30-يوليو-2020

وقفة تضامنية سابقة مع عمر الراضي آواخر سنة 2019 في الرباط (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

كشفت النيابة العامة المغربية عن أن اعتقال الصحفي المغربي عمر الراضي جاء على خلفية الاتهامات الموجهة إليه ارتباطًا بقضيتي التخابر مع دولة أجنبية والاغتصاب. في وقت نفى فريق الدفاع الاتهامات الموجهة للراضي، بينما قالت منظمات حقوقية إن دوافع سياسية كانت وراء اعتقال الراضي، أساسها بني على ما ورد في تقرير لمنظمة العفو الدولية يتحدث عن اختراق السلطات المغربية لهاتف الراضي الشخصي.

نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يتحدث عن شبهات حول تعرض هاتف عمر الراضي الشخصي للاختراق عبر برنامج تجسس إسرائيلي

في هذا الخصوص نقلت وسائل إعلام مغربية عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أنه "تبعًا لشكاية تقدمت بها إحدى المواطنات، وبناء على البحث الذي أنجزته مصالح الشرطة القضائية للدرك الملكي بالدار البيضاء، أحالت النيابة العامة عمر الراضي على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء من أجل التحقيق  في اشتباه ارتكابه لجنايتي هتك عرض بالعنف والاغتصاب".

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة الإلكترونية في المغرب.. ضحية جديدة لتقنين قمع الحريات

وتابع الوكيل العام حديثه مشيرًا إلى أن الإحالة تضمنت كذلك التحقيق حول "الاشتباه في تلقي المعني بالأمر (عمر الراضي)، أموالًا من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية، ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الديبلوماسي للمغرب"، وحددت محكمة الاستئناف موعد جلسة الاستنطاق الأولى في 22 أيلول/سبتمبر القادم، على أن يبقى الراضي إلى حين موعد الجلسة رهن الاعتقال الاحتياطي.

متضامنون مع عمر الراضي آواخر سنة 2019 في الرباط (Getty)

كانت السلطات المغربية قد استدعت الراضي لأول مرة عبر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية يوم 25 حزيران/يونيو الماضي، بتهمة تلقيه أموالًا مرتبطة بمخابرات أجنبية، دون أن تحدد الجهة التي تتبعها الأجهزة المتعاونة مع الراضي، وهي الاتهامات التي جدد المحامي ميلود قنديل نفي أن يكون موكله متورطًا بها، غير أنه اعتبارًا من ذلك التاريخ جرى استدعاءه لما لا يقل عن 9 مرات، والتي كان آخرها توقيفه يوم أمس الأربعاء.

وبدأ التحقيق مع الراضي في التهم المرتبطة بقضية التخابر مع دولة أجنبية، بعد أقل من ثلاثة أيام على نشر منظمة العفو الدولية تقريرًا يتحدث عن شبهات حول تعرض هاتفه الشخصي للاختراق عبر برنامج تجسس إسرائيلي، وهو ما أكده الراضي لاحقًا بأن التحقيق معه فيما يعرف بقضية التخابر كان "له علاقة مباشرة بتقرير منظمة العفو الدولية حول التجسس على هاتفه المحمول".

كان قد حكم على الراضي بالحبس لأربعة أشهر مع وقف التنفيذ في آذار/مارس الماضي، بعد إدانته من السلطات المغربية بتهمة "المس بالقضاء" بسبب تغريدة هاجمت قاضي الاستئناف لحسن الطلفي الذي أصدر في السادس من نيسان/أبريل الماضي، أحكامًا ابتدائية بالسجن تصل حتى 20 عامًا لقادة الحركة الاحتجاجية التي عرفها شمال المغرب بين 2016 –  2017 وعرفت باسم "حراك الريف".

بعد دقائق من صدور الأحكام غرّد الراضي عبر حسابه الرسمي على منصة تويتر قائلًا: "لنتذكر جميعًا قاضي الاستئناف لحسن الطلفي، جلاد إخواننا"، وتابع مضيفًا "في أنظمة عديدة، يعود الأتباع الصغار أمثاله لاحقًا للترجي، مدعين أنهم كانوا فقط (ينفذون الأوامر)"، قبل أن يختمها بالتأكيد "لن ننسى أو نغفر لهؤلاء المسؤولين بدون كرامة!".

فيما تشير تقارير صحفية إلى أن الراضي، الحائز على جائزة للصحافة الاستقصائية، واحد من الصحفيين المغاربة المتعاونين مع العديد من وسائل الإعلام المغربية والدولية، وساهم بنشر تحقيقات حول الاقتصاد الريعي، وكان له دور في كشف قضية شراء مسؤولين كبار في الحكومة المغربية مجموعة أراض بأسعار رخيصة في عام 2016، بما فيهم أعضاء من الطاقم الاستشاري للملك للملك، كما عمل على تغطية الحركات الاحتجاجية التي شهدتها أرياف المغرب.

أكدت منظمة العفو الدولية أن عمر الراضي ليس الوحيد في المغرب الذي تعرض هاتفه للقرصنة عبر تقنيات بيغاسوس التجسسية الإسرائيلية

ونشرت منظمة العفو في حزيران/يونيو الماضي تقريرًا يكشف عن استخدام السلطات المغربية لبرنامج بيغاسوس للقرصنة الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية لاختراق هاتف الراضي الشخصي، ويأتي تقرير المنظمة الدولية بعد أشهر قليلة من نشرها تقريرًا مشابهًا يوضح كيفية استخدام السلطات المغربية لبرنامج القرصنة عينه لاختراق هاتف الناشطين الحقوقيّن المعطي منجب وعبد الصادق البشتاوي.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة المكتوبة مهددة في المغرب أيضًا

بهذا الخصوص يقول تقرير المنظمة الدولية إن اختراق هاتف الراضي جاء بعد ثلاثة أيام من إعلان الشركة الإسرائيلية عن سياسة جديدة تلتزم بمعايير حقوق الإنسان، لافتةً في إعلانها إلى أنها ستعمل على التحقيق في التقارير التي تتحدث عن إساءة استخدام تقنيتها، فضلًا عن إنهاء عقود العملاء الذين يستخدمون تقنيتها بطرق غير قانونية، فيما أشارت المنظمة الدولية إلى أن هاتف الراضي تعرض للهجمات السيبرانية في الوقت الذي كان يتعرض لضغوط من السلطات المغربية.

كما أوضحت المنظمة الدولية في تقريرها المرتبط بقضية محاكمة الراضي، إلى أن هاتف الأخير قد "تعرض لعدة هجمات باستخدام أسلوب جديد ومتطور" عبر برنامج القرصنة الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن الاختراق جرى ما بين كانون الثاني/يناير 2019 – كانون الثاني/يناير 2020، وأن البرمجية المستخدمة أتاحت الوصول الكامل خلسة إلى الرسائل النصية، ورسائل البريد الإلكتروني ووسائط الإعلام والميكرفون والكاميرا والمكالمات، وجهات الاتصال.

وكانت السلطات المغربية قد اتهمت تقرير المنظمة الدولية الخاص بقضية الراضي بأنه "أحجم عن الإدلاء بالأدلة المادية التي تثبت العلاقة المزعومة للمغرب باختراق هواتف بعض الأشخاص، وهو ما يؤكد افتقاد محرري التقرير لأي دليل مادي يثبت هذه الادعاءات"، الأمر الذي دفع المنظمة للرد على هذه الاتهامات في بيان تؤكد  فيه على أن رد الرباط "بيّن مدى عدم التسامح الذي تبرزه هذه السلطات مع انتقاد سجلها في مجال حقوق الإنسان".  

 

اقرأ/ي أيضًا: 

اعتقال توفيق بوعشرين يزيد مخاوف "الانتقام" من حرية الصحافة في المغرب

الصحافة الإلكترونية المغربية..فوضى أم حرية تعبير؟