24-يونيو-2017

المخرج المصري علي بدرخان

على أي أساس تمنح مصر جوائز الدولة، التقديرية والتشجيعية؟ ما المعايير؟ كيف تقرر لجنة التحكيم؟ ومن يشكل لجنة التحكيم؟.. أسئلة لا تجد إجابة في وزارة الثقافة المصرية، وهو ما يضع جوائز الدولة في أزمة سنوية. كل عام، تخرج أصوات عدة لتطالب بسحب الجائزة من أحد الفائزين، وتقول إنه لا يستحق، إنما حصل عليها بالمحسوبية، لأنه صديق مسؤول، أو قريب من آخر.. كل هؤلاء ضحايا عدم وجود معايير لمنح الجائزة، فيستقرّ الأمر إلى منحها على هوى لجنة التحكيم.

على أي أساس تمنح مصر جوائز الدولة، التقديرية والتشجيعية؟ ما المعايير؟ كيف تقرر لجنة التحكيم؟

لماذا علي بدرخان؟

أثار فوز المخرج علي بدرخان بجائزة النيل، أرفع جائزة تمنحها مصر سنويًا في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وفيمتها نصف مليون جنيه مصري (27 ألف دولار) حفيظة عدد كبير من المتابعين، خاصة إن المسيرة الإبداعية لعلي بدرخان فقيرة للغاية، كما وصفوها، فليس له سوى عشرة أفلام فقط قام بإخراجها، ولا تمثل ثقلًا أو علامة بارزة في السينما المصرية. وبرَّر متابعون حصوله على الجائزة بعلاقاته الواسعة بالوسط الفني والنقاد.

اقرأ/ي أيضًا: أدباء مصر يرفضون التنازل عن تيران وصنافير: سنكون في الصفوف الأولى

منتج يفوز بجائزة المسرح.. أين المبدعون؟

جاءت جائزة الدولة التقديرية لتثير تساؤلًا مهمًا: هل المسرح فقير في مبدعيه إلى الحد الذي يذهب بالجائزة إلى منتج؟ جوائز المسرح مخصّصة للمخرجين والمؤلفين، وليس لصاحب المال الذي يقدّم مسرحيات، والمقصود هنا المنتج المسرحي سمير خفاجي، الذي حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون، الذي – رغم شعبيته – لا يعتبر مبدعًا مسرحيًا إنما مستثمر في مجال المسرح، والجائزة – وفق قواعدها وأعرافها – مخصصة للمبدعين فقط.

قاص في الستين يفوز بالجائزة التشجيعية

تغيَّرت الروح الشبابية لجوائز الدولة التشجيعية هذا العام، فذهبت إلى قاص تجاوز الستين من عمره، وهذا السن يدخله في حيز جوائز الدولة التقديرية، لكن سمير الفيل، الفائز، غيَّر خريطة الجوائز هذا العام دون إبداء أسباب، رغم إن له عدد كبير من الإصدارات، ولا ينطبق عليه العرف الذي جرى اختيار حائزي الجوائز التشجيعية عليه. كذلك حصل على جائزة الدولة التشجيعية الشاعر عبد الرحيم يوسف، وهو لا ينتمي لأعمار الشباب أيضًا. كانت هذه ملاحظات مجموعة من المثقفين، الذين عارضوا الأمر لحظة تسليم الجوائز وبعد ذلك، مطالبين حلمي النمنم، وزير الثقافة، بوضع حد لفوضى الجوائز في مصر، خاصة إنها تُقدَّم من أموال دافعي الضرائب، فمن الخطأ أن تتحكّم فيها العلاقات والمصالح الشخصية.

عضوة بلجنة الشعر تفوز بجائزة الشعر!

