11-مارس-2023
getty

من المتوقع أن يحكم شي قبضته على الصين (Getty)

كرس الرئيس الصيني شي جين بينغ سلطته في الصين، بعد انتخابه رئيسًا للبلاد لولاية ثالثة غير مسبوقة، في انتخابات كان فيها المرشح الوحيد، ويأتي ذلك بعد تمهيد شي لهذا الانتخاب من خلال إلغاء تحديد فترة حكم الرئيس عام 2018.

كرس الرئيس الصيني شي جين بينغ سلطته في الصين، بعد انتخابه رئيسًا للبلاد لولاية ثالثة غير مسبوقة

وجاء انتخاب شي، بعد حصوله في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي على ولاية ثالثة كأمين عام للحزب الشيوعي الصيني، وهو المنصب الذي  يستمد منه سلطته الحقيقية، إذ يُعد المنصب الأقوى في الصين، وبعد استحواذه على كل السلطات، تتجه الأنظار للدائرة المقربة من شي جين بينغ، التي ستوكل إليها المهام في إدارة حكم البلاد.

وانتخب اليوم صباحًا لي تشيانغ رئيسًا للوزراء في الصين، ويعد لي من الدائرة المغلقة للرئيس الصيني، ويلعب دورًا فعالًا في الاقتصاد.

وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، تقريرًا عن دائرة شي المقربة، الذين سيتولون مناصب قيادية في البلاد، بعد انتخابهم ضمن أعمال البرلمان الصيني التي سوف تستمر حتى يوم الإثنين المقبل.

وبحسب الصحيفة سيدفع الرئيس الصيني بتغييرات واسعة في القيادة، حيث سيتم تكليف قيادات جديدة مقربة منه بإحياء الاقتصاد الصيني، الذي تعرض لضربات أدت إلى إضعافه، بعد ثلاثة أعوام من القيود الصحية نتيجة تشفي جائحة كوفيد-19، بالإضافة لتعزيز الأمن والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في التقنيات الاستراتيجية لمواجهة ما وصفها شي بأنها حملة "الاحتواء الشامل والتطويق والقمع، من جانب الولايات المتحدة". وتبدو خيارات شي للعديد من هذه المناصب واضحة، رغم استمرار ضبابية الاختيارات في بعض المناصب الأخرى.

getty

حصل لي تشيانغ رئيس مجلس الدولة على هذا المنصب الذي يعد ثاني أقوى منصب في الصين، نظرًا لأن شي يجمع رئاسة الدولة والأمانة العام للحزب الشيوعي وقيادة الدائرة العسكرية، ومن المقرر أن يتسلمه لي تشيانغ، الذي تمت ترقيته في المؤتمر الأخير للحزب ليكون المسؤول الثاني في الحزب الشيوعي الصيني، وباعتباره رئيسًا للوزراء، سيمارس سلطة واسعة على سياسة البلاد الاقتصادية.

وفي عهد شي، تم إضعاف هذا المنصب بشكلٍ كبير، بعد التهميش الذي تعرض له رئيس الوزراء المنتهية ولايته لي كه تشيانغ، فيما ترجح التحليلات إلى إمكانية أن يلعب تشيانغ دورًا أكبر من سلفه، ولكن ليس بالضرورة أن يكون أكثر تأثيرًا. 

وتشيانغ الذي شغل سابقًا منصب سكرتير الحزب الشيوعي في شنغهاي، هو حليف قديم لشي ومن المحتمل أن تكون ترقيته نتاجًا لولائه له، حيث أشرف لي تشيانغ على إغلاق مدينة شنغهاي بسبب جائحة كوفيد-19 لمدة شهرين، في إطار تنفيذ سياسة "صفر كوفيد" التي أقرها شي. 

وتعززت خبرة لي في قيادة أهم المناطق الاقتصادية، وإلى جانب شنغهاي سبق له شغل مناصب عليا في مقاطعتي تشجيانغ وجيانغسو، وتصاعدت إثر ذلك الآمال في أنه سيعزز السياسات الصديقة للأعمال. لكنه يفتقر إلى الخبرة في بكين، مما قد يجعله أكثر اعتمادًا على دعم الرئيس الصيني المستمر، لذا لن يكون في موقع المعارض لسياسات ورغبات شي.  

getty

أمّا منصب نائب رئيس مجلس الدولة التنفيذي، فهو يعتبر أعلى المناصب بين نواب رئيس الوزراء في الصين، ومن المتوقع أن ينتقل هذا المنصب إلى دينغ شيوشيانغ، الذي شغل خلال الأعوام القريبة الماضية منصب سكرتير ورئيس موظفي شي. 

ومن المرجح أن يكون دينغ من خلال منصبه الجديد مسؤولًا عن السياسة الاقتصادية اليومية. وسبق له أن كان نائبًا لرئيس الوزراء  المنتهية ولايته هان تشنغ، وسكرتيرًا سابقًا للحزب الشيوعي في شنغهاي، ويُنسب إليه الفضل في  تحول المدينة إلى عاصمة مالية عالمية، ولم يقد دينغ أي مقاطعة، وعمل  كتكنوقراط من وراء الكواليس. 

ويتمتع دينغ بعلاقة قديمة مع شي، وهو المؤهل الأساسي في هذا السياق، ويُعتقد على نطاق واسع أنه مدير مكتب لجنة الأمن القومي في الصين، وهي هيئة سرية نمت وأصبحت أكثر نفوذًا، حيث أكد الرئيس الصيني على "الحاجة إلى اليقظة ضد التهديدات الخارجية والمحلية"، وقد سافر دينغ بشكلٍ متكرر مع شي في زيارات داخلية وخارجية. 

أمّا منصب رئيس الهيئة التشريعية الصينية، فهو يعد في المركز الثالث من ناحية الأهمية، ونصب فيه تشاو ليجي، خلال المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني الخريف الماضي. وتتمتع الهيئة التشريعية اسميًا بسلطة سن القوانين وتعديل الدستور، رغم أن القرارات تتخذ في الواقع من قِبل كبار قادة الحزب. 

getty

وظل تشاو بعيدًا عن الأضواء نسبيًا، لكن مسؤولياته في السنوات الأخيرة كانت ثقيلة، فقد قاد لجنة فحص الانضباط التابعة للحزب، والمسؤولة عن تنفيذ حملة شي ضد الفساد، وعدم الولاء في الأوساط الرسمية، حيث كانت تلك الحملة مفتاحًا لتثبيت سلطة شي، وإزاحة المنافسين من طريقه. 

وقبل توليه ذلك المنصب في عام 2017، كان تشاو مسؤولًا كبيرًا عن شؤون موظفي الحزب، مما منحه خبرةً عميقةً في الشؤون الداخلية للحزب. 

وفي نفس الوقت الذي يعقد فيه الاجتماع التشريعي السنوي، تجتمع مجموعة أخرى، تعمل كمجموعة استشارية سياسية للحكومة في بكين. هذه المجموعة، التي يُطلَق عليها المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، من المرجح أن يقودها وانغ هونينغ، المسؤول الرابع في الحزب الشيوعي. 

ومن خلال هذا المنصب، سيشرف وانغ على حوالي 2000 ممثل يقدمون ظاهريًا اقتراحات سياسية واجتماعية. وفي الواقع، يعمل المؤتمر بشكل أكبر كقوة قوة ناعمة للحزب، حيث يحشد الموارد والأعضاء غير الحزبيين عبر المجتمع الصيني لدعم أجندة الحزب.

يُعرف وانغ بأنه كبير الأيديولوجيين في الحزب، فقد خدم ثلاثة قادة متتاليين في خلق الدعاية وكتابة الخطب، وبلورة السياسات، وقد ساعد في صياغة شعار شي "الحلم الصيني"، الذي يعبر عن رؤية التجديد التي رعاها شي، ويشير صعوده السياسي إلى استمرار سياسات الحزب المتشددة، والمعادية للغرب. 

getty

أمّا على الصعيد الاقتصادي، سيعمل هي ليفونغ، وهو مساعد سابق آخر موثوق به لشي، مع رئيس الوزراء عن كثب لإنعاش الاقتصاد الصيني. ومن المتوقع أن يشغل هي، منصب نائب رئيس الوزراء للإشراف على السياسة الاقتصادية والصناعية، وهو الرئيس الحالي للجنة التنمية الوطنية والإصلاح في الصين، وهي لجنة تخطيط السياسة الاقتصادية في البلاد. وقد أشرف هي، عبر هذا المنصب على صياغة "الخطط الخمسية للصين"، والمشاريع الاستثمارية الكبيرة في الداخل والخارج. 

وبالمقارنة مع القيصر الاقتصادي المنتهية ولايته ليو هي، الاقتصادي المتخرج من جامعة هارفارد، والذي قاد أيضًا المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، فإن هي  لديه خبرة قليلة فقط في الخارج، فقد عمل لمدة 25 عامًا في مقاطعة فوجيان بجنوب شرق الصين عندما كان يرتقي في الرتب هناك، ثم أصبح نائب سكرتير الحزب الشيوعي في مدينة تيانجين الكبيرة. 

وتشير علاقاته الوثيقة بشي إلى أنه سيكون مفتاحًا لتنفيذ "رؤية القائد لمجتمع موجه نحو الأمن وتقوده الدولة"، حيث يأتي النمو الاقتصادي في المرتبة الثانية بعد إيديولوجية الدولة.

بحسب التصورات الأولية، فإن شي سوف يسيطر على الصين من خلال مجموعة من مساعديه كلهم من دوائره الضيقة والمقربة

وبحسب التصورات الأولية، فإن شي سوف يسيطر على الصين من خلال مجموعة من مساعديه كلهم من دوائره الضيقة والمقربة، وممن عملوا معه سابقًا ويثق بهم، فيما ستشهد الأعوام القادمة، ذروة حكمه للصين.