10-سبتمبر-2019

شارع في بيروت

أسواق بيروت، المكتبة الوطنية، كورنيش عين المريسة، مسرح المدينة، المكتبة العامّة، الحمّامات الرومانية، ساحة النجمة، بيت بيروت؛ أماكن عامّة ومفتوحة وغاليريهات وفضاءات ثقافية تغيّرت ملامحها وهويّتها بانطلاق الدورة الأولى من "مهرجان بيروت للصورة" يوم الأربعاء 4 أيلول/سبتمبر، والمستمر حتّى 5 تشرين الأول/أكتوبر.

على مدار شهر كامل، ستتحوّل العاصمة اللبنانية بيروت إلى غاليري ضخم يضمّ أعدادًا كبيرة من الصور المختلفة

على مدار شهر كامل، ستتحوّل العاصمة اللبنانية بيروت إلى غاليري ضخم يضمّ أعدادًا كبيرة من الصور المختلفة، إن كان لجهة موضوعها أو تاريخها أو جنسية مُلتقطها أيضًا. صور قادمة من عالم الصحافة، وأخرى معنية بالتوثيق، بينما تذهب صور أخرى نحو التجريب. بورتريهات ولقطات أرشيفية بالأبيض والأسود في لبنان وفلسطين، وزّعت وُعلّقت في الأماكن والفضاءات الثقافية المذكورة أعلاه، لتكون الحصيلة نحو 600 صورة من أصل 3800 وصلت إلى لجنة المهرجان (المصوّر فؤاد الخوري، المصوّر جان لويس بيرسودير، والمصمّمة جنى طرابلسي، والصحافي أحمد بزّون، والمصور النمساوي الأمريكي نوربرت شيلر، والمصوّر طوني العلية، ومحرّرة الصور جنين حيدر)؛ وبتوقيع نحو 122 مصوّرًا فوتوغرافيًا من لبنان وفلسطين وأميركا والعراق وإيران واليونان والأردن وسلطنة عمان. بالإضافة إلى إيطاليا والجزائر ومصر وليبيا وموريتانيا وفرنسا وكندا والبحرين وسورية واليمن وغيرها من الدول العربية والعالمية.

اقرأ/ي أيضًا: فوتوغرافيا جوزيف كوديلكا.. خراب بيروت المضيء

يتشارك المصوّرون الـ 122 مساحة أسّسها القائمون على المهرجان الفوتوغرافي الأول في لبنان لتحويل الصور المتجاورة إلى متتاليات قصصية ترويها الصور نفسها للمتلقّي الذي تدعوه أيضًا إلى تأمّلها بعيدًا عن سطوة الشاشات الصغيرة والسريعة. فهنا أعمال يعود بعضها إلى بداية القرن العشرين لتستعيد أولى الممارسات الفوتوغرافية في ذلك الزمن، بالإضافة إلى صور ركّزت عدسات مُلتقطيها على تصوير حياة الناس، والتقاط قصصهم الفردية كذلك، قبل أن تذهب نحو العمران، بحيث تشكّل، من خلال ثنائية البشر والحجر معًا، صورة لأزمنتها، أي اللقطة. ناهيك عن صور معنية بحياة الأقليات الدينية، وأخرى بنضالات المرأة العربية، بينما تذهب بعضها نحو ضفّتي نهر النيل، حيث تلتقط التراث النوبي وتقاليده وكذا ممارساته. طقوس شعبية قادمة من الهند، قطاع غزّة بصورة غير تلك المألوفة والسائدة، حروب داعش في الموصل ودير الزور، ومشاهدات من الحياة اليومية من مختلف دول العالم. 

يحتفي المهرجان الذي تنظّمه "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة"، و"دار المصور"، و"اتّحاد المصوّرين العرب"، والذي سيمتد إلى بعلبك وطرابلس وصيدا وصور وحمّانا؛ بأبرز التجارب الفوتوغرافية النسائية في العالم العربي والشرق.

يوم أمس، الاثنين 4 أيلول/ سبتمبر الجاري، انطلق في "غاليري قدرات" (بيت بيروت) معرض استعادي يحتفي برائدة التصوير الفلسطينية كريمة عبود (1893-1955) التي وصفتها جريدة "الكرمل" سنة 1924 بأنّها مصوّرة الوطن الوحيدة. بورتريهات لعائلتها وأخرى لأصدقائها هي ما سنراه في "غاليري قدرات". بالإضافة إلى بورتريهات شخصية لعائلات الطبقة الوسطى في فلسطين، وصور لأماكن ومدن فلسطينية كالناصرة وحيفا وطبريا وبيت لحم، عدا عن مدينة بعلبك اللبنانية التي وصلت إليها حين جاءت إلى مدينة بيروت لدراسة الأدب العربي في "الجامعة الأمريكية في بيروت".

تحوّلت صور كريمة عبود التي سينطلق لها معرضين آخرين الأول في "الآثار الرومانية" (بعلبك 28 أيلول حتّى 5 تشرين الأول) بينما ينطلق الثاني في "المسرح الوطني اللبناني" (صيدا 21 حتّى 27 أيلول)؛ إلى وثائق للمدن التي احتلتها المنظمّات الصهيونية وهجّرت سكّانها، لتُضاف إلى أرشيف فوتوغرافي ضخم لفلسطين ما قبل النكبة. أضف إلى ذلك تأسيسها لأرشيفٍ للنساء وعنهنّ. ويرى المهتمّون بتجربة المصوّرة الفلسطينية أنّ أهميتها تكمن في عدّة عناصر، أهمّها الممارسات المتقدّمة في الطباعة، وتقنياتها في التظهير والتلوين، عدا عن الوجوه التي تلتقطها.

إلى جوار كريمة عبود، تنظّم إدارة "مهرجان بيروت للصورة" ثلاثة معارض استعادية للمصوّرة اللبنانية ماري الخازن (1899-1983) بعنوان "بصورها حمت ماري الخازن الحياة" في "بيت بيروت" (بيروت، انطلق يوم أمس ويستمر حتّى 14 أيلول الجاري)، و"خان الإفرنج" (صيدا، 14 حتّى 22 أيلول)، و"ورشة 3" (طرابلس، 20 حتّى 29 أيلول).  ومن المعروف أنّ المصوّرة اللبنانية اهتّمت بتوجيه عدستها نحو المناطق الريفية اللبنانية، والتقاط حياة الناس فيها في القرن العشرين.

يحتفي "مهرجان بيروت للصورة" بأبرز التجارب الفوتوغرافية النسائية في العالم العربي والشرق

لا تتوقّف فعاليّات المهرجان عند هذين المعرضين فقط، حيث إنّ جدول المواعيد ممتلئ، وهناك عددًا كبيرًا من المعارض التي ستقام في العاصمة وغيرها من المدن اللبنانية، من بينها معارض تضمّ صورًا مختلفة لمدينة بيروت تمتد بين 1919 و2019، كمعرض المصوّر اللبناني نبيل إسماعيل "بيروت"، ومعرض زياد نعماني "صيادوا رأس بيروت"، وكذا يارا سعادة في "بيروت هنا وهناك". فضلًا عن معرض الإيطالية اليونورا غاتو "يوم الزفاف" التي تتشارك فيه مع الرسام اللبناني نادر تابر في دمج الفوتوغرافيا مع الرسوم. بالإضافة إلى معارض أخرى تستضيف صورًا لعمّال سوريين وهم يرممّون أحد مباني المدينة، وطبيعة الحياة اليومية فيها وغير ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: معرض "لا مكترث".. فوتوغرافيا تتقلّب مع المزاج

بعيدًا عن بيروت، سنكون على موعدٍ مع معارض عديدة خارج حدود العاصمة، كـ "حول العالم"، و"الصورة الصحافية"، و"الأهوار – جنّات عدن"، و"قبائل الكارا – الأساطير أمام الكاميرا"، و"النوبة – أرض الذهب"، وغيرها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

معرض "الوطن العائم".. صور تروي الخروج الفلسطيني من بيروت

المصوّر آرا غولر.. عين إسطنبول التي أغمضت إلى الأبد