقتضي قواعد معينة، وبمنطوق القرآن الكريم، نحن لا نعترض لكن هناك صيغًا مناسبة ومنسجمة، ويمكن من خلالها ضبط اشتغال العدول من النساء في مجالهن، دون تعارض مع تعليمات الدين الحنيف، ولعل اجتهادات العلماء وخبراء المجال القانوني والاجتماعي كفيلة بخلق التوازن المطلوب، بين مستلزمات العقيدة وقيم المسلمين، والتزامات المغرب الحقوقية، وطنيًا ودوليًا".

ووفقًا لبيان المركز المغربي لحقوق الإنسان، الذي اطلع عليه "الترا صوت"، يرى المركز الحقوقي أن ولوج المرأة مهنة "العدول" خطوة إيجابية وجريئة "تعكس الإرادة الفعلية من أجل التصدي للفوارق بين الجنسين، في الولوج للمهن القانونية، وغيرها من المهن".

واعتبر المركز "المبادرة تفعيلاً لالتزام المغرب بمقتضيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، خاصة المادة 11، التي تلزم الدول المصادقة عليها، مثل المغرب، بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 المناصفة والحد من العنف.. أهم الوعود للمغربيات

العنف الزوجي وزواج القاصرات.. أرق المغربيات