02-يناير-2021

مخيم لاجئين تابع للأمم المتحدة في جزيرة ليسبوس (Getty)

الأمم المتحدة هي المنظمة الأولى في العالم المعنية بحفظ السلام ومنع نشوب الصراعات وتوفير الإغاثة الإنسانية، لكن عملها يشمل أكثر من تلك المهام. فهي تضم عشرات الكيانات المتخصصة في مجالات عديدة مثل التنمية الاقتصادية والثقافية والإنسانية، وتعنى بالبيئة، وحقوق الإنسان، وغيرها من المشاريع والاهتمامات حول العالم. استمرار فعالية هذه المهام مهدد باستمرار نتيجة الأزمة المالية التي أعلن عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قائلًا "إنها أسوأ أزمة نقدية تواجه الأمم المتحدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان". وأضاف غوتيريش أن عجز الأمم المتحدة "بلغ 230 مليون دولار أمريكي حتى أيلول/سبتمبر 2019"، وحذر من أن العجز قد يصبح 600 مليون دولار أمريكي  في حال لم تلتزم الدول الأعضاء بدفع مستحقاتها.

عرضت المقتطعات الأمريكية من تمويل برامج الأمم المتحدة حوالي 140 ألف طفل حول العالم  للجوع و 70 ألف طفل حرموا من الوصول إلى مياه الشرب الصحية

ويطلب من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن دفع نصيب أكبر من نفقات حفظ السلام، نظرًا للمسؤولية الخاصة التي تقع على عاتق هذه الدول في صون السلام والأمن الدوليين. وتأخذ هذه الصيغة بالاعتبار الثروة الاقتصادية لكل دولة والعدد السكاني والمساحة الجغرافية والمجال الحيوي للدور الذي تلعبه. وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة المساهمين في تمويل نفقات برنامج حفظ السلام التابع للأمم المتحدة بنسبة 28.47%، وتليها الصين  10.25%.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة والتلاعب التاريخي بفلسطين.. نقاشات هزلية وتغييب لأصحاب القضية

من شأن العجز المالي الذي تشهده الأمم المتحدة، في حال استمراره لوقت طويل، أن يؤدي إلى التأثير سلبًا على فعالية دور الأمم المتحدة في حل الأزمات الدولية والإقليمية التي تؤثر على سلام وأمن المجتمع الدولي والأزمات الإنسانية مثل الهجرة، المناخ، وغيرها من التحديات التي تواجه العالم.

هكذا فإن الخدمات التي تمولها الأمم المتحدة قد أصبحت عرضة للتهديد. فمن يدفع المال يضع الشروط والأجندات. وفي عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انخفضت قيمة مساهمات واشنطن، وهي الممول الأكبر للمنظمة، وجاء القرار بعد سياسة ترامب بإعادة النظر في التمويلات الخارجية. وقد أعلنت إدارة ترامب أيضًا عن تخفيض وإلغاء المساعدات للدول الأعضاء التي تصوت ضد المصالح الأمريكية في الأمم المتحدة.

مما يجب الإشارة إليه، أن حصة مساهمة واشنطن من الميزانية العامة للأمم المتحدة تبلغ 22%، فضلًا عن أن 40% من تكاليف تشغيل المنظمة تتحملها واشنطن. أي أن حجم مساهمة واشنطن في المنظمة يفوق خمس ميزانية تمويلاتها الخارجية.

وقد وجه ترامب نقدًا لهذه المساهمات المالية ودعا للانسحاب منها والتنصل من التزامات واشنطن تجاه منظمة الأمم المتحدة كونها لا تعود بالنفع على أمريكا. ففي مقترح الميزانية لعام 2018 طلب خفض أكثر من نصف التمويل الأمريكي لبرامج الأمم المتحدة وإلغاء تمويل بعضها مثل برامج تغير المناخ. وتم تخفيض مساهمة الولايات المتحدة من 28% إلى 25% من ميزانية إدارة عمليات حفظ السلام.

من أكثر منظمات الأمم المتحدة تضررًا بقرارات ترامب كانت منظمة الصحة العالمية

كما أعلنت إدارة ترامب وقف مساهمات الولايات المتحدة الأمريكية في المساعدات الإنسانية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -أونروا، بدعوى أنها وكالة فاسدة وغير فعالة ولا تساعد في حفظ السلام. جاء ذلك على الرغم من تهديد الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم للاجئين.

اقرأ/ي أيضًا: كيف مولت "الأمم المتحدة" بشار الأسد

فيما عرضت المقتطعات الأمريكية من تمويل برامج الأمم المتحدة حوالي 140 ألف طفل حول العالم  للجوع و 70 ألف طفل حرموا من الوصول إلى مياه الشرب الصحية. كما سيكون لهذه المقتطعات تداعيات كارثية على سبل عيش الأطفال والنساء حول العالم بحسب تقارير الأمم المتحدة. 

بعد تجفيف التمويلات الخارجية من قبل الولايات المتحدة للأونروا، ما هدد بتعطيل 250 وظيفة حيوية داخل المنظمة. بينت دراسة متخصصة أن تخفيض الدعم لقوات حفظ السلام سيؤدي إلى ارتفاع أعداد القتلى في المناطق الحدودية والمتنازع عليها. وسيقلص حجم الاستجابة لكل ما من شأنه أن يعزز فرص الحياة في مناطق الحروب كالعراق والصومال ونيجيريا واليمن وسوريا، وسيهدد حياة اللاجئين في لبنان والأردن والعراق وغيرها من الدول في أوروبا التي تشهد موجات من اللجوء. وسيؤدي قطع التمويل وتخفيضه إلى تقليل القدرة على إيصال المعونات الصحية واللقاحات من قبل اليونيسف لـ45% من الأطفال عالميًا.

ووسط التجاذبات السياسية بين الولايات المتحدة والصين فيما خص منظمة الصحة العالمية واستجابتها لفيروس كورونا، قال ترامب "الصين لديها سيطرة كاملة على منظمة الصحة العالمية، لهذا السبب سننهي علاقتنا مع منظمة الصحة العالمية". هذا الأمر حرم المنظمة من مبالغ تقدر بـ900 مليون دولار أمريكي. وقد تعرض ترامب للعديد من الانتقادات عبر تويتر من نواب ديمقراطيين من داخل الكونغرس جراء خطوته هذه. لكن القانون الأمريكي يعطي الحق للرئيس بالانسحاب من المعاهدات الدولية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف حصل حلفاء الأسد على 18 مليون دولار من الأمم المتحدة؟

الأمم المتحدة تطلق نداء جمع 147 مليون دولار للاجئين من إقليم تيغراي