1. عشوائيات
  2. مجتمع

من الفاشر إلى طويلة.. نزوح جديد لآلاف السودانيين من نيران الحرب إلى المجهول

12 مايو 2025
نزوح من دارفور
نازحات من مخيم زمزم يقفن في طابور للحصول على الطعام قرب طويل (GETTY)
الترا صوتالترا صوت

شهدت مدينة طويلة في شمال دارفور، غربي السودان، نزوح عشرات الآلاف من السودانيين والسودانيات الفارين من العنف المتصاعد في الإقليم خلال الأسابيع الأخيرة، وسط انهيار شبه كامل في الاستجابة الإنسانية وانعدام أبسط مقومات الحياة. وفي الوقت الذي يفترش فيه النازحون الأرض في العراء، وتصطف النساء في طوابير طويلة بحثًا عن الماء والطعام، يفاقم غياب المساعدات معاناتهم، بينما يحاصرهم الجوع والمرض وانعدام الأمان.

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أكد في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن الاحتياجات في دارفور هائلة، داعيًا إلى توفير وصول آمن ومستدام، بما في ذلك عبر معبر أدري الحدودي على الحدود السودانية التشادية. وشدد المكتب الأممي على الحاجة الملحة لزيادة التمويل المرن لاستدامة وتوسيع نطاق الدعم المنقذ للحياة للمحتاجين في شمال دارفور ومناطق أخرى في السودان.

رحلة محفوفة بالمخاطر

تشير وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها إلى أنه فوق موقد بدائي من حجارة وقش، تُعِد عزيزة إسماعيل إدريس يوميًا وجبة بسيطة من "البليلة" السودانية بما يتوفر من خضروات أو بقوليات، لأطفالها الخمسة الذين نزحت معهم إلى مدينة طويلة في شمال دارفور، غربي السودان. وكانت قد وصلت إلى المدينة بعد فرارهم من الهجمات على مخيم زمزم في الفاشر شمالي دارفور، في نزوحها الثالث منذ اندلاع الحرب في السودان في نيسان/أبريل 2023.

شهدت مدينة طويلة في شمال دارفور نزوح عشرات الآلاف الفارين من العنف المتصاعد في الإقليم، وسط انهيار شبه كامل في الاستجابة الإنسانية وانعدام أبسط مقومات الحياة


 

وفي صورة تعكس شح المساعدات الدولية والعمل الإنساني في طويلة، نفت السيدة السودانية في حديثها للوكالة الفرنسية أن تكون قد قابلت أي من المنظمات الإنسانية، وأضافت "لم تعطنا أي منظمة مياه أو طعام. لم يعطوا أطفالنا أي شيء". وتابعت أدريس قائلة إنها بعد وصولها إلى طويلة، جمعت ممتلكاتها القليلة في ركن من خيمة بلا سقف لها جدران قصيرة من أعواد القصب. 

وفي تأكيد على حجم الدمار الذي تعرضت له هي وعائلتها أثناء رحلة النزوح القسري، أشارت إدريس إلى أنها فقدت كل ما تملك خلال الهجمات على منزلها في زمزم، أو أثناء رحلتها الشاقة إلى مدينة طويلة، مشيرة إلى أن "بيوتنا أُحرقت بالكامل، وسُرقت ممتلكاتنا البسيطة". وأضافت أنها بعد أيام قليلة قررت مغادرة المخيم عبر الطريق الصحراوية الطويلة التي تبلغ نحو 60 كم، ملخصة ظروف هذه الرحلة بالقول: "أخذوا منا حميرنا وأغطيتنا وسرقوا كل أشيائنا. وصلنا طويلة حفاة".

أكثر من 300 ألف نازح وصلوا من الفاشر

كانت مدينة طويلة الزراعية قد استقبلت خلال الأسابيع الأخيرة عشرات آلاف النازحين الذين فروا من مخيم زمزم، بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وميليشيا قوات الدعم السريع، الذين استهدفوا منازل المدنيين في الفاشر. وبحسب الوكالة الفرنسية، يتقاسم الجيش السوداني والدعم السريع نفوذ السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية، باعتبارها المدينة الوحيدة في دارفور التي ما زالت تحت سيطرة الجيش، بينما تسيطر الدعم السريع على معظم مناطق الإقليم.

وقدّرت الأمم المتحدة أن طويلة استقبلت نحو 300 ألف نازح سوداني وسودانية خلال الأيام الأخيرة، مؤكدة أن إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة يمثل تحديًا للمنظمات الإغاثية. يقول العامل مع منظمة أطباء بلا حدود في طويلة، ثيوبولد فيندلر، إن: "المنظمات الإنسانية لم تكن مستعدة لهذا الحجم من النزوح"، وأضاف أن المنظمة تحاول زيادة قدرتها للاستجابة السريعة لهذا العدد الكبير من النازحين، قبل أن يضيف مؤكدًا أن "الاحتياجات مهولة".

وفي سياق موجة تدفق اللاجئين التي شهدتها طويلة، سبق أن أوضح عامل إنساني في منظمة دولية لموقع "الترا سودان" أن عشرات الآلاف من النازحين يتخذون ساحة عامة في بلدة طويلة موقعًا للإقامة في العراء دون مأوى، أو مواد تقيهم من تقلب الأجواء ما بين الحرارة والأمطار والبرد، مضيفًا أن المئات يصلون إلى المدينة "في ظروف إنسانية قاسية، أغلبهم حفاة ولا ينتعلون الأحذية، ولم يأكلوا الطعام منذ ثلاثة إلى أربعة أيام".

من جانبها، تصف المستشارة السابقة في منظمة دولية، نهلة حسن، في حديثها لـ"الترا سودان"، الوضع الإنساني قائلة: "العالم ترك ملايين الأشخاص في السودان، وأغلبهم في إقليم دارفور يواجهون مصيرًا يضعهم بين رحى الموت جوعًا أو رصاص الحرب". وأضافت في حديثها أن "من لديه القليل من الحظ يصل إلى بلدة طويلة من مخيم زمزم والفاشر على متن شاحنة، ويواجهون داخل مواقع النزوح سلسلة طويلة من الأزمات والتي تتمثل في عدم وجود مرافق صحية ومياه وعيادات".

الاستجابة العالمية ليست على مستوى الكارثة

وفقًا لتقرير الوكالة الفرنسية، يفترش أطفال شوارع مدينة طويلة الأرض، بينما يلعب آخرون بالطين والقش، وسط ازدحام المدارس والمساجد بالنازحين الذين ينامون تحت الأشجار في حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية. كما تبدو علامات الهزال واضحة على الأطفال، وسط مشاهد لطوابير طويلة للنساء والأطفال قرب محطات المياه والمطابخ العامة التي توزع الطعام للنازحين.

تروي السيدة السودانية، حواء حسن، التي نزحت مع عائلتها من مخيم نيفاشا في الفاشر إلى طويلة تفاصيل رحلتهم المأساوية، مشيرةً إلى أنهم وصلوا وهم يعانون من العطش الشديد، إضافة إلى عدم حصولهم على الطعام إلا من سكان المدينة. وأضافت حسن للوكالة الفرنسية أن "من كان لديه قليل من الطعام أو بعض الماء شاركه معنا"، فيما لم تقدم لهم المنظمات الإغاثية أي مساعدات.

وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت من أن عدة مناطق في دارفور تُعاني من المجاعة، من بينهم مخيم زمزم للاجئين، مشيرةً إلى أن نحو مليون شخص في شمال دارفور يعانون من انعدام حاد للأمن الغذائي. وفي المقابل، يؤكد العاملون في المنظمات الإغاثية أنه بدون تمويل سريع وتأمين للطرق سيصبح توصيل المساعدات أكثر صعوبة، خاصة مع اقتراب هطول الأمطار الموسمية في البلاد.

وكان مدير العمليات بالمجلس النرويجي للاجئين، نواه تايلور، قد أكد أن وصول المساعدات يحتاج وقتًا بسبب انتشار "نقاط التفتيش في الطرق، وإغلاق بعض الطرق بشكل كامل"، لافتًا إلى أن "هناك فجوات كبيرة في كل القطاعات، الطعام والمأوى والصحة العامة. مواردنا المالية والعينية لا تكفي"، موضحًا أن "الاستجابة العالمية ليست على مستوى هذه الكارثة".

كلمات مفتاحية
هارفارد

كيف أصبح ترامب يمثّل عائقًا أمام أهداف الجامعات الأميركية؟

سياسات دونالد ترامب حول الطلاب الأجانب لم تؤثر على الهجرة غير الشرعية فحسب، بل طالت نطاق التعليم والنفوذ الثقافي، الذي عملت الجامعات على بناءه على مدار عقود

الحفريات في المغرب

"طفرة" الحفريات الأثرية في المغرب.. مرحلة جديدة من الوعي الأركيولوجي

يكثّف علماء الآثار والباحثين المغاربة الحفريات الأثرية في مواقع متعددة على مستوى التراب المغربي، في خطوة تعكس حركية أكاديمية نوعية حول التراث المغربي بشقيه المادي واللامادي

اليمن

الأمم المتحدة: اليمن على حافة المجاعة وقطاعه الصحي ينهار

أكّدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا أن حوالي 17 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد

مينا زكي في مقدمة الجولة يشير إلى أحد الأماكن التراثية (أرشيف سيرة الإسكندرية)
مناقشات

"سيرة الإسكندرية": رحلة رجل يحلم بالعثور على قبر الإسكندر الأكبر

مبادرة "الجولة" التي تحولت إلى "سيرة الإسكندرية" وإعادة اكتشاف العديد من المناطق الآثرية داخل الإسكندرية

مبان مدمرة
سياق متصل

ضربات إيرانية مدمّرة... وإسرائيل تلوّح بإخلاء طهران

دخلت المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل يومها الرابع على وقع تصعيد غير مسبوق، وصفته طهران بأنه "الأقوى والأكثر تدميرًا" منذ اندلاع المواجهة، مع تواصل القصف الصاروخي المتبادل بين الجانبين

كتاب حلب (مركز أبو ظبي للغة العربية)
نشرة ثقافية

جان كلود دافيد.. تساؤلات حول نشأة حلب وتطورها في ترجمة جديدة

يتناول الكتاب مدينة حلب؛ بوصفها واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم

هارفارد
مجتمع

كيف أصبح ترامب يمثّل عائقًا أمام أهداف الجامعات الأميركية؟

سياسات دونالد ترامب حول الطلاب الأجانب لم تؤثر على الهجرة غير الشرعية فحسب، بل طالت نطاق التعليم والنفوذ الثقافي، الذي عملت الجامعات على بناءه على مدار عقود