عن ديوانها "ذاكرة نبي لم يرسل"، حازت الشاعرة الشابة سلمى فايد جائزة الدولة التشجيعية، فانفجرت وزارة الثقافة لعدّة أسباب. الأول، إن سلمى اسم جديد على الأوساط الثقافية بالقاهرة فقد عاشت أغلب عمرها بالعراق، الثاني إن نوع القصيدة التي تكتبها ينتمي للمدرسة العمودية التي تصنف الشعر لأغراض وطنية واجتماعية على عكس المشهد الشعري في مصر، الذي تجاوز ذلك النوع من القصائد، الثالث إن سلمى عضو لجنة الشعر التابعة للمجلس الأعلى للثقافة، التي ترشح لجنة التحكيم التي منحتها الجائزة، وهنا تجاوز غير مسبوق، فشبكة المصالح تصل لذروتها، وهو خرق صريح لقواعد الشفافية، لذا طالبتها عدّة أصوات بالتنازل عن الجائزة لأنها حصلت عليها، وفق قولهم، دون وجه حق.

ردَّت سلمى فايد على الاتهام بقولها "لن أتنازل". وأضافت في تصريحات صحفية: "كان طبيعيًا أن يحدث ذلك، ولكني لم أكن أتوقع ذلك التجاوز الشديد في حقي، والذي خرج من كتاب ومثقفين كان أولى بهم أن يطلعوا على تجربتي قبل أن يحكموا بضعفها أو قوتها من الأساس، حتى يستند تحليلهم على أساس منطقي".

جاءت جائزة الدولة التقديرية لتثير تساؤلًا مهمًا: هل المسرح فقير في مبدعيه إلى الحد الذي يذهب بالجائزة إلى منتج؟

سخرت سلمى من اختصار فوزها بالجائزة في أنها "أنثى جميلة"، ودافعت: "لا أعرف أحدًا من المثقفين، ولا تربطني علاقة بكل هذه (الشلل) التي توجد هنا وهناك، علاقاتي عابرة وبسيطة".

الحياد.. مفقود

اعترض القاص والروائي شريف صالح على بعض الأسماء، التي حصلت على جوائز الدولة، متسائلًا عن الإنجاز الفكري والأدبي لبعضها: "ماذا فعل مصطفى الضمراني ونبيل لوقا ونبيل عبد الحميد؟.. من هؤلاء؟". وفصّل صالح، في تصريحات صحفية، ما أجمله بقوله: "الكاتب شريف عبد الحميد في كل دورة للجائزة إما أن يكون محكمًا في جائزة القصة أو عضوًا في لجنة القصة.. هذا غير مشاركته في إدارة نادي القصة!".

اقرأ/ي أيضًا: سينمائيون وأدباء مصريون يتمسكون بمصرية تيران وصنافير

ويصل إلى قمة الاتهامات: "الأسوأ من هذا أن أعضاء اللجان يضربون أبسط قواعد النزاهة والحياد فيقومون بترشيح أنفسهم للفوز بالجوائز وهم أعضاء في اللجنة ويختارون المحاكمين، يختارون أصدقاءهم، الذين يرشّحونهم للفوز بالجوائز. والعام المقبل، ستتبدل الأحوال، يفوز المحكم، ويصبح الفائز حكمًا، وهكذا".

لجنة لدراسة "حجب الجوائز"

خسرت جوائز الدولة هذا العام الكثير من مصداقيتها، رغم تغيير القانون الذي يحكمها إلا أن ذلك لم يكن حائلًا أمام الكثير من المشاهد التي احتسبت علامات سوداء في تاريخها، وهو ما دفع عدد كبير من المثقفين، ذوي الأسماء والسمعة الجيدة، في الأوساط المصرية، الثقافية وغيرها، إلى عدم التقدم لها فتم حجب عدد كبير من الجوائز، فكانت النتيجة حالة من الجدل تدور حولها للحد الذي دفع حلمي النمنم، وزير الثقافة، إلى تشكيل لجنة لدراسة الموقف بعد أن تفاقمت ظاهرة "حجب الجوائز" لاحتجاب ذوي الأسماء اللامعة عن الترشح لها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا استغرق بناء المتحف المصري الكبير 15 عامًا؟

منذر مصري.. حقول الدم ومقابر الغرباء