02-ديسمبر-2021

مظاهرة في ألمانيا تحذر من مخاطر الروبوتات القاتلة (Getty)

يبدو أن الروبوتات القاتلة ليست موجودة فقط في العالم السينمائي لأفلام الخيال العلمي في هوليوود التي نشاهدها وفي الكتب التي نقرؤها. ما يحصل حاليًا من تطور تكنولوجي جعل البشرية تتيقظ بأن هناك أنظمة عسكرية فتاكة ذاتية التشغيل (AWS)، وتوجهات لدى حكومات العديد من الدول للاستثمار بشكل أكبر في مجال الروبوتات القاتلة ذات القدرات العسكرية. 

ما يحصل حاليًا من تطور تكنولوجي جعل البشرية تتيقظ بأن هناك أنظمة عسكرية فتاكة ذاتية التشغيل (AWS) وتوجه لبناء روبوتات قاتلة قد تهدّد البشرية

هذا التطور التكنولوجي من المحتمل أن يكون له عواقب وخيمة إذا لم يتم تنظيم استخدامه. في الوقت الحالي تستثمر دول مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية  وإسرائيل وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند والمملكة المتحدة في الأسلحة الفتاكة المستقلة برغم بواعث القلق هذه.

تنفق الدول المذكورة المليارات من الدولارات في تطوير تكنولوجيا الحرب المبرمجة سلفًا لاتخاذ قرارات بالقتل وشن الهجمات والتعرف على العدو بواسطة التحليل البيومتري وأجهزة استشعار الحركة. وهذا يعني أنه يمكن استهداف المجموعات المعادية والأفراد وفقًا لمعايير محددة مسبقًا على أساس العرق واللون والنوع الاجتماعي والعمر والملبس وغيرها، وهو ما يجعل هذه التكنولوجيا تشكل اعتداء على كرامة الإنسان، وتنذر بتداعيات مدمرة على الإنسانية جمعاء، وذلك بحسب رسالة بريدية عالمية أرسلتها كبيرة مسؤولي الحملات ومستشارة في منظمة العفو الدولية، فيريتي كويل.

في هذا السياق، تتعاون منظمة العفو الدولية مع حملة "وقف الروبوتات القاتلة"، وهو تحالف عالمي يضم أكثر من 180 منظمة غير حكومية وشركاء أكاديميين لضمان السيطرة على استخدام القوة من خلال تطوير قانون دولي جديد. وتشير الحملة في صفحتها بالقول "التكنولوجيا يجب أن تهدف لتمكيننا وليس لإضعافنا وتنميطنا وقولبتنا"، وتضيف "مع تزايد انخراط التكنولوجيا في التقليل من إنسانيتنا، يجب العمل على ضمان التحكم الإنساني في استخدامات القوة".

وترى الحملة أن "الآلات لا تنظر إلينا كأشخاص، بل مجرد جزء أخر من التعليمات المبرمجة التي تتم معالجتها وفرزها"، فمن المنازل الذكية إلى استخدام الكلاب الآلية من قبل الشرطة، والآلات القاتلة ذاتية التشغيل، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في حياتنا. وتشير الحملة إلى أن "الروبوتات القاتلة لا تظهر فقط لوحدها من العدم، بل البشر يصنعونها".

يشار إلى أنه في الثالث من كانون الأول/ديسمبر من هذا العام، ستجتمع عدة بلدان ومنظمات وخبراء لاتخاذ قرارات مصيرية بهذا الصدد تحت مظلة الأمم المتحدة. وتسعى المنظمات للتوقيع على عريضة من شأنها ممارسة المزيد من الضغط على صانعي القرار الرئيسيين، تمامًا كما حصل في العام 2013 حيث أثمرت الضغوطات الدولية إلى وضع تشريع دولي تحت عنوان "معاهدة تجارة الأسلحة" والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2014 وهي الأن مطبقة في 110 دولة حول العالم.

وسيبدأ فريق الخبراء الحكوميين محادثات حاسمة حول ما إذا كان ينبغي المضي قدمًا في المفاوضات بشأن وضع معاهدة جديدة لمواجهة التهديد الذي تشكله الروبوتات القاتلة ذاتية التشغيل. وقد دعت 66 دولة إلى وضع إطار جديد ملزم قانونًا بشأن التسلح التكنولوجي. غير أن التقدم في المفاوضات عرقلته الدول القوية مثل روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة، والذين يعتبرون إنشاء قانون دولي ملزم أمرًا سابقًا لأوانه وذلك لأنه يتعارض ومصالحهم وخططهم في بناء ترسانة عسكرية تكنولوجية فتاكة.

وقال الناشط في الحملة، عثمان نور "لقد أجرينا محادثات طيلة العقد الماضي حول الأسلحة ذاتية التشغيل في الأمم المتحدة، لكن هذه المحادثات تعترضها نفس الدول التي تطور الأسلحة". وفي ذات السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعدد من الحائزين على جائزة نوبل، وآلاف العلماء، وعلماء الروبوتات والعاملون في مجال التكنولوجيا، جميعهم طالبوا بمعاهدة جديدة قانونية وملزمة لمنع هذه الأسلحة، وأشاروا إلى ضرورة أن تعمل الحكومات على وضع حد ضد الآلات التي يمكنها الاختيار المستقل في القتل.

تشير منظمة العفو الدولية بالقول "تعمل الحكومات والشركات على وجه السرعة على تطوير أنظمة أسلحة فتاكة ذات استقلالية متزايدة مستخدمةً تكنولوجيا جديدة وذكاءً اصطناعيًا. ويمكن استخدام هذه الروبوتات القاتلة في مناطق النزاع، ومن جانب قوات الشرطة، وفي مراقبة الحدود". وتضيف: "لا يجوز السماح للآلة باتخاذ قرار حول مسائل الحياة والموت. فلنبادر بالتحرك الآن لحماية إنسانيتنا وجعل العالم مكانًا أكثر أمنًا".

وتتابع منظمة العفو الدولية الإشارة إلى أن "لا تستطيع الآلات إجراء اختيارات أخلاقية معقدة. فهي تفتقر إلى التعاطف والفهم، وتتخذ قرارات بناءً على عمليات متحيزة ومعيبة وظالمة. وغالبًا ما تخفق التكنولوجيات الناشئة في التعرف على الوجه والصوت، أو في التعرف على النساء، والأشخاص الملونين، والأشخاص ذوي الإعاقة. وهذا يعني أن الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل لا يمكن أبدًا برمجتها برمجة وافية لتحل محل صنع القرار البشري".

هذه التكنولوجيا تشكل اعتداء على كرامة الإنسان، وتنذر بتداعيات مدمرة على الإنسانية جمعاء

وترى المنظمة بأن "إحلال الآلات محل الجنود يجعل قرار خوض الحرب أكثر سهولة في المستقبل، وقد تقع هذه الأسلحة في أيدي جماعات وأفراد آخرين من خلال عمليات النقل غير القانونية وعمليات الاستيلاء في ساحات القتال". وتتابع بالقول "قد تستخدم هذه التكنولوجيات في الحفاظ على الأمن، ومراقبة الحدود، لكنها تستخدم أيضًا في تهديد حقوق الإنسان مثل الحق في الاحتجاج والحق في الحياة ومفاقمة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

سامسونج تنشئ في تكساس مصنعًا بتكلفة 17 مليار دولار لإنتاج الرقائق الإلكترونية

"فضيحة بيغاسوس: آبل الأمريكية " تقاضي شركة "أن أس أو" الإسرائيلية