14-مارس-2025
ترامب ونتنياهو خلال اجتماع في البيت الأبيض (AP)

ترامب ونتنياهو خلال اجتماع في البيت الأبيض (AP)

كشفت مصادر أميركية وإسرائيلية عن تحركات دبلوماسية سرية بين واشنطن وتل أبيب لمناقشة إمكانية إعادة توطين فلسطينيي قطاع غزة في دول شرق إفريقيا، في إطار الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمن رؤيته لما بعد الحرب. وتواجه هذه الخطة انتقادات واسعة، كما تثير تساؤلات أخلاقية وقانونية حول مصير أكثر من مليوني فلسطيني.

بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين تحدثوا لوكالة "أسوشيتد برس"، فإن هذه الاتصالات تؤكد إصرار واشنطن وتل أبيب على تنفيذ هذه الخطة المثيرة للجدل، رغم الإدانة الدولية والمخاوف القانونية والإنسانية التي تثيرها.

وتواصلت واشنطن وتل أبيب مع حكومات ثلاث دول أفريقية: السودان، الصومال، وإقليم أرض الصومال (صوماليلاند)، لاستكشاف إمكانية استقبال لاجئين فلسطينيين

ونظرًا لأن الدول الأفريقية المستهدفة تعاني في بعض الحالات من الفقر وعدم الاستقرار، فإن هذه الخطة تتناقض مع تعهد ترامب بتوفير "مناطق جميلة" لإعادة توطين الفلسطينيين، كما تقول الوكالة.

وتواصلت واشنطن وتل أبيب مع حكومات ثلاث دول أفريقية: السودان، الصومال، وإقليم أرض الصومال (صوماليلاند)، لاستكشاف إمكانية استقبال لاجئين فلسطينيين. ورفضت الخرطوم الفكرة بشكل قاطع، بينما أكدت مصادر في الصومال وأرض الصومال عدم وجود أي محادثات رسمية حول هذا الموضوع.

خطة مثيرة للجدل ورفض فلسطيني وعربي

تسعى إدارة ترامب، وفقًا للخطة المقترحة، إلى إخراج جميع سكان غزة وإعادة توطينهم في أماكن أخرى، مع تولي الولايات المتحدة مسؤولية إعادة إعمار القطاع وتحويله إلى "مشروع عقاري". وتلقى هذا المخطط دعمًا علنيًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصفه بـ"الرؤية الجريئة"، بينما قوبل برفض قاطع من قبل الفلسطينيين والدول العربية.

ويؤكد الفلسطينيون أن أي عمليات ترحيل ستكون قسرية، رافضين الادعاءات الإسرائيلية بأنها ستكون "طوعية". كما حذرت منظمات حقوقية من أن مثل هذه التحركات قد ترقى إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

السودان: رفض قاطع للخطة

يعد السودان أحد الدول التي تم التواصل معها بشأن استقبال اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن مسؤولين سودانيين أكدوا أن حكومتهم رفضت الفكرة على الفور.

ووفقًا لمسؤولين سودانيين تحدثوا لـ"أسوشيتد برس"، فقد تواصلت إدارة ترامب مع الحكومة السودانية حول إمكانية استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، وقال أحد المسؤولين، طالبًا عدم الكشف عن هويته، إن واشنطن وتل أبيب عرضتا حوافز تشمل مساعدات عسكرية ودبلوماسية، ودعما في جهود إعادة إعمار السودان بعد الحرب. لكن الحكومة السودانية رفضت الفكرة بشكل قاطع. كما أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان في قمة عربية بالقاهرة بأن بلاده "ترفض رفضًا قاطعًا أي خطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مبرر".

أرض الصومال: البحث عن اعتراف دولي

أما إقليم أرض الصومال، الذي يسعى إلى الاعتراف الدولي منذ انفصاله عن الصومال قبل أكثر من 30 عامًا، فقد يكون هدفًا محتملاً للمقترح الأميركي الإسرائيلي.

وأكد مسؤول أميركي مطلع على الموضوع أن بلاده تجري "محادثات هادئة" مع أرض الصومال حول مجالات تعاون، بما في ذلك إمكانية الاعتراف بها رسميًا، وهو ما قد يشكل دافعًا للإقليم للتخلي عن دعمه للفلسطينيين.

ورغم الاستقرار النسبي الذي يتمتع به الإقليم مقارنة بالصومال، إلا أن أرض الصومال تبقى واحدة من أفقر المناطق في العالم. ورغم ذلك، نفى مسؤول حكومي هناك، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته، وجود أي اتصالات رسمية بشأن استقبال اللاجئين الفلسطينيين.

الصومال: تضامن قوي مع الفلسطينيين

الصومال، الذي طالما كان داعمًا للقضية الفلسطينية، يبدو غير مرشح لاستضافة فلسطينيي غزة، خاصة بعد مشاركته في القمة العربية التي رفضت بشكل قاطع خطة ترامب.

وقال مسؤول حكومي صومالي، رفض الكشف عن اسمه، إنه "لم يتم الاتصال بالحكومة الصومالية بشأن هذه الخطة، ولم تُجرَ أي مناقشات حولها".

بدوره، قال الخبير في النزاعات السياسية، سامبو تشيبكورير، لـ"أسوشيتد برس: "من الصعب فهم سبب اختيار الصومال كوجهة محتملة للفلسطينيين، خاصة في ظل دعم مقديشو الثابت لحق الفلسطينيين في تقرير المصير."

يذكر أن الحكومة الصومالية شاركت مؤخرًا في القمة العربية التي رفضت خطة ترامب بشكل قاطع.

إسرائيل تسعى لتنفيذ الخطة رغم الاعتراضات

على الرغم من المعارضة الدولية، أكد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن إسرائيل تعمل بنشاط على إيجاد دول تستقبل الفلسطينيين، كجزء من خطة أوسع تتولى وزارة الأمن الإسرائيلية تنفيذها.

فقد أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن تل أبيب بدأت باتخاذ خطوات عملية لتنفيذ الجزء الخاص بها من خطة ترامب. وقد شرعت إسرائيل في إنشاء "مديرية الهجرة من غزة" داخل وزارة الأمن، لتكون الجهة المسؤولة عن تنسيق العملية وتوفير الإطار التنفيذي لها على الأرض، بينما تتولى الولايات المتحدة الجانب الدبلوماسي والترويجي للخطة على المستوى الدولي.

وتحاول إسرائيل والولايات المتحدة استخدام وسائل ضغط متنوعة، تشمل الحوافز المالية والدبلوماسية، لدفع هذه الدول إلى القبول بالخطة، على غرار ما حدث خلال "اتفاقيات أبراهام" التي توسط فيها ترامب عام 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

هل تنجح الخطة؟

في ظل الرفض الفلسطيني والدولي، والتحديات القانونية والإنسانية التي تطرحها الخطة، تبقى إمكانية تنفيذها موضع شك كبير. ومع ذلك، فإن استمرار إسرائيل والولايات المتحدة في السعي وراء شركاء لهذا المخطط يعكس تصميمهما على إعادة رسم معالم الصراع في المنطقة وفقًا لرؤيتهما الخاصة.