أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة من داخل القصر الجمهوري عقب فرار رئيس النظاام السوري السابق، بشار الأسد، إلى موسكو، نمطًا من الحياة الفاخرة والباذخة كانت تعيشه عائلة الأسد على مدى أكثر من 50 عامًا، ما طرح المزيد من التساؤلات حول حجم ثروة عائلة الأسد والمقربين منها، في الوقت الذي أشار أحدث تقارير مجموعة البنك الدولي إلى أن 69 بالمئة من السوريين يعانون من الفقر، فيما يعيش 27 بالمئة في حالة فقر مدقع.
ثروة عائلة الأسد
بحسب تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأميركية في عام 2022، فإن حجم ثروة عائلة الأسد تُقدر ما بين مليار إلى ملياري دولار أميركي، لكنها تشير إلى أن هذه التقديرات غير دقيقة، كما أنها لا تستطيع تأكيدها بشكل مستقل، معتقدة أن ثروة العائلة "منتشرة ومخبأة في العديد من الحسابات والمحافظ العقارية والشركات والملاذات الضريبية الخارجية".
وترجح الخارجية الأميركية أن "تكون أي أصول متواجدة خارج سوريا ولم يتم الاستيلاء عليها أو حظرها مسجلة تحت أسماء مستعارة أو باسم أفراد آخرين لإخفاء الملكية والتهرب من العقوبات".
أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة من داخل القصر الجمهوري نمطًا من الحياة الفاخرة والباذخة كانت تعيشه عائلة الرئيس المخلوع بشار الأسد
أما بالنسبة لابن خال الأسد، رامي مخلوف، الذي سيطر على حصة كبيرة من الاقتصاد السوري مستفيدًا من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدتهم، قبل أن ينقلب عليه الأسد في ربيع عام 2020 بوضعه قيد الإقامة الجبرية في اللاذقية، فإن المصادر المفتوحة للخارجية الأميركية تقدر ثروته ما بين 5 و10 مليارات دولار.
كيف جمعت عائلة الأسد ثروتها؟
تنقل الخارجية الأميركية عن تقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، أن عائلة الأسد جمعت ثروتها من خلال إدارتها لـ"نظام رعاية معقد يشمل شركات وهمية وواجهات شركات تعمل كأداة للنظام للوصول إلى الموارد المالية، عبر هياكل مؤسسية وكيانات غير ربحية تبدو مشروعة، وغسل الأموال المكتسبة من أنشطة اقتصادية غير مشروعة"، من بينها التهريب وتجارة الأسلحة والإتجار بالمخدرات والحماية والابتزاز، فضلًا عن هيمنتها على مفاصل الاقتصاد السوري، والتي يأتي في مقدمتها حقول النفط والغاز.
وبحسب دراسة أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS" بعنوان "كيف يستولي نظام الأسد بشكل منهجي على عشرات الملايين من المساعدات؟"، فإن الأسد استفاد من أموال المساعدات الدولية التي وصلت إلى سوريا في عام 2020، بعدما تلاعب بأسعار الصرف، مما جعله يحصل على 51 سنتًا عن كل دولار أميركي من مبلغ تتراوح قيمته من 60 حتى 100 مليون دولار، جميعها تم إنفاقها داخل مناطق سيطرة النظام في العام عينه، وفقًا لما نقل موقع "العربي الجديد".
ويقول تقرير الخارجية الأميركية إن عائلة الأسد، بما في ذلك مخلوف والأشخاص المقربين من العائلة، مارست نفوذها على على اللجنة الاقتصادية التي كانت تدير الأزمة الاقتصادية في سوريا، وهي اللجنة المسؤولة عن إصدار قرارات دعم الغذاء والوقود والتجارة والعملة المحلية، بالإضافة إلى إدارة مقربين منها لبرنامج البطاقة الذكية الإلكترونية المستخدمة لتوزيع المواد الغذائية المدعومة في سوريا.
كذلك اعتمد الأسد على شقيقه ماهر، الذي كان يقود الفرقة المدرعة الرابعة، حيثُ كانت هذه الفرقة غطاءً لشبكة متورطة في أنشطة غير مشروعة، استفادت بشكل مباشر من قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والطاقة والسياحة، فضلًا عن جمع الفرقة الرابعة "رسومًا من حركة المرور التي تمر عبر نقاط التفتيش السورية الرسمية وغير الرسمية الخاضعة لسيطرتها، وتفرض رسوم حماية وملكية على النقل التجاري".
الحياة السياسية السورية تدخل في مرحلة جديدة بعد فرار بشار الأسد إلى روسيا، وانتشار مقاتلي فصائل المعارضة السورية في كافة المدن السورية.
اقرأ أكثر: https://t.co/FgEy5NmBhF pic.twitter.com/E5x9nOy4sA
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 11, 2024
وتوضح الخارجية الأميركية أن ماهر الأسد جمع ثروته عبر مجموعة تيلسا الاستثمارية، بالإضافة إلى علاقاته الوثيقة عائلة قاطرجي، التي كانت تدير شركاتها ومليشياتها آبار النفط في مناطق النظام، كما أنها عملت وسيطًا في تجارة الوقود بين النظام السوري السابق وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، عندما كانت الأخيرة تسيطر على أجزاء من شمال وشرق سوريا، فيما كان، خضر علي طاهر، ينظم الحماية ويجمع الإتاوات من الأنشطة التجارية كوسيط ومقاول محلي بارز للفرقة الرابعة.
وإلى جانب شقيقه، اعتمدت عائلة الأسد على رامي مخلوف كمصدر لجمع الثروة، حيث امتلك النسبة الأكبر من في شركة سيرياتيل موبايل تيليكوم، بالإضافة إلى نسبة 50 بالمئة من شركة شام القابضة، أكبر شركة قابضة في سوريا، مستفيدًا من التسهيلات التي قدمها له الأسد، عبر منحه عقودًا حصرية لإدارة أسواق معفاة من الرسوم الجمركية في سوريا حتى عام 2020.
من جانب آخر، قدّرت الناطقة السابقة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روزي دياز، أن نظام الأسد بشكل عام جنى من تجارة الكبتاغون نحو 57 مليار دولار حتى آذار/مارس 2023، مشيرة إلى أن هذه التجارة تمثل "شريان الحياة المالي للأسد"، وهو مبلغ يعادل ثلاثة أضعاف تجارة المخدرات لجميع الكارتلات المكسيكية، كما أنه يزيد عن الناتج المحلي الإجمالي لدولة مثل الأردن، والذي يُقدر بـ 47.45 مليار دولار.
ماذا بعد؟
رجح تقرير لموقع "ديلي ميل" البريطاني أن تستعين عائلة الأسد بعلاقاتها الشخصية، وأصولها المالية واسعة النطاق للحفاظ على حياتهم الباذخ في موسكو، مشيرة إلى أن الأسد اشترى نحو 20 شقة في موسكو، بلغ سعر الشقة الواحدة منها 38 مليون دولار، مما يؤكد أن العائلة كانت تخطط لأن تكون موسكو ملاذًا أمنًا لها في المنفى.
مع خروج آلاف المعتقلين من سجون النظام السوري البائد، ينتظر أهالي المغيّبين قسريًا أي دليل يرشدهم إلى أبنائهم.
نستعيد لكم تجربة "رعب الصور" التي يعيشها ذوو المفقودين في #سوريا، ضمن سلسلة شهادات "ذاكرة الغائبين" من ألترا صوت.
يوتيوب: https://t.co/jZ6WS6iHan
ساوندكلاود:… pic.twitter.com/vQ0TLGc3fz— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 10, 2024
وينقل "ديلي ميل" عن صحيفة "فايننشال تايمز" أنه من أجل إبقاء عشرات الملايين من الدولارات خارج سوريا مع احتدام الحرب الأهلية في البلاد، اشترت العائلة ما لا يقل عن 18 شقة فاخرة في مجمع سيتي أوف كابيتالز، الواقع في منطقة ناطحة السحاب المتلألئة في موسكو، وهو ما يرجح مواصلة حياة البذخ التي اعتادت عليها العائلة بالنظر إلى ثروتهم الكبيرة.
وبحسب "ديلي ميل" فإن ناطحة السحاب المكونة من برجين في موسكو، والتي كانت حتى ما قبل الكشف عن برج شارد في لندن في عام 2012 أطول مبنى في أوروبا، تُعد موطنًا لبعض أغنى رجال الأعمال في روسيا، والوزراء والمسؤولين السابقين، بالإضافة إلى الوزارات الحكومية، وفنادق الخمس نجوم، والشركات متعددة الجنسيات.
وكانت الخارطة السياسية السورية قد شهدت تطورات دراماتيكية خلال الأيام الماضية، بعد الانهيار المفاجئ والسريع لقوات النظام السوري أمام تقدم فصائل المعارضة في شمال وجنوب سوريا، والتي أفضت في النهاية إلى فرار بشار الأسد إلى موسكو، فيما قال "ديلي ميل" أن زوجته أسماء وأولاده الثلاثة كانوا قد غادروا البلاد قبل أيام من فرار الأسد.