06-مايو-2025
الكرادلة يجتمعون لاختيار بابا جديد

الكرادلة ينتهون من اجتماع عام قبل انعقاد المجمع المغلق لانتخاب البابا الجديد (رويترز)

يترقّب الكاثوليك حول العالم مجريات المجمع المغلق في كنيسة السيستين، حيث يجتمع 133 كاردينالًا لاختيار بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا فرنسيس (1936–2025).

وسط إجراءات أمنية وروحية مشددة، تتجه أنظار العالم إلى الفاتيكان، في وقتٍ تتصاعد فيه التكهّنات حول الشخصية التي ستخلف فرنسيس، من بين ستة مرشحين بارزين طُرحت أسماؤهم في التقديرات الأولية للصحافة الغربية.

وكانت تقارير سابقة قد رجّحت ستة أسماء لتولي منصب البابا الجديد، وهم الكرادلة: الإيطالي بيترو بارولين، بالإضافة إلى الفليبيني لويس أنطونيو تاغلي، رئيس أساقفة كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية فريدولين أمبونغو بيسونغو، الإيطالي ماتيو تسوبي، المجري بيتر إردو، وأخيرًا الغاني بيتر كودو أبياه توركسون.

133 كاردينالًا يجتمعون في كنيسة السيستين

بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قام البابا فرنسيس بتعيين نحو 80% من الكرادلة الذين سيشاركون في انتخاب البابا الجديد، بينهم 20 كاردينالًا جرى تعيينهم في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وشملت هذه التعيينات ممثلين عن دول تُشارك للمرة الأولى في المجمع المغلق، في خطوة تعكس توجه البابا نحو توسيع التمثيل الجغرافي داخل الكنيسة. وقد ضاعف فرنسيس عدد الكرادلة القادمين من آسيا باعتبارها مستقبلًا للكنيسة الكاثوليكية، بالإضافة إلى زيادة تمثيل القارة الأفريقية التي تشهد نموًا سريعًا في أعداد الكاثوليك.

يترقّب الكاثوليك حول العالم مجريات المجمع المغلق في كنيسة السيستين، حيث يجتمع 133 كاردينالًا لاختيار بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا فرنسيس (1936–2025)

وتُعيد الصحيفة الأميركية التذكير بأنه رغم ترحيب العديد من الكاثوليك التقدميين بجهود البابا فرنسيس لتوسيع قاعدة الكنيسة، إلا أن بعض الأساقفة الذين عيّنهم يقودون تيارات محافظة، خصوصًا في أفريقيا وآسيا، حيث أبدوا رفضًا واضحًا لأي تغييرات جذرية في تعاليم الكنيسة، بما في ذلك مباركة الأزواج من نفس الجنس. كما لفتت إلى أن فرنسيس رأى أن هذه التغييرات خطوة ضرورية لبناء كنيسة أكثر شمولًا، تعكس طابعها العالمي، وتستجيب لحاجتها الملحة إلى التوسع في أماكن جديدة.

ووفقًا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، يشارك في المجمع المغلق 133 كاردينالًا من مختلف أنحاء العالم، جميعهم دون سن الـ80 عامًا، وهو الحد الأقصى للمشاركة في التصويت. وقد استُبعد ثلاثة كرادلة من الحضور، اثنان لأسباب صحية، وثالث هو الكاردينال أنجيلو بيتشو المدان بقضايا احتيال واختلاس في عام 2022. ويُمثل الأوروبيون في هذه الانتخابات 50 كاردينالًا، غالبيتهم من إيطاليا، بالإضافة إلى 23 كاردينالًا من آسيا، 21 كاردينالًا من أميركا الوسطى والجنوبية، 18 كاردينالًا من إفريقيا، و10 كاردينالات من الولايات المتحدة.

عادة ما تمر عملية انتخاب البابا الجديد في المجمع السري بسلسلة من الإجراءات الدقيقة التي تبدأ بعزل الكرادلة داخل كنيسة السيستين، وتستمر بجولات تصويت متكررة إلى أن يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات اللازمة لتولي المنصب. ويمكن تلخيص هذه الإجراءات وفقًا للتالي:

عقد المجمع السري

يتوجه الكرادلة بزيهم القرمزي من بيت القديسة مارتا إلى كنيسة السيستين، حيث يسلّمون هواتفهم بعد أن خضعت الكنيسة لتفتيش أمني شامل وتثبيت أجهزة تشويش. يؤدي كل كاردينال قَسَم السرية، ثم يُعلن مدير الاحتفالات "ليخرج الجميع"، ليُغلق الباب على الكرادلة الناخبين وعدد محدود من المعاونين. وعادةً ما تتم أول جولة تصويت بعد الظهر، وتُتبع لاحقًا بأربع جولات يوميًا إلى أن يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات.

ويبدأ يوم الكرادلة بالقداس، ثم الغداء عند الظهر، يليه استئناف التصويت بعد الظهيرة، على أن يختتم اليوم بتلاوة صلاة الغروب والعودة إلى بيت القديسة مارتا للعشاء. وبما أن بيت الضيافة يضم 120 غرفة فقط، فقد خُصص مقر إقامة إضافي لبعض المشاركين. وإذا لم يُنتخب بابا بعد ثلاثة أيام، تُمنح استراحة للتأمل والصلاة.

نظام التصويت

وفقًا لـ"الغارديان"، يُخصص لكل كاردينال مكتب يحتوي على قلم وورقة اقتراع مطبوع عليها "أنتخب للبابوية" (Eligo in summum pontificem)، يُدوّن عليها اسم مرشحه، ثم يطويها، ويضعها في جرّة برونزية. وفي كل يوم، يُختار ثلاثة مشرفين على التصويت بالقرعة، وثلاثة لجمع أصوات المرضى، وثلاثة لمراجعة النتائج، لضمان دقة العملية ونزاهتها.

وبعد ذلك، تُعدّ أوراق الاقتراع وتُعاد عدّها، ثم تُخاط بإبرة تمر عبر كلمة "أنتخب" (eligo) وتُجمّع في حزمة تُحرَق داخل موقد خاص. حيثُ يُضاف مزيج كيميائي يُنتج دخانًا أسود إذا لم يُنتخب بابا، وأبيض عند التوصل لنتيجة. يخرج الدخان من مدخنة فوق كنيسة السيستين، وتبقى فرق الإطفاء على أهبة الاستعداد. عند تصاعد الدخان الأبيض، تُقرع أجراس الفاتيكان معلنة: "لدينا بابا جديد".

انتخاب البابا

عقب انتخاب البابا الجديد، يسأل عميد مجمع الكرادلة المرشح: "هل تقبل انتخابك القانوني حبرًا أعظم؟" وإذا كانت الإجابة بالموافقة، فيتوّجب عليه اختار اسمه البابوي، ثم يبايعه الكرادلة. يُنقل بعدها إلى "غرفة الدموع" لتبديل ردائه القرمزي بلباس أبيض، تُحضّر منه ثلاث مقاسات مسبقًا، ويُعتقد أن الفاتيكان يعيد استخدامها. وفي النهاية يتوجه إلى شرفة كاتدرائية القديس بطرس لتحية الحشود التي ترتقب ظهوره.

المدة الزمنية للانتخابات

تتراوح مدة المجمع السري بين ساعات وأسابيع، علمًا أن أطولها في التاريخ استمر قرابة ثلاث سنوات في القرن الـ13. ومنذ القرن الـ20، غالبًا ما تُحسم الانتخابات خلال يومين أو ثلاثة. وإذا لم يحصل أي مرشح على ثلثي الأصوات بعد 13 يومًا، تُجرى جولة نهائية بين الأعلى تصويتًا، مع استمرار شرط الثلثين، وفي حال عدم توصل الكرادلة لانتخاب بابا جديد خلال هذه الفترة، فإنه من غير الواضح طبيعة الإجراءات التي يمكن تطبيقها لتجاوز ذلك.