02-فبراير-2023
gettyimages

سعيّد يصعد خطابه ضد اتحاد الشغل بعد توترات في العلاقة خلال الأشهر الماضية (Getty)

تتجه العلاقة بين الرئيس تونسي قيس سعيّد والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر هيئة نقابية في تونس) نحو المزيد من التأزم في ظل حديث أوساط عدة عن بداية المواجهة الفعلية بين الاتحاد والرئيس التونسي، وذلك على إثر اعتقال الأمن التونسي الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطرقات السيارة أنيس الكعبي مساء الثلاثاء.

تتجه العلاقة بين الرئيس تونسي قيس سعيّد والاتحاد العام التونسي للشغل نحو المزيد من التأزم

ترافق ذلك، مع إطلاق الرئيس التونسي قيس سعيّد سلسلة تهديدات وجهها من ثكنة عسكرية الثلاثاء الماضي للنقابة الأكبر في تونس بعد قرار موافقتها على إضرابات قطاعية في مجال النقل والدخول في وقفات احتجاجية يومية وإقرار إضراب عام أيام 12 و13 و14 بجميع مقرات العمل ضمن قطاع النقل على الطرق السيارة السريعة.

ومعالم هذه الأزمة، بدأت بارزةً صباح اليوم الخميس، بعد صدور صحيفة الشعب الناطقة باسم اتحاد الشغل، وجاء على صفحتها الرئيسية "خطاب ثكنة العوينة: إعلان الحرب"، في إشارة إلى خطاب سعيّد الذي تحدث فيه عن ضمان العمل النقابي ما لم يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية، على حدّ زعمه.

الاتحاد يندد 

وندد الاتحاد العام التونسي للشغل، يوم الأربعاء 1 شباط/فبراير 2023، بعملية إيقاف أنيس الكعبي، الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطرقات السيارة، مساء الثلاثاء 31 كانون الثاني/يناير 2023 من طرف قوات أمنية اقتادته من مقرّ إقامته.

واعتبر الاتحاد في بيان لمكتبه التنفيذي  الذي اجتمع بشكلٍ طارئ برئاسة أمينه العام نور الدين الطبوبي، أن عملية الإيقاف "تمثّل ضربًا للعمل النقابي وانتهاكًا للحقوق النقابية وخرقًا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية ولما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الإضراب".

كما أكد البيان "رفضه المطلق لما رافق عملية الاعتقال التي خلقت حالة من الذعر والهلع والآثار السلبية على أفراد عائلة النقابي"، محمّلًا المسؤولية الكاملة للتداعيات وما سينجرّ عنه إلى الجهات المسؤولة عن ذلك، وفق ذات البيان.

اقرأ/ي:  تعيين محمد علي البوغديري وزيرًا للتربية.. رسالة قيس سعيّد لقيادة اتحاد الشغل

وشدد على أن الإضراب، الذي كان سبب اعتقال النقابي المذكور، "تمّ بناءً على برقيّة قانونية مثلما تنص على ذلك الفصول الواردة بمجلّة الشغل"، محذرًا من "عملية استهداف الحقوق والحريات النقابية خاصّةً وأنّ عملية الإيقاف تمّت مباشرة بعد خطاب الرئيس قيس سعيّد بثكنة العوينة الذي تضمّن تحريضًا ضدّ حرية العمل النقابي والحقّ في الاحتجاجات السلمية".

ودعا اتحاد الشغل إلى "إطلاق سراح أنيس الكعبي فورًا وتحميل السلطة التنفيذية التداعيات التي ستنتج عن مثل هذه الممارسات وتوحي بتواصل الاعتداءات على الحريات العامة والفردية وخاصّة حرية العمل النقابي"، وفق ذات البيان.

getty

وكان لافتًا تأكيد بيان اتحاد الشغل، أنّ ما حدث "هو مواصلة لما يتعرّض له الاتحاد منذ مدّة من محاولات التشويه والتجييش ضدّه للحيلولة دون أن يلعب دوره التاريخي من أجل إنقاذ تونس من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها"، داعيًا النقابيات والنقابيين وكافة الهياكل جهويًّا وقطاعيًا إلى التعبئة والاستعداد للدفاع عن الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية بكلّ الأشكال النضالية المشروعة.

وفي سياق متّصل، قرر أعضاء الهيئة القطاعية للنقابة الخصوصية لشركة "تونس الطرقات السيارة" أمس الأربعاء، وبصفة استثنائية، حمل الشارة الحمراء والدخول في وقفات احتجاجية يومية وإقرار إضراب عام أيام 12 و13 و14 شباط/فبراير 2023 بجميع مقرات العمل "ما لم يتم احترام الحق النقابي وإطلاق سراح كاتب عام نقابة شركة الطرقات السيارة وتحقيق مطالبهم المشروعة"، وفقًا لما ورد في موقع "الشعب نيوز" التابع للاتحاد العام التونسي للشغل.

قيس سعيد يلوّح بالعصا لاتحاد الشغل

في زيارة مفاجئة لثكنة العوينة الأمنية، مساء الثلاثاء، وجّه قيس سعيد تهديدات وصفت بالقوية لاتحاد الشغل، حيث انتهز سعيد فرصة وجوده في منشأة أمنية لتوجيه رسائل سياسية قال فيها: "نخوض اليوم معركة تحرير وطني للحفاظ على الدولة. وأريد أن أقول كفى لمن يستخفون بالدولة بعد ما اقترفوه من جرائم في عدد من المناطق. ولا بد من تطبيق القانون على هؤلاء، ولا يمكن أن نترك أعداء الدولة والشعب خارج المساءلة أو خارج دائرة الجزاء والمحاسبة"، داعيًا "قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضاة الشرفاء إلى القيام بدورهم كاملًا حتى يتم التصدي لمن تآمروا على الدولة"، وفق تعبيره.

وتحدث سعيد بشكلٍ واضح عن اتحاد الشغل عند قوله: "الحق النقابي مضمون بالدستور، لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد".

getty

متسائلًا عن معنى "غلق الطريق بسبب وجود شخص خارج أرض الوطن. نتفهم المطالب ونحاول تخفيف المآسي والبؤس، لكن المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة وراءها من وراءها وهم معلومون". متابعًا القول: "من يقومون بقطع الطريق لا يمكن أن يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمساءلة".

وعلق سامي الطاهري، الناطق باسم اتحاد الشغل على تصريحات سعيّد بقوله "الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية: جملة نسمعها كل مرة وبعبارات مختلفة منذ ظهور الرأسمالية والنقابات إلى اليوم في تونس، سمعناها من بورقيبة ونويرة ومزالي والصياح وبشير بلاغة وعبد الوهاب عبد الله والجبالي والعريض والشاهد. ويتواصل ترديدها، وصفة غالبًا ما تسبق حملة التهم الكيدية والاعتقالات والتنكيل، لكن البارحة سمعناها من رحاب ثكنة".

في زيارة مفاجئة لثكنة العوينة الأمنية، مساء الثلاثاء، وجّه قيس سعيد تهديدات وصفت بالقوية لاتحاد الشغل، حيث انتهز سعيد فرصة وجوده في منشأة عسكرية لتوجيه رسائل سياسية

وكان الاتحاد عبر عن رفضه للمسار الأحادي في الفترة الأخيرة فقط، ودعا إلى مبادرة إنقاذ وطني، لكن سعيّد تجاهلها واستمر في المسار الذي بدأه بالانقلاب على البرلمان والحكومة، واختتمه بإجراء الجولة الثانية للانتخابات على الرغم من المشاركة الضعيفة ومقاطعة جل الأحزاب.