12-مارس-2025
الاتفاق النووي

منعرج جديد في برنامج إيران النووي (رويترز)

يقترب البرنامج النووي الإيراني من منعطف حاسم مع اقتراب انتهاء مدة التزامات إيران بموجب الاتفاق النووي، وفقًا للقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 20 تموز/يوليو 2015. ويُفسَّر هذا التطور إلى حدٍّ كبير بتزايد التحركات الدولية مؤخرًا حول هذا الملف، بما في ذلك الرسالة التي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أرسلها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الأربعاء، أن طهران ستتسلمها قريبًا عبر وسيط عربي لم يُحدده.

يضاف إلى ذلك الاجتماع الذي يعقده مجلس الأمن الدولي اليوم لمناقشة الملف النووي الإيراني، والذي تنظر إليه طهران بعين الريبة. كما أعلنت إيران عن جولة جديدة من المفاوضات مع الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) الأسبوع المقبل لمناقشة برنامجها النووي، إلى جانب اجتماع آخر مع بقية أطراف الاتفاق، ممثلة بروسيا والصين، بعد يوم غد الجمعة في العاصمة الصينية بكين.

رسالة ترامب للتفاوض والموقف الإيراني:

صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة تلفزيونية اليوم الأربعاء، بأن رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى القيادة الإيرانية "ستُسلَّم إلى طهران قريبًا عبر دولة عربية" لم يُحددها، بينما يرجّح بعض المراقبين أن تكون قطر أو سلطنة عمان.

يأتي ذلك بعد تصريح المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، بأن طهران "لن تُجبر على التفاوض"، وذلك ردًا على إعلان ترامب بأنه بعث برسالة إلى إيران يحثّها فيها على الدخول في محادثات بشأن اتفاق نووي جديد.

يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء اجتماعًا مغلقًا بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث طلبت 6 دول من الدول الأعضاء في المجلس، وهي فرنسا واليونان وبنما وكوريا الجنوبية وبريطانيا والولايات المتحدة، عقْد الاجتماع، بسبب ما قالت إنه "تزايدٌ كبير في المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب".

جدّد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أمس الثلاثاء، موقف بلاده الرافض للتفاوض تحت التهديد والضغوط المشددة، موجّهًا خطابه إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلًا: "افعل ما تشاء، لن نفاوض رغم تهديداتك". وأضاف بزشكيان: "من غير المقبول بالنسبة لنا أن يصدروا (الولايات المتحدة) الأوامر ويوجهوا التهديدات".

وفي الوقت الذي أعرب فيه ترامب عن انفتاحه على التوصل إلى اتفاق مع طهران، أعاد فرض سياسة "الضغوط القصوى" التي انتهجها خلال ولايته الرئاسية الأولى، بهدف عزل إيران عن الاقتصاد العالمي وخفض صادراتها النفطية إلى الصفر. وخلال مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس" الأسبوع الماضي، وضع ترامب إيران أمام خيارين: إما التفاوض وإبرام اتفاق، أو المواجهة العسكرية، مؤكدًا أنه في كلتا الحالتين يجب منع طهران من امتلاك أسلحة نووية.

يُذكر أن إيران تنفي سعيها لتطوير سلاح نووي، وتؤكد أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية. ومع ذلك، حذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن طهران "تسرّع تخصيب اليورانيوم بشكل كبير، ليصل إلى درجة نقاء 60%، وهي نسبة تقترب من مستوى 90% اللازم لصنع الأسلحة النووية".

وكانت إيران قد كثّفت أنشطتها النووية منذ عام 2019، وذلك بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران وست قوى دولية، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية التي أدت إلى تفاقم التضخم، وارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة الريال الإيراني في سوق الصرف.

اجتماع مغلق لمجلس الأمن

يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، اجتماعًا مغلقًا لمناقشة البرنامج النووي الإيراني، وذلك بناءً على طلب ست دول أعضاء في المجلس، وهي: فرنسا، اليونان، بنما، كوريا الجنوبية، بريطانيا، والولايات المتحدة، والتي بررت الدعوة لعقد الاجتماع بـ"التزايد الكبير في المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب."

وفي تعليقه على هذه الجلسة المخصصة لمناقشة برنامج بلاده النووي، شكّك وزير الخارجية الإيراني في "نوايا الدول التي طالبت بعقد الاجتماع"، محذرًا من أن أي إجراء تصعيدي ضد إيران، سواء على مستوى مجلس الأمن، أو الترويكا الأوروبية، أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد يقوض المباحثات الجارية مع الدول التي لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية أن الترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) أبلغت مجلس الأمن الدولي بأنها مستعدة، إذا لزم الأمر، لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

يشار إلى أنه، وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، ستفقد الترويكا الأوروبية، في 18 تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري، صلاحية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، نظرًا لانتهاء مدة التزامات طهران بموجب الاتفاق النووي. وعليه، إذا كانت الدول الأوروبية تفكر في اتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران، في إطار سياسة "الضغوط القصوى" التي دشّنتها إدارة ترامب، فإن أمامها فترة لا تتجاوز ثمانية أشهر لتنفيذ ذلك.

اجتماع مع الترويكا الأوروبية والأطراف الأخرى في الاتفاق

أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إيران ستجري قريبًا جولة خامسة من المحادثات مع القوى الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا). كما أشار إلى عقد اجتماع في بكين، يوم الجمعة المقبل، مع بقية الأطراف الموقعة على الاتفاق، وهي روسيا والصين.

وسيركز الجانب الإيراني خلال هذه الاجتماعات على إقناع الترويكا الأوروبية بعدم اللجوء إلى فرض عقوبات جديدة، محذرًا من أن أي إجراء عقابي قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد وتعقيد الأوضاع الدبلوماسية بين الطرفين.