24-يوليو-2017

من أجواء المظاهرة الغاضبة

تشترط الأجهزة الأمنية في الجزائر على الجمعيات المدنية إعلامها بأي نشاط ثقافي تنوي القيام به، وأخذ الترخيص منها، وإلا فإنه يعد نشاطًا غير قانوني، ومن حقها أن توقفه قبل أن يبدأ حتى. ولطالما تعامل الفاعلون الثقافيون مع هذا الإجراء الأمني على أنه أمر روتيني، يهدف إلى حماية المجتمعين أكثر منهدفه إلى قمع الأفكار، إذ من النادر أن تمّ منع نشاط من النشاطات.

 أقدمت السلطات الجزائرية على منع محاضرة فكرية عن الهوية الأمازيغية لرمضان عشّاب

في مدينة أوقاس التابعة لمحافظة بجاية العاصمة الثقافية للأمازيغ في الجزائر، أقدمت السلطات على منع محاضرة فكرية عن الهوية الأمازيغية للجامعي والناشط رمضان عشّاب، نظمها المقهى الأدبي في المدينة. في سابقة أثارت حفيظة السكان، فأقدموا على حرق المركز الثقافي الذي كان مقررًا أن يحتضن النشاط، وباشروا مسيرة احتجاج على ما اعتبروه عودة إلى سنوات الحزب الواحد وقمع الحرية الفكرية.

اقرأ/ي أيضًا: 260 مثقفًا لبنانيًا ضد العنصرية بحق السوريين

وقد ضاعف غضبَ المحتجين ترخيصُ السلطات نفسها لمدني مزراق الذي كان قائدًا لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" في تستعينات القرن العشرين قبل أن يباشر مفاوضات مع الحكومة ويحل نفسه، بإقامة جامعة صيفية جمعت وجوه هذا التنظيم الذي يعتبره الجزائريون صاحب الشرارة الأولى التي تسببت في عقد من العنف والإرهاب في البلاد.

يسأل الباحث في التصوف والتراث الإسلامي سعيد جاب الخير: "ما معنى أن تكون الجامعة الصيفية لشخص إرهابي قانونية بينما يتم منع المقهى الأدبي؟ لماذا كلما احتدم الصراع في دواليب السلطة، تجد بعض الأجنحة الحلَّ في إشعال منطقة الأمازيغ؟". ويقول جاب الخير لـ"الترا صوت" إن منع نشاط ثقافي مؤشر مخيف على التراجع عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت بفضل آلاف الضحايا، "لعله جس نبض للطبقة المثقفة، وكل سكوت منها سيحرمها من حرية التعبير والتفكير مستقبلًا".

من جهته، قال الشاعر والباحث الأكاديمي عاشور فنّي إنه ينظر إلى الواقعة من زاوية الحركة الاحتجاجية التي قام بها المواطنون، إذ ليس من عادة ما هو ثقافي أن يحرك المجتمع المدني، "لقد بيّنت هذه الحركة وقبلها الحركة المساندة للروائي رشيد بوجدرة أن الثقافة لم تعد ذلك الحقل اليتيم المثير للارتياح، بل باتت واحدة من عتبات الحراك المدني الحر". يضيف: "إنه معطى مهم على المثقفين الجزائريين أن يثمنوه بالتفاعل الإيجابي مع التحولات والمطالب الاجتماعية الحقيقية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

نادٍ للسّينما باسم الأخضر حامينة في الجزائر

بلاوي الهوّاري.. الأغنية الوهرانية تفقد عرّابها