13-يونيو-2017

خالد البلشي يواجه خطر الاعتقال رغم التبرئ من المقال (فيسبوك)

امتدت الحملة على الصحافة المصرية بعد إغلاق ما يزيد على 40 موقعًا لتضرب مواقع إخبارية تنطلق من القاهرة. امتدّ الأمر أكثر من ذلك إلى حد اختراقها، فما الذي جرى؟

صباح أمس، نُشر على موقع "البديل" مقال بعنوان "مصر مش للبيع لازم ترحل"، موقَّعًا باسم خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق، ورئيس تحرير موقع "البداية"، يقول فيه: "لن نصمت على انتهاكات نظامك وآن الأوان للعمل والتخطيط لمستقبل بدونك وصار لزامًا علينا أن ندافع عن مصرية تيران وصنافير وخلق رئيس آخر يكون بديلنا، ندعمه ونتفق عليه ليكون أمينًا على أرض مصر بدلاً من أن يكون خائنًا وحليفًا للأمريكان.. فهذا الوقت للحفاظ على ما تبقى من قواعد الديمقراطية وأسس انتقال سلمي للسلطة قبل أن يلتهم ما تبقى منها طوفان بطشك وجهلك بالشؤون السياسية، أيها الرئيس الجائر.. مصر مش للبيع، تيران وصنافير مصرية".

كان كل شيء مرتبًا من اختراق مواقع مصرية معارضة إلى نشر مقالين احتويا سبًا وقذفًا للتوريط في سيناريو متواصل لانتهاك الإعلام الحر

وأضاف: "كفى قمعًا للحريات وانتهاكًا للخصوصية واعتقال من يعارض سياسة الصوت الواحد، لن يسمح الشعب المصري أن يفرط في شبر واحد من أرض مصر حتى إذا سمح لك أراجوز البرلمان علي عبد العال".

اقرأ/ي أيضًا: هكذا رأى صحفيون وحقوقيون حظر 21 موقعًا في مصر

بعد دقائق، كان خالد البلشي حاضرًا على صفحته بموقع فيسبوك، للرد، وتوضيح ما جرى، علمًا بأنه، قبل خمس سنوات، كان رئيسًا لتحرير "البديل"، متهمًا جهة ما، لم يذكر اسمها، باختراق موقع البديل، ونشر المقال الذي ربما يودي به إلى السجن بتهمة السبّ والقذف، ولخَّص نصّ توضيحه في نقاط:

"1. بالتواصل مع الزملاء في إدارة موقع "البديل" أبلغوني أن موقعهم تعرض للاختراق، وأنهم غير مسؤولين عن نشر المقال المكذوب، كما أن موقعهم تعرض للحجب بعد النشر وأنهم بصدد نشر بيان لتوضيح ما جرى.
2. قرار الحجب تكرر أيضاً قبل قليل مع موقع البداية، وكأنها محاولة لمنع الطرفين من تكذيب هذه الجريمة المفضوحة، بخلاف ما يشكله الحجب من اعتداء صارخ على الصحافة، وسوف أقوم من الغد باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والنقابية بشأن حجب الموقع.

3. ما ورد بالمقال المفبرك من جرائم سب وقذف يعاقب عليها القانون محاولة مفضوحة للإساءة إليّ، خاصة أنها تتزامن مع حجب موقع البداية لإسكات صوته، ومنعي من الرد على هذه الفبركة المفضوحة، فمواقفي المهنية والوطنية معروفة للكافة، وهذه الأساليب المكشوفة لا تنطلي على أحد.

4. خاطبت المواقع التي ساهمت في ترويج المقال المكذوب، وجاءتني وعود من كل الزملاء بتصحيح الأمر ونشر توضيح حول ما جرى، وأحتفظ بحقي الكامل في اتخاذ الإجراءات النقابية والقانونية، بحق من لا يلتزم بالتصحيح".

في تلك اللحظة، نشرت إدارة صحيفة البديل توضيحًا يخصّ مقال خالد البلشي، قالت فيه: "تنوه إدارة البديل أن المقال الذي تم نشره اليوم على موقع البديل باسم الأستاذ خالد البلشي ليس للموقع علاقة به وبعد التحقق السريع من الوضع وجب علينا توضيح التالي:

تم اختراق موقع البديل بشكل واضح ظهر اليوم وتم مسح أحد الموضوعات المنشورة وتم تغيير المتن والعنوان ووضع المقال المذكور حتى أن المقال ظل تحت تصنيف الموضوع القديم وليس في تصنيف مقالات الرأي وقمنا مباشرة بعد اكتشاف الحدث بمسح المقال من الموقع نهائيًا، وقد اتضح من البحث في تقنيات الموقع أن الموضوع تم ترتيبه بشكل متعمد وبترتيب تقني واضح".

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. التعيينات الإعلامية إرضاءً لرجال الرئيس

بعد ساعات، سارع علي عبد العال، رئيس مجلس النواب المصري، إلى الإعلان عبر وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسميّة، أنه سيقدم بلاغًا إلى النائب العام ضد خالد البلشي بسبب نشره مقالًا يحمل إهانات ضد مجلس النواب ومؤسسات الدولة، استجابة لمقترح قدَّمه النائب مصطفى بكري.

رغم تبرئ البلشي من المقال، سارع رئيس مجلس النواب المصري إلى الإعلان أنه سيقدم بلاغًا إلى النائب العام ضد البلشي

في اليوم ذاته، انطلقت صحيفة "صوت الأمة" المصريّة، بعدة تقارير ومقالات صحفية تستهدف خالد البلشي، رغم تبرئه من المقال المنسوب له زورًا، وكان المقال، الذي حمل اسم محرر مجهول، بعنوان "خالد البلشي.. عندما يكون الصحفي فاشلًا وبذيئًا"، كال الاتهامات والأوصاف والسباب لرئيس تحرير "البداية"، رغم تبرئه من المقال، وإصراره على أنه لم يكتبه من الأساس.

في اليوم التالي، كان لا بدّ أن تجد سلطات القاهرة سببًا لغلق "بوابة يناير"، آخر ما تبقى من مواقع الثورة المصرية، الذي يرأس تحريره عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، الذي كان محبوسًا على ذمة قضية تخصّ تيران وصنافير أيضًا وتم إخلاء سبيله مؤخرًا، وبالفعل، اخترقت بوابة يناير، وتم وضع مقال باسم عمرو بدر، تحت عنوان "رسالة تأييد لخالد البلشي" وصف فيه رئيس البرلمان المصري بـ"الأراجوز" أيضًا، وكأنّ من كتب المقالين يقرأ من الكتالوج ذاته ، في تكرار لسيناريو خالد البلشي: نشر مقال به شتائم وسباب ثم حجب الموقع.

بعد دقائق، تبرَّأ عمرو بدر من المقال الذي نسب إليه، معلنًا اختراق بوابة يناير، في تكرار لسيناريو "البديل" أيضًا: الاختراق ونشر مقال مدسوس ثم الحجب، وقال في تدوينة على "فيسبوك":

"أرسلت تليغراف للنائب العام أكدت فيه قيام جهة مجهولة باختراق موقع بوابة يناير ونشر المقال الذي لا أعرف عنه شيئًا، وأكدت على الاحتفاظ بحقي القانوني ضد من اخترقوا الموقع وضد من نشروا مقالًا مزورًا باسمي،  ومن بكره هبدأ في اتخاذ إجراءات نقابية ضد الصحيفة التي أساءت لي وضد الزميل، الذي لا أتذكر اسمه، وسأطالب بإحالته للتحقيق النقابي".

بعد دقائق، عاود المحرر المجهول بصحيفة صوت الأمة هجماته الشرسة، وكتب مقالا تحت عنوان "عمرو بدر.. دبة قتلت صاحبها البلشي"، وربما ذلك هو ما يعرف بالكاتب البارودي، فأحدهم كتب له المقال ونشره باسمه، ليتلقى الهجمات وحده باعتباره كاتب رأي حر فيما ينشره، وليس تقريرًا صحفيًا ينسب للصحيفة.

كان الأمر، فيما يبدو، مرتَّبًا.. هناك من اخترق مواقع إخبارية مصريّة، محسوبة على الجانب الآخر للسلطات، ونشر مقاليْن للتوريط احتويا سبًا وقذفًا باسمي خالد البلشي وعمرو بدر، تمهيدًا لحجب البوابتين، وتقديم البلاغات والشكاوى الجنائية بحقهما.. الأمر الذي بدأ سريعًا، وربما ينتهي باعتقالهما، في سيناريو متواصل لانتهاك الإعلام الحر مصريًا وعربيًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إنترنت تونس زمن بن علي.. بوليسية إلكترونية أيضًا

نقابة الصحفيين المصرية في حضن النظام