09-يناير-2018

العرض المتوّج بالجائزة الكبرى

أخيرًا، تمّ الإفراج عن الدّورة الـ 12 من "المهرجان الوطني للمسرح المحترف" بالجزائر العاصمة، التي تزامن انتهاؤها مع رأس السّنة الجديدة، بعد أن تعوّد عليها المسرحيون الجزائريون في شهر أيّار/مايو من كلّ عام. إذ راج أنّ الوزارة تخلّت عن أكبر تظاهرة مسرحية في البلاد، لدواعٍ تتعلّق بسياسة التقشّف التي تعتمدها الوزارة في ظلّ سقوط أسعار النّفط منذ عام 2015.

المسرحي الجزائري وجد نفسه أمام حالة من التحدّي للتقشف المادي، فقرّر أن يثبت أن سلطة الجمال أقوى من سلطة المال

وساد انطباع مسبق لدى قطاع واسع من المسرحيين أن العروض ستكون هزيلة جماليًا، بالنظر إلى المخصّصات المالية قد خفّضت إلى الثلث تقريبًا، بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في السّابق، وكذلك ميزانية المهرجان نفسه، "غير أن ما شاهدناه تفوّق بكثير عمّا كنّا نشاهده في زمن البحبوحة المالية"، يقول الممثل محمّد بن يحي، من مسرح القمر الخامس الخاص.

اقرأ/ي أيضًا: المهرجان الجزائري للمسرح المحترف.. دورة متقشّفة

محدّث "الترا صوت" قال إنّ المسرحي الجزائري وجد نفسه أمام حالة من التحدّي للوضع، فقرّر أن يثبت أن سلطة الجمال أقوى من سلطة المال، ويقدّم عروضًا بعضها مقبول وبعضها ارتقي إلى أن يكون علامة مسرحية فارقة. يضيف: "أتمنّى ألا تبقى حالة مؤقتة أو عابرة أو مزاجية. لقد آن الأوان لأن نعيد النّظر في كثير من حساباتنا الخاصّة بالتسيير المسرحي".

ما ميّز الدّورة الجديدة من المهرجان التقاء نخبة جادّة من المخرجين والموسيقيين والسينوغرافيين والممثلين في منافسة، وضعت لجنة التّحكيم أمام صعوبة في المفاضلة بين المتنافسين. يقول رئيس اللّجنة الكاتب والناقد المسرحي علّاوة وهبي جروة لـ"الترا صوت": "لقد تفاجأنا بعمق العروض رغم تفاوتها، كما فاجأنا تفاعل الجمهور وحرصه على الحضور بالمقارنة مع الدّورات السّابقة".

من بين العروض المتنافسة "ما بقات هدرة" للمخرج محمد شرشال، و"العطب" و"انتحار الرّفيقة الميتة" لفوزي بن إبراهيم، و"المنبع" لربيع قشي، و"عطاشى" لمسرح مدينة الجلفة، و"الحارس" لعزّ الدّين عبار، و"نهاية اللعبة" لمسرح مدينة سعيدة، و"آسف لن أعتذر" لمسرح مدينة معسكر، و"الإشاعة" لمدينة أم البواقي، و"كشرودة" لمسرح مدينة سوق أهراس، و"امرأة بظلّ مكسور" لمسرح مدينة عنّابة. مع تسجيل غياب مسرحي وهران وبجاية للمرة الأولى، واقتصار حضور الفرق الحرّة على العرض خارج المنافسة.

الجائزة الكبرى عادت إلى عرض "ما بقات هدرة" للمخرج محمّد شرشال، فيما عادت جائزة لجنة التحكيم لعرض "المنبع" للمخرج ربيع قشي، وحصد عرض "كشرودة" للمخرج أحمد رزاق معظم الجوائز الفردية، مثل جائزة أفضل ممثل واعد وجائزة أفضل إخراج وجائزة أفضل نص.

رغم المخصصات المالية الهزيلة، قدم "مهرجان المسرح المحترف" في الجزائر تجربة استثنائية

اقرأ/ي أيضًا: محمد لحواس.. أن يلعب الممثّل دوره مضاعفًا

انتماء المخرجين الثلاثة إلى تيار معارضة المنظومة المسرحية القائمة، وتوغل المخرجين ربيع قشي وأحمد رزاق في انتقاد سياسة وزير الثقافة الحالي الكاتب عزّ الدّين ميهوبي، جعل بعض المهتمّين بالشأن المسرحي يرون أن تتويجهم بالجوائز الكبرى للمهرجان هو محاولة لاسترضائهم والتخفيف من حدّة معارضتهم. يسأل المسرحي حيلم زدّام: "هل علينا أن نعارض وزير الثقافة حتى نفتك التتويج؟". وهو المعطى الذي نفته إدارة المهرجان بالقول: "لم يفز إلا الجدير والجمهور كان حكمًا ثانيًا وشاهدًا على نزاهة النتائج".

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد أمين رفاس.. مناضل شاب لأجل المسرح

المسرح الفكاهي يسترجع مهرجانه في الجزائر