25-نوفمبر-2018

من فعالية حوارية حول منصة "حقك تعرف" (تويتر)

أطلقت الحكومة الأردنية، تحت رعاية رئيس الوزراء الحالي عمر الرزاز، يوم الخميس الماضي، منصّة إلكترونية جديدة تحت اسم "حقّك تعرف". وقالت إنها تهدف إلى "محاربة الإشاعة والأخبار المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، التي تزعم إنها وصلت إلى حدّ "التشكيك بالمنجزات الوطنية واغتيال الأشخاص وسمعتهم".

يرى نشطاء أن منصة "حقك تعرف" التي أطلقتها الحكومة الأردنية تستهدف بشكل أساسي حق المواطنين في التعبير

وسيدير عمل منصة "حقك تعرف"، حسب البيانات الإعلامية التي رافقت إطلاقها، فريق من "المتخصصين" في رصد الإشاعات والرد عليها وتحريرها، عبر التعاون مع الناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات المختلفة في الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: "عاصفة" إلكترونية في الأردن احتجاجًا على قانون جرائم الإنترنت

وأثار الإعلان عن منصة "حقك تعرف" وما ورد في البيان التعريفي بها، انتقادات واسعة في الشارع الأردني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بدا جليًا أن منصة "حقك تعرف" والحملة الواسعة والمكثفة التي رافقتها في وسائل الإعلام المحلية، وفي شوارع مختلف المدن الأردنية، تستهدف حقّ المواطنين في التعبير بشكل أساسي، وتشكّل تهديدًا مباشرًا للفكرة التي تدعي المنصة تمثيلها في عبارة "حقّك تعرف"، وذلك عبر تكرار عبارات باتت لوازم في الخطاب الحكومي مؤخرًا، مثل "نشر الشائعات"، و"التشكيك في المنجزات الوطنية"، و"اغتيال الشخصية"، وغيرها،  فضلًا عن استخدام الحملة شعارات كانت في نظر متابعين أشبه بالتهديد منها إلى التوعية.

ويرى نشطاء على السوشال ميديا، أنّ الحكومة تريد أن يكون هنالك "وجه واحد" للحقيقة والمعلومة الصحيحة، عبر هذه المنصّة، بحيث يكون كل ما يخالف النسخة الرسمية من المعلومات معرضًا للملاحقة القانونية، ولاسيما عبر قانون الجرائم الإلكترونية الجديد الذي من المتوقع تمريره في مجلس النواب قريبًا.

ودُشن على تويترهاشتاغ "#حقك_تعرف"، والذي لاقى تفاعلًا كثيفًا عقب الإعلان عن إطلاق المنصّة، لتذكير الحكومة الأردنية بمسؤوليتها في إطلاع المواطنين على مصير عديد قضايا الفساد التي يطالب الأردنيون بالكشف عن المتورطين فيها وملاحقتهم. 

 

 

#حقك_تعرف ما نريد لك معرفته!

ذكرت الحكومة الأردنية عبر الحساب الرسمي لرئاسة الوزراء على تويتر، أن الهدف من منصة "حقك تعرف" هو "رصد الإشاعة والردّ عليها"، الأمر الذي رآه الأردنيون تعبيرًا جليًا عن الدور الرقابي السلبي والتلقيني الذي ستؤديه المنصة في الفترة المقبلة، لاسيما في حال إقرار تعديل قانون الجرائم الإلكترونية.

وجاء الردّ على تغريدة رئاسة الوزراء من مستخدمي تويتر، بأنه قد كان الأولى بالمنصّة أن تتولى دورًا في نشر الحقائق والكشف عمّا يريد المواطنون معرفته بشأن قضايا الفساد وارتفاع المديونية ونسب البطالة، لسد الباب على الشائعات والمعلومات المتضاربة، بدلًا مما وصف بأنه استخفاف بعقول المواطنين وتحذيرهم من المشاركة في الحوارات العامّة وتخويفهم من مغبّة ذلك. 

 

 

وكانت أبرز الانتقادات التي وجهها ناشطو تويتر لرئيس الوزراء عمر الرزاز ومنصة "حقك تعرف" التي رعى إطلاقها شخصيًا، تتعلق بعدم جدّية الحكومة في تقديم الحقائق للمواطنين، وأن المنصّة والجهات الرسميّة المعنية، تصرّ على التهرب من تقديم الإجابات عن الأسئلة الحقيقية التي يهم الأردنيين معرفتها، والتي تتعلق بشكل خاص بالفساد والحريات العامة وهدر المال العام وارتفاع نسب البطالة وغيرها من الأسئلة الصعبة التي تهربت الحكومات الأردنية المتعاقبة من الإجابة عليها.

 

 

في حين قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، والناطق الرسمي باسم الحكومة، جمانة غنيمات، إن المنصّة تهدف إلى "رصد الإشاعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة والردّ عليها"، وأن دورها "لا يتمثل في الرد على الأسئلة والاستفسارات"، وهو ما يؤكّد أن دور المنصّة سينحصر في توفير "ما يلزم" من المعلومات التي تلائم الحكومة ويساعدها، حسب البيان التعريفي بالمنصّة، على "أداء مهامّها".

وعلقت الناشطة الأردنية ريم المصري، بتغريدة على تويتر قال فيها، إن مثل هذه الخطوات والتصريحات "تدلّ على أن الحكومة الأردنية ما تزال مصرة على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي كما تتعامل مع الصحيفة الرسميّة، وأنها تبذل ما بوسعها من أجل السيطرة على ما ينشره الناس ويتداولونه، دون أداء الدور المنوط بها في توفير المعلومات للمواطنين بشفافية ووضوح".

"تسونامي" معلومات مضلّلة

ويظهر في النص التعريفي بمنصة "حقك تعرف" على موقعها الإلكتروني، مقدار التوجس الذي يحكم نظرة الدولة إزاء المواطنين، ولاسيما الناشطين منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يبدو في نظر البعض أن إطلاق المنصّة المتزامن مع اقتراب إقرار القانون المعدّل لقانون الجرائم الإلكترونية يشكّل خطوة استباقية لإحباط أية دعوات لحراك شعبي جديد ضدّ سياسات الحكومة الحاليّة، بعد إقرار قانون ضريبة الدخل المثير للجدل والذي تسبب في إسقاط الحكومة السابقة. 

فمنصّة "حقك تعرف" تهدف إلى "تقديم المعلومة الدقيقة، بشفافية ودقة وسرعة، بما يمنع انتقال الإشاعات، وينشئ ثقافة التحقق من المعلومة"، وهي مفارقة أثارت موجة من السخرية لدى مستخدمي السوشال ميديا، والذين راحوا يذكّرون الحكومة بدورها هي في بناء ثقافة تيسير الوصول للمعلومات وإتاحتها للمواطنين عبر تعديل القوانين ذات الصلة، والتي يطالب ناشطو المجتمع المدني في الأردن بتعديلها منذ سنوات عديدة، ليكون ذلك شرطًا مبدئيًا لاستعادة الثقة بين الحكومة والشارع، والتعامل بجدّية مع هذه المبادرات. 

وكان واضحًا مقدار التخوف الرسميّ من المنخرطين في الإعلام والإعلام الاجتماعي بوجه خاص، وذلك حين أكدت المنصة الحكومية عبر موقعها الإلكتروني على أنها ستكون جزءًا من "حملة إعلامية شاملة" تهدف إلى "مواجهة تسونامي المعلومات المضلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل ما يتم نشره من أخبار كاذبة وملفقة أو إشاعات". 

تستخدم الحكومة الأردنية عبر منصة "حقك تعرف" لهجة وصاية أبوية، وترغب في سيطرة أوسع على السوشيال ميديا

وقد لجأت الحكومة الأردنية عبر المنصة إلى استخدام لهجة وصاية أبوية على مستخدمي السوشال ميديا، تحدوها رغبةٍ في امتلاك سيطرة أوسع على المجال الرقميّ، إذ يشير تعريف منصة "حقك تعرف" إلى أنها "ستكون مركزًا للسيطرة على الإشاعة" و"عيادة لتشخيص المعلومة والتدقيق فيها والتحقق من صحتها ومعرفة مصدرها"، الأمر الذي رآه كثيرون مخططًا حكوميًا جديدًا للتضييق على الحريات وتكميم الأفواه، ستكتمل أركانه مع اقتراب موعد إقرار تعديل قانون الجرائم الإلكترونية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصورة الكاملة لاحتجاجات الأردن.. تعددت الأسباب والشعب واحد

موسم الشتاء في الأردن.. تداعٍ حر لمؤسسات الدولة