رفض قاضٍ فيدرالي طلب إدارة ترامب برفض الطعن المقدّم من محامي الناشط الفلسطيني محمود خليل المعتقل من قبل عملاء وكالة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)في لويزيانا، وقرر نقل اختصاص القضية إلى ولاية نيوجيرسي، حيث كان خليل محتجزًا عند تقديم محاميه التماسًا للطعن في اعتقاله.
وفي قراره الصادر صباح الأربعاء، أشار القاضي جيسي فورمان إلى وجود انتهاكات دستورية خطيرة في اعتقال خليل، وأوضح أن "المحكمة الفيدرالية في نيويورك لا تملك الولاية القضائية على معظم، إن لم يكن جميع، مطالب خليل"، نظرًا لاحتجازه في نيوجيرسي وقت تقديم الدعوى. وعليه، سيتولى القضاء في نيوجيرسي البت في مدى دستورية اعتقاله، الذي جاء على خلفية مشاركته في نشاطات مؤيدة لفلسطين، وفق ما يؤكده فريقه القانوني.
أشار القاضي جيسي فورمان إلى وجود انتهاكات دستورية خطيرة في اعتقال خليل
إلى جانب ذلك، أبقى القاضي على قراره السابق الذي يمنع ترحيل خليل دون أمر قضائي، وهو الحكم الذي سيظل ساريًا ما لم تقرر محكمة نيوجيرسي خلاف ذلك.
وفي تعليق على قرار المحكمة، قالت زوجته الدكتورة نور عبدالله: "هذه خطوة أولى، لكن علينا أن نواصل المطالبة بالعدالة لمحمود. احتجازه غير القانوني لا يمكن أن يستمر، ولن نتوقف عن النضال حتى يعود إلى المنزل".
🎥 مشاهد تظهر لحظة إلقاء القبض على الناشط الفلسطيني والطالب بجامعة كولومبيا محمود الخليل. pic.twitter.com/iByzK1ZK9B
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 15, 2025
قصية ليست سهلة
وفي رده على قرار القاضي فورمان، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" إن قضية طالب جامعة كولومبيا الناشط الفلسطيني محمود خليل، ليست سهلة بعد تمسك بعض القضاة به.
واعتبر ترامب أن الإبقاء على محمود خليل قد يكون "أفضل من الإبقاء على مجرمين خطيرين في الولايات المتحدة"، وألقى باللوم على الديمقراطيين، معتبرا أنهم "يقاتلون من أجل القتلة والمجرمين وكارهي الولايات المتحدة وإسرائيل".
اعتقال تعسفي بسبب النشاط السياسي
يؤكد محامو خليل أن نقله عبر عدة ولايات كان محاولة من إدارة ترامب للتلاعب بالولاية القضائية، في خطوة تهدف إلى عرقلة مساعيه القانونية للطعن في احتجازه.
بعد ساعات فقط من اعتقاله، رفع محاموه دعوى قضائية بموجب قانون "المثول أمام القضاء" (Habeas Corpus)، مطالبين بالإفراج عنه فورًا، مؤكدين أن اعتقاله جاء بسبب آرائه السياسية ودعمه العلني للقضية الفلسطينية، مما يشكل انتهاكًا للتعديل الأول في الدستور الأميركي الذي يكفل حرية التعبير.
يذكر أن إدارة ترامب أرادت مثول خليل أمام قاض في لويزيانا، حيث تم نقله بعد اعتقاله في نيويورك، بينما طلب محامو خليل أن يتم الاستماع إلى القضية في نيويورك أو نيوجيرسي، لافتين إلى انتماء القضاة في لويزيانا إلى الحزب الجمهوري.
دعم واسع لإطلاق سراح خليل
لم تُوجه إلى خليل أي تهم جنائية، لكن اعتقاله أثار موجة من الانتقادات وسط مخاوف من حملة قمع متزايدة ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين في الولايات المتحدة. وتطالب فرق دفاعه بإطلاق سراحه بكفالة، ما سيمكنه من لمّ شمله بزوجته، التي تحمل الجنسية الأميركية، والتي من المقرر أن تضع مولودها الأول الشهر المقبل.
📌 في تصعيد جديد من إدارة #ترامب ضد الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين، قامت السلطات الأميركية باعتقال الناشط الفلسطيني البارز في الاحتجاجات المناهضة للحرب الإسرائيلية على #غزة في جامعة كولومبيا، محمود خليل، بسبب نشاطه في الاحتجاجات.
📌 يثير اعتقال خليل تساؤلات حول مدى حرية التعبير… pic.twitter.com/oWGKbfLpqG
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 10, 2025
رسالة من سجين سياسي فلسطيني
من داخل مركز احتجازه في لويزيانا، بعث خليل برسالة حملت عنوان "رسالة من سجين سياسي فلسطيني"، تحدث فيها عن تفاصيل اعتقاله التعسفي ومعاناته في السجن، وربط تجربته الشخصية بالظلم الذي يواجهه الفلسطينيون في غزة جراء العدوان الإسرائيلي، وأوجه الشبه بين سياسات الاحتلال الإسرائيلي والقوانين الأميركية القمعية ضد النشطاء المدافعين عن القضية الفلسطينية.
استهل خليل رسالته بوصف ظروف الاحتجاز القاسية، قائلًا : "اسمي محمود خليل، وأنا سجين سياسي. أكتب إليكم من مركز احتجاز في لويزيانا، حيث أستيقظ على صباحات باردة وأقضي أيامي الطويلة شاهدًا على الظلم الصامت الجاري ضد عدد كبير من الأشخاص المستبعدين من الحماية القانونية".
وتساءل: "من يملك الحق في أن تكون له حقوق؟ بالتأكيد ليس البشر المكتظون في الزنازين هنا. ليس الرجل السنغالي الذي التقيت به، والذي حُرم من حريته لمدة عام، حيث لا يزال وضعه القانوني معلقًا بينما عائلته على بعد محيطٍ منه. ليس الشاب المعتقل البالغ من العمر 21 عامًا الذي وطأت قدماه هذا البلد وهو في سن التاسعة، ليتم ترحيله دون حتى جلسة استماع. العدالة تهرب من حدود مرافق الهجرة في هذه الدولة".
وتحدث عن تجربته الشخصية منذ لحظة اعتقاله في 8 أذار/ مارس، حين اقتاده عناصر وزارة الأمن الداخلي الأميركية دون مذكرة اعتقال، أثناء عودته مع زوجته من العشاء، قائلًا: "قبل أن أدرك ما كان يحدث، قام العملاء بتقييد يدي وإجباري على دخول سيارة غير مميزة. في تلك اللحظة، كان همّي الوحيد هو سلامة نور. لم أكن أعلم ما إذا كانوا سيأخذونها أيضًا، حيث هدد العملاء باعتقالها لأنها لم تبتعد عني".
وأضاف: "لم تخبرني وزارة الأمن الداخلي بأي شيء لساعات، لم أكن أعرف سبب اعتقالي أو ما إذا كنت أواجه الترحيل الفوري. في 26 فيدرال بلازا، نمت على الأرض الباردة. في ساعات الصباح الباكر، نقلني العملاء إلى منشأة أخرى في إليزابيث، نيوجيرسي. هناك، نمت على الأرض ورفضوا إعطائي بطانية رغم طلبي".
انتقل بعدها خليل إلى الحديث عن الأسباب الحقيقية وراء احتجازه، مؤكدًا أن اعتقاله جاء نتيجة مباشرة لنشاطه السياسي ودعمه العلني للقضية الفلسطينية، حيث قال: "كان اعتقالي نتيجة مباشرة لممارستي حقي في حرية التعبير بينما كنت أدافع عن فلسطين حرة وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، والتي استؤنفت بكامل قوتها مساء الاثنين، مع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، يحتضن الآباء في غزة مجددًا أكفانًا صغيرة جدًا، وتجبر العائلات على الاختيار بين الجوع والنزوح أو القنابل. إنه واجبنا الأخلاقي أن نستمر في النضال من أجل حريتهم الكاملة".
وربط خليل بين اعتقاله ومعاناة الفلسطينيين في الداخل المحتل، مشيرًا إلى تشابه السياسات الأميركية والإسرائيلية في استخدام الاعتقال الإداري لقمع النشطاء والمعارضين السياسيين.
وكتب في هذا السياق: "ولدت في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا لعائلة نزحت من أرضها منذ نكبة 1948. قضيت شبابي قريبًا ولكن بعيدًا عن وطني في الوقت ذاته. لكن كونك فلسطينيًا هو تجربة تتجاوز الحدود. أرى في وضعي هذا أوجه تشابه مع استخدام إسرائيل للاعتقال الإداري، السجن دون محاكمة أو تهمة، لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم".
وأضاف: "أفكر في صديقنا عمر الخطيب، الذي تم سجنه دون تهمة أو محاكمة من قبل إسرائيل أثناء عودته إلى وطنه من السفر. أفكر في مدير مستشفى غزة وطبيب الأطفال الدكتور حسام أبو صفية، الذي اختطفه الجيش الإسرائيلي في 27 كانون الأول/ديسمبر ولا يزال محتجزًا في معسكر تعذيب إسرائيلي إلى اليوم. بالنسبة للفلسطينيين، السجن دون محاكمة عادلة هو أمر مألوف للغاية".
وأكد خليل أنه لطالما كان يؤمن بأن واجبه ليس فقط تحرير نفسه من القمع، بل أيضًا "تحرير مضطهدي من كراهيتهم وخوفهم. اعتقالي غير العادل هو دليل على العنصرية المعادية للفلسطينيين التي أظهرتها كل من إدارة بايدن وإدارة ترامب خلال الأشهر الـ 16 الماضية، حيث استمرت الولايات المتحدة في تزويد إسرائيل بالأسلحة لقتل الفلسطينيين ومنعت أي تدخل دولي.لعقود، شكلت العنصرية المعادية للفلسطينيين القوة الدافعة وراء توسيع القوانين والممارسات الأميركية التي تُستخدم لقمع الفلسطينيين، والعرب الأميركيين، ومجتمعات أخرى بعنف. وهذا هو بالضبط سبب استهدافي".
شدد خليل على ضرورة الاستمرار في النضال من أجل الحقوق المدنية وحرية التعبير، داعيًا إلى تضامن أوسع مع المعتقلين السياسيين والنشطاء المؤيدين لفلسطين، قائلًا: "في الأسابيع المقبلة، يجب أن يتحد الطلاب، والنشطاء، والمسؤولون المنتخبون للدفاع عن حق الاحتجاج من أجل فلسطين. ما هو على المحك ليس فقط أصواتنا، بل الحريات المدنية الأساسية للجميع."
واختتم رسالته بنداء إنساني، متمنيًا أن يكون حرًا ليشهد ولادة طفله الأول، حيث كتب: "مع علمي الكامل بأن هذه اللحظة تتجاوز ظروفي الفردية، آمل مع ذلك أن أكون حرًا لأشهد ولادة طفلي الأول".