18-يناير-2016

شرطي تركي (Getty)

أعلنت السلطات التركية الأحد الماضي، إلقاء القبض على أربعين شخصًا بينهم خمسة عشر مصريًا وروسيًا بالإضافة إلى سبعة أتراك، في ولايتي أضنة وإلزاغ التركيتين بتهمة الشروع في الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حسب وكالة الأناضول الرسمية.

وزارة الخارجية المصرية كشفت أن محكمة تركية اتخذت قرارًا بإخلاء سبيل اثني عشر مصريًا، مع إحالتهم لمكتب الهجرة للبدء في إجراءات ترحيلهم إلى مصر

ومن المعروف لدى كثير من المتابعين، أن ولاية أضنة، هي إحدى محطات التهريب في تركيا، سواءً إلى الداخل السوري، أو إلى إزمير التي ينطلق منها المهاجرون غير الشرعيين إلى أوروبا، كما أن أضنة، تحتوي على كثير مما يُصطلح عليه بـ "البيوت الآمنة"، وهي البيوت التي يستخدمها المهربون ووسطاء التنظيمات الجهادية لتجهيز الأشخاص، لبدء رحلات تهريبهم، مع اختلاف الوجهة، التي يريدونها.

وزارة الخارجية المصرية كشفت الثلاثاء، أن محكمة تركية اتخذت قرارًا بإخلاء سبيل اثني عشر مصريًا، مع إحالتهم لمكتب الأجانب والهجرة للبدء في إجراءات ترحيلهم إلى مصر. وبحسب مصدرٍ خاص، فإن من بين المجموعة المقبوض عليها، أسرةٌ كاملة، بها ثلاثة أطفال، كانوا يتجهّزون للدخول إلى مناطق تنظيم الدولة الإسلامية، عبر مهربين أتراك.

المصدر ذاته (رفض ذكر هويته) أكّد أن السلطات التركية، اعتقلت مصريين كُثُر حاولوا الدخول إلى سوريا عبر الحدود، لكنها بعد التحقيق معهم، يُخلى سبيلهم، ويجري ترحيلهم إلى دول يحملون فيها تصاريح إقامةٍ سارية، أو دول يحق لهم دخولها بدون تأشيرة، ويكون سبب الترحيل، مخالفة جنائية، وليست سياسية.

وهو الأمر الذي اعتبره كثيرون تطورًا في التنسيق الأمني بين السلطات التركية، ونظام عبد الفتاح السيسي، رغم توتر العلاقات السياسية المُعلن بينهما منذ انقلاب يوليو 2013 ومجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.

المرة الأولى؟

أشهر سابقات تسليم مواطنين (مسلمين-عرب) إلى البلاد التي يحملون جنسيتها، كانت العام الماضي، والتي حدثت مع إيمان كنجو، الحاصلة على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة الأزهر بالقاهرة، وهي فلسطينية تحمل جواز سفر إسرائيلي.

نهاية أغسطس العام الماضي، نشرت وسائل إعلامٍ عربية أن الشرطة التركية، سلّمت كنجو إلى الكيان الصهيوني بعد إلقاء القبض عليها على الحدود التركية-السورية، أثناء محاولتها التسلل إلى سوريا والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.

وسائل إعلامٍ أخرى، قالت إن تركيا لم تسلم كنجو إلى الكيان المحتل، وما حدث هو أن مجموعة فتيات ونساء من أصولٍ أسترالية، أفغانية، تركمانية، شيشانية، حاولن عبور الحدود إلى سوريا كان من بينهن السيدة إيمان، ومن ثمَّ قامت السلطات بترحيل الفتيات إلى بلادهن.

وبمجرد وصول السيدة إيمان إلى مطار بن غوريون في الثامن والعشرين من أغسطس، عائدة إلى أهلها، قامت الشرطة الإسرائيلية وبمساعدة جهاز "الشاباك" بالقبض عليها وتوجيه تهم التخابر مع عميل أجنبي، ومحاولة الخروج لدولة عربية بطريقة غير شرعية.

تركيا ومصر التوتر مستمر

الكاتب الصحفي والباحث التركي، محمد زاهد جول، قال في تصريحاتٍ خاصة لