21-يناير-2018

منصورة عز الدين

استعدادًا لمعرض القاهرة الدوليّ للكتاب للعام 2018، وفي ظلّ انطلاقها حديثًا على فضاء النشر العربيّ تحت مظلّة "دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع" أصدرت "دار سرد" برفقة عدوان، مجموعةً قصصيّةً جديدة للكاتبة المصريّة منصورة عز الدِّين (1976) تحت عنوان "مأوى الغياب"، لِتُضاف إلى مجموعتين سابقتين وأربع روايات صدرت للكاتبة، والتي استهلّت مجموعتها بإهدائها إلى ربّ الكلمة المكتوبة في الحضارات المصريّة القديمة "تحتوت".

"مأوى الغياب" لمنصورة عز الدين قصص متصلة منفصلة تدور جميعها في أجواء غرائبيّة وغير واقعيّة

تضمُّ المجموعة ستّ عشرة قصّة قصيرة تحت عناوين مختلفة، لكنّها في الوقت ذاته تبدو قصصًا مترابطةً، وكلّ قصّة تأتي تكملةً، من ناحيةٍ ما، لسابِقتها، فضلًا عن أنّها تدور، جميعها، في ظلّ أجواء غرائبيّة وغير واقعيّة، بيد أنّها، وبحسب حديث منصورة عز الدِّين لـ "ألترا صوت"، قصص غرائبيّة مُستمدّة من الواقع اليوميّ المُعاش، الذي تتّضح صلتها به أكثر كلّما اقترب القارئ من نهاية المجموعة، إذ إنّ القصص الأخيرة تعمل على كشف وتبيين الترابط بين القصص، والذي حرصت منصورة عز الدِّين على إخفائه عمدًا، وبالتالي تكون قصص المجموعة الستّة عشر محاولةً جادّة من الكاتبة في قراءة الخراب المحيط بطريقة مواربة تنقل القارئ من واقعٍ إلى آخر، محدثةً نوعًا من الدهشة في نهاية المجموعة.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "المُحجّبة" لجهاد بزّي.. حياة لا تحدث

وتضيف منصورة عز الدين: "بدأت في كتابة قصص المجموعة على مراحل في عام 2013، قبل أن أعود للعمل عليها كلّها بعد انتهائي من كتابة رواية أخيلة الظلّ، محاولةً بذلك تعميق الصلات بينها وإضفاء درجة أعلى من التناغم بين القصص بحيث يكمل بعضها بعضًا".

[[{"fid":"98090","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"منصورة عز الدين","field_file_image_title_text[und][0][value]":"منصورة عز الدين"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"منصورة عز الدين","field_file_image_title_text[und][0][value]":"منصورة عز الدين"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"منصورة عز الدين","title":"منصورة عز الدين","height":305,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

منصورة عز الدِّين كاتبة وصحافيّة مصرية من مواليد (1976)، صدر لها في الرواية: "متاهة مريم" و"وراء الفردوس" و "جبل الزمرد" و"أخيلة الظل". وفي القصّة: "ضوء مهتز" و"نحو الجنون". تُرجمت أعمالها إلى عدّة لغات عالميّة من بينها الإنجليزيّة والفرنسيّة والألمانيّة والإيطاليّة.


مقطع من قصّة "من خشب وهلاوس"

"أفكر في ارتطاماتها وانفجاراتها وقرقعاتها، فأصل إلى أن الحرب مؤامرة على الصمت. هدفها الأساسي قتله وملء الفراغات بأكبر قدر ممكن من الضجيج، كأنها مصابة بفوبيا الصمت ولا قدرة لها على تحمله.

ربما لهذا صرت أنحاز له وأغرق نفسي فيه. أستعيض عن النطق بالتدوين. أردت من الكتابة أن تكون تغييبًا للصوت، فإذا بها تضمر الكلام في ثناياها. أصمت حتى أكاد أنسى وقع صوتي وتنحذف نبراته من ذاكرتي. أخط آلاف الكلمات في اليوم بلغة اخترعتها بنفسي، وحروف شكلتها على هواي. وحدي أتقن سبر غورها. أفكر في حفرها على الحجر، أو وشمها على جسدي، ثم أكتفي بتدوينها على أوراق أصنعها من لحاء الأشجار، أي من أناي البعيدة المتوارية عن عينَيّ، لكن المُشكِّلة لجوهري.

يومض في ذهني خاطر أن قارئًا محتملًا لن يسعه قراءة ما أدونه، وربما حتى لن يتمكن من إدراك أنه ينتمي للغة ما وليس شخبطات عشوائية وليدة عقل مرتبك. على عكس المتوقع يريحني هذا الاحتمال. ينعشني ويثلج صدري. ثم أقرر ألّا أترك الأمر في حيز الاحتمال، وأعمد إلى تدمير مدوناتي بنفسي أولًا بأول. لهذا أفضل هشاشة الورق ولحظيته على صلابة الحجر.

ما أكتبه يخيفني لأنه يُثَبِّت كل ما رأيت من أهوال. يحييه ويكرره بلا نهاية فلا يمَّحِي من ذاكرتي. قد يكون ما يروعني أني حين أكتب ما شهدت عليه أستشعر جمالًا خفيًا كامنًا فيه. تخونني اللغة، تسحبني إلى جمالياتها. أقرأ فأجد الخرائب جذابة، والموت اليومي مصاغًا بدقة بارعة تنقيه وتعزل الوجع بعيدًا، تطرده من المشهد ولو مؤقتًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

إلياس فركوح.. في بئر الأرشيف

أزهر جرجيس: ماذا يريد الغريب؟