10-يونيو-2019

ملصق فيلم "عشرة أيام قبل الزفة"

مازالت النظرة الدينية المتشددة للألوان الفنية سائدة في اليمن، رغم تحرر العديد من الدول العربية منها، من قبل جماعات وشخصيات دينية تحاول إجبار المجتمع على تقبل أفكارها التي تحارب الفن وتعتبره حرامًا، فليس للحرية الفكرية وحرية التعبير والمتابعة مكاناً على مستوى الفرد والمجتمع، ويتفاوت ذلك من منطقة إلى أخرى في البلاد.

في اليمن، ليس للحرية الفكرية وحرية التعبير والمتابعة مكاناً على مستوى الفرد والمجتمع

ففي الوقت الذي يتوق فيه السكان للفعاليات الثقافية والغنائية والعروض المسرحية، وعودة الحياة إلى مجاريها تزداد حدة الإرهاب والتطرف الفكري والديني، المعادي للوسطية والاعتدال والثقافة والفن.

اقرأ/ي أيضًا: 

بالتزامن مع منع عرض فيلم "عشرة أيام قبل الزفة" بعد عيد الفطر المبارك، في مدينة تعز جنوب غربي البلاد، من قبل متشدد ديني وصف الفيلم بالمنكر، تعرّض حفل غنائي للفنانة الصغيرة ماريا قحطان لهجوم بقنبلة يدوية بمدينة عدن جنوبي اليمن أدى إلى إصابة عدة مدنيين.

الداعية عبد الله العديني عضو البرلمان اليمني وخطيب مسجد النور بتعز، قال في إحدى تدويناته على الفيسبوك إن "عرض فيلم عشرة أيام قبل الزفة في تعز منكر عظيم، فواجب كل مسلم أن يسعى لإيقاف هذا المنكر"، كما طالب العديني السلطة المحلية بإيقاف عرض ما وصفه بـ"الفيلم الخليع"، لافتًا إلى أن محافظة تعز لا تحتاج إلى "أفلام خليعة وعرض نساء متبرجات"، بل تحتاج إلى "الاستقامة على منهج الله وشريعته".

وتعرضت مراكز بيع التذاكر للتهديد من قبل مسلحين، وبحسب ناشطين، أجبرت نقاط البيع على التوقف عن البيع ناهيك عن تعرض إدارة عروض الفيلم بالتصفية الجسدية، ما أجبرها على إلغاء عروض الفيلم الذي أخرجه عمرو جمال.

حفظ الأرواح أهم من عرض الأفلام 

تعتبر السلطة المحلية لمحافظة تعز أن تأجيل عرض الفيلم يأتي للحفاظ على الأرواح، ولأن الروح في تعز أغلى من كل الأفلام لذلك كان لزامًا علينا في السلطة المحلية تأجيل عرض فيلم "عشرة أيام قبل الزفة" وليس إلغاؤه، وهناك فرق شاسع ما بين الإلغاء والتأجيل. يقول المحامي نجيب قحطان مدير عام مكتب الإعلام في تعز في تدوينة على صفحته بالفيسبوك.

ويضيف: "لكن بكل أسف هناك بعض الجرذان من خارج تعز وداخلها يحاولون جاهدين اليوم أن يشوهوا صورة المحافظة بأنها مدينة للإرهاب الفكري، وأنها مدينة طاردة للثقافة، وأن تعز مدينة للإجرام والمجرمين، كل ذلك لأن تعز أعلنت أن حفظ الأرواح أهم من عرض الأفلام. مؤكداً أن "قطرة دم طفل من تعز أغلى من عرض عشرة أفلام حصدت الأوسكار".

وشن ناشطون حملة ضد العديني متهمين إياه بالتطرف والإرهاب ونشر ثقافة الكراهية. ‏وفي سياق ردود الفعل قال الكاتب سليمان الحميدي إن الضجة التي أثارها "لعديني، بشأن الفيلم اليمني الذي فاز في مهرجان أسوان تستدعي دراسة لطريقة فهم الرجل لأمور الدنيا والدين.

اعتبر الداعية عبد الله العديني عضو البرلمان اليمني أن فيلم "عشرة أيام قبل الزفة" منكرًا

وأضاف سليمان: "الرجل لم يشاهد الفيلم، ويرى في السينما انحلالًا، وكأن الفيلم الذي يدور أيام الحرب فيلم إباحي، لا قصة معاناة".

اقرأ/ي أيضًا: مشاهير القراء في اليمن.. أعلامٌ مجهولة!

من جانبه قال المصور سليمان النواب: "للشيخ عبد الله العديني كل الحق في إبداء رأيه، واعتبر النواب أن إلغاء فعالية عرض فيلم عشرة أيام قبل الزفة من قبل السلطة المحلية في تعز قرارًا كارثيًا، مؤكدًا أن الأمن الذي يحفظ التظاهرات والمواطنين يستطيع حماية فعالية في نادي تعز. وأردف: "أتمنى أن تفهموا الشيخ عبد الله أنه يمكن لولده أن يشاهد أفلام إباحية بالتلفون وهو داخل الجامع معتكف، لم يعد الأمر كما كان قبل عام 2000".

‏وفي ذات السياق قال المحلّل السياسي علي البخيتي: "تمكن الإرهابي عبد الله العديني عضو مجلس النواب من منع عرض فيلم عشرة أيام قبل الزفة، وبتأييد من الأجهزة الأمنية".

وأبدى مسؤول عسكري استعداده لتأمين عرض عشرة أيام قبل الزفة جنوبي محافظة تعز. وأكد العميد الركن عدنان الحمادي، قائد اللواء 35 مدرع، في تصريح صحفي، اعتزامه تأمين مكان عرض الفيلم بمدينة التربة، بعد أن وجّه كل من قائد محور تعز اللواء سمير الصبري، ووكيل أول للمحافظة عبد القوي المخلافي، مكتب الثقافة، بمنع إقامة كل الفعاليات الثقافية والفنية وعرض فيلم عشرة أيام قبل الزفة في مدينة تعز.

واعتبر الصحفي اليمني رياض السامعي، عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، في تصريح صحفي، الدعوة لنقل فعاليات عرض الفيلم إلى منطقة التربة "دعوة ساذجة وغبية"، لافتًا إلى أن المكان المعني بالنقل إليه لا يتواجد فيه مكان واحد صالح لعرض الفيلم، مؤكدًا أن الدعوة "تكشف عن عاجز واضح لدى المجتمع المدني في تعز عن مواجهة التطرف الديني المسنود بألوية الجيش"، على حد تعبيره.

يسرد الفيلم قصة شاب وفتاة ينويان الزواج قبل الحرب بمدينة عدن، لكن ظروف الحرب أجبرتهما على تأجيل الزواج إلى بعد انتهاء الصراع بمدينة عدن، ويروي الفيلم العشرة الأيام التي تسبق الزواج ويتمثل كل يوم بعائق أو صعوبة تواجه عرسهما. حاز الفيلم على جوائز الدولية وعرض عشرات المرات العام الماضي في مدينة عدن وفي العديد من المهرجانات الدولية.

واتهم العديد من الناشطين الموالين للإمارات وحزبِ المؤتمر حزبَ الإصلاح (جناح الإخوان المسلمين في اليمن)، الذي ينتمي إليه الشيخ عبد الله العديني، بالوقوف خلف إيقاف عرض الفيلم، ما دعا الحزب للرد على تلك الاتهامات.

واعتبر رئيس إعلامية حزب الإصلاح في تعز أحمد عثمان التهم التي وجهت للحزب أنها استغلال كيدي غير مبرر يمارسه البعض ضد الإصلاح ومحافظة تعز. مشيرًا إلى أن حماية ورعاية كل الفعاليات الثقافية والفنية تبقى مسؤولية السلطة المحلية.

وفي ظل الحملة التي شنها ناشطون على الحكومة اليمنية وسلطات تعز، وحزب الإصلاح، تراجعت السلطة المحلية في المحافظة عن قرار منع عرض الفيلم اليمني، وبحسب مصادر إعلامية يمنية فإن وكيل أول محافظة تعز عبد القوي المخلافي أبلغ إدارة الفيلم ومكتب الثقافة تراجعهم عن قرار المنع، وطالبهم بعرضه في أي وقت، مؤكداً التزام السلطة المحلية والشرطة بتأمين مكان العرض.

من يقف وراء تفجير حفل ماريا قحطان بعدن؟

وفي محافظة عدن التي يسيطر عليه الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الموالي للإمارات، هزّ انفجار ملعب المنصورة مساء الجمعة 7حزيران/ يونيو، استهدف حفلًا تحييه الفنانة اليمنية ماريا قحطان إثر رمي قنبلة يدوية من قبل شخص كان يمتطي دراجة نارية تمكنت القوات الأمنية من القبض عليه. وتداول نشطاء على مواقع التوصل الاجتماعي فيديو يظهر لحظة انفجار، وما أثاره من الرعب في الحضور.

أكدت قحطان أنها بخير ولم تتعرض لأي أذى، نافية صحة الأخبار التي يتم تداولها البعض عن مصيرها. ونشرت على صفحتها في فيسبوك صورة لها أثناء غنائها في حفل جماهيري في بعدن بمناسبة عيد الفطر. وقالت: "أنا بخير والجميع بخير ولا صحة لأي إشاعات يتداولها البعض عنا".

اغتيال الفرح في أعياد اليمنيين عمل ممنهج يهدف إلى مزيد من إغراق البلاد في المأساة والأحزان

محمد الأحمدي الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي أكد أن استهداف الحفل جريمة بشعة، لا يقل قبحًا عن استهداف قناصة الحوثي لأطفال تعز. وأضاف: "اغتيال الفرح في أعياد اليمنيين عمل ممنهج يهدف إلى مزيد من إغراق البلاد في المأساة والأحزان".

من جانبه اتهم الصحفي أنيس منصور نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات هاني بن بريك بالوقوف وراء العمل الإجرامي الذي استهدف الحفل الفني.

اقرأ/ي أيضًا: أغنية "آنستنا يا عيد".. أيقونة الفرح في اليمن

غرّد منصور على تويتر: "فيديو لحظة انفجار القنبلة الصوتية في حفل ماريا قحطان، في عدن، في ظل ما تشهده المدينة من انفلات أمني، وتجنيد هاني بن بريك لمئات الإرهابيين المتشددين ضد أي فعاليات ثقافية ضمن مسلسل صناعة الفوضى في عدن، من أجل الهيمنة والسيطرة الإماراتية وقتل الحياة والميناء والاقتصاد".

اقرأ/ي أيضًا:

أرشيف لذاكرة اليمن الفنية

في الحرب.. الزوامل اليمنية لا تقلّ ضراوة عن المدافع