29-فبراير-2020

تمارس السلطات المغربية حملات اعتقال ضد المحتجين والناشطين (Getty)

أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وانتقدت من خلاله الوضع الحقوقي في المغرب، بسبب ارتفاع عدد المعتقلين على خلفية عدد من القضايا التي تحد من حرية الرأي والاحتجاج بالإضافة إلى عدد من المعتقلين سياسيًا من صحافيين ونشطاء حراكات اجتماعية.

تقرير "أمنيستي" رسم صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي في المغرب، الأمر الذي ردته عليه السلطات المغربية بالرفض، متهمة المنظمة الحقوقية بالاعتماد على تعميمات وتقييمات لا ترتكز على معطيات واقعية

تقرير "أمنيستي" رسم صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي في المغرب، الأمر الذي ردته عليه السلطات المغربية بالرفض، متهمة المنظمة الحقوقية بالاعتماد على تعميمات وتقييمات لا ترتكز على معطيات واقعية، وأيضًا تُبخس جهود المملكة في تعزيز الممارسة الحقوقية.

اقرأ/ي أيضًا: للقمع در.. موجة اعتقالات بسبب الرأي في المغرب

تقرير أسود

في تقرير "أسود" وصف الوضع الحقوقي للمغرب بـ"المتردي" قدمت منظمة العفو الدولية معطياتها حول عدد من القضايا الحقوقية داخل قاعات المحاكم، بالإضافة إلى مصادرة حق عدد من الإعلاميين والصحافيين في التعبير، وممارسة الرقابة على الآراء المختلفة.

وشمل التقرير مضايقة الصحافيين والمدونين وفنانين ونشطاء لتعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية، مشيرة إلى أحكام بالسجن صدرت في حق ما لا يقل عن خمسة أشخاص بتهمة "إهانة" موظفين عموميين، بالإضافة إلى أحكام السجن التي صدرت في حق المدون سفيان النكاد، بسبب تعليقات على الإنترنت انتقد فيها السطات، كما تحدثت المنظمة عن مغني الراب محمد منير المعروف بالكناوي، بعد متابعته بتهمة إهانة موظفين عموميين، وحكم عليه بسنة وغرامة.

وعادت المنظمة الدولية للحديث عن استهداف حقوقيين بتقنيات المراقبة الإلكترونية التي طورتها "مجموعة إن أو إس" الإسرائيلية، مضيفة أن اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب تلقيا رسائل تحتوي على روابط يؤدي النقر عليها إلى تثبيت برنامج "بيغاسوس" سرًا، وهو البرنامج الذي يتيح للمرسل أن يتحكم بشكل شبه كامل في الهاتف.

تعذيب وراء القضبان

كشفت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر عن عدد من القضايا وقائع احتجاز سجناء رهن الحبس الانفرادي لفترات طويلة قائلة إن "الأمر يعد بمثابة نوع من التعذيب، أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، وتقاعس عن إجراء تحقيقات كافية في ادعاءات التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة".

ولم تسلم قضية الصحافي توفيق بوعشرين المحكوم بـ15 سنة سجنًا نافذة من انتقادات التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولة والذي اعتبرته معتقلًا سياسيًا محتجزًا في الحبس الانفرادي المطول منذ شباط/فبراير سنة 2018.

المنظمة اتهمت السلطات بـ"معاقبة السجناء من معتقلي "حراك الريف" الذين نظموا احتجاجات بحبسهم تحت وطأة التعذيب انفراديًا وفرض قيود على زيارات الأهل، الأمر الذي دفع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى إصدار رد سريع على كل ما ورد في تقرير "أمنيستي".

وقالت المندوبية في بلاغ لها إن جميع النزلاء المعتقلين على خلفية "حراك الريف" يتمتعون بحقوقهم، التي يخولها لهم القانون المنظم للسجون، شأنهم في ذلك شأن باقي النزلاء، مضيفة أنه "لم يتعرض أي نزيل منهم للتعذيب، أو أي معاملة مهينة، أو لا إنسانية، أو حاطة بالكرامة". وقالت المندوبية، إن النزلاء المعتقلين على خلفية "حراك الريف"، يستفيدون من الاتصال عبر الهاتف الثابت، والزيارة العائلية، كما أنهم يتمتعون بحقهم في توجيه وتلقي المراسلات طبقًا لما تنص عليه المقتضيات القانونية، والتنظيمية، المعمول بها في هذا الصدد، فضلًا عن زيارات محاميهم، كما أنهم كانوا موضوع عدة زيارات من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولجنه الجهوية".

وبررت المندوبية وضع المعتقلين في زنازين انفرادية بوصفها بالإجراءات التأديبية، التي تطابق المقتضيات القانونية، المنصوص عليها في القانون المنظم للسجون، موجهة اتهامات للمعتقلين بارتكاب مخالفات، والعصيان، والاعتداء على الموظفين.

اعتقال فنانين

أما فيما يتعلق بـ"مضايقة صحفيين ومدونين وفنانين ونشطاء لتعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية"، ومحاكمة بعضهم، وجهت منظمة العفو الدولية  اتهامات إلى السلطات المغربية، بشن حملة ضد الأصوات السلمية بموجة جديدة من الاعتقالات التعسفية، ومقاضاة الأفراد، بما في ذلك صحافيون، ومغنو موسيقى الراب ومدونو يوتيوب، بسبب انتقاداتهم للمسؤولين.

وقالت المنظمة الحقوقية إنها قامت بتوثيق حالات ما لا يقل عن عشرة نشطاء تعرضوا بصورة غير قانونية للاعتقالات، والاستجواب، والأحكام القاسية، منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إذ اتهم أربعة منهم "بالإساءة"، أو "إهانة" الملك، أو النظام الملكي، كما اتهم الأفراد العشرة جميعهم "بالإساءة" إلى الموظفين العموميين أو الهيآت المنظمة، وجميع هذه الأفعال تعد جرائم بموجب القانون الجنائي المغربي.

السلطات المغربية وفي ردها على تقرير "أمنيستي" قالت إن تقييم عملية اعتقال ومتابعة عدد من النشطاء فيه "الكثير من التجاوز والتحامل"، معتبرة أن المنظمة سلطت الضوء على حالات خارج سياق وقائعها، إذ إن المعنيين، أدينوا بسبب جرائم الحق العام ولا يمكن لصفاتهم أن تحصنهم من المساءلة القانونية على أساسها.

مقابل ذلك عبرت عن استغرابها لما وصفته بمحاولة "أمنيستي" الطعن في مستوى الممارسة الجمعوية بالمغرب، و"ذلك خلافًا لما يعكسه الحجم المتنامي للنسيج الجمعوي الوطني وواقع ممارسة الأنشطة الجمعوية، من بينها الأنشطة المختلفة لفرع منظمة العفو الدولية بالمغرب"، في الوقت الذي تحدثت فيه المنظمة عن حرمان السلطات المغربية لأزيد من 60 فرعًا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان من الوصل القانوني، والتضييق على الحقوقيين.

اقرأ/ي أيضًا: العقلية البوليسية تدير المغرب مجددًا

وكشفت المنظمة أن الباحثين الأجانب التابعين لها لا يُسمح لهم بإجراء أبحاث حول حقوق الإنسان في البلاد بسبب إجراء متخذ من طرف السلطات المغربية، بالإضافة إلى "حرمانها" من الوصل القانوني منذ سنة ومنع عدد من أنشطتها. ووجهت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" اتهامات للسلطات المغربية باستغلال ثغرة قانونية لمنع عشرات الجمعيات من ممارسة عملها بشكل قانوني، ممتنعة عن تسليم وثائق تجديد التسجيل من مسؤولي 52 فرعًا، ولم تقدم إلى عشرة فروع أخرى إيصالات باعتماد تلك الوثائق.

حسب الجمعية، فإن المغرب انتهك حرية التجمع وتكوين الجمعيات، باستخدام الشرطة القوة المفرطة، وغير الضرورية ضد مظاهرة الأساتذة في العاصمة الرباط

وحسب الجمعية، فإن المغرب انتهك حرية التجمع وتكوين الجمعيات، باستخدام الشرطة القوة المفرطة، وغير الضرورية ضد مظاهرة الأساتذة في العاصمة الرباط، في شهر نيسان/أبريل الماضي، ومنعت السلطات "لاعتبارات أمنية" مظاهرات نظمت في مدينة الحسيمة بمناسبة ذكرى وفاة محسن فكري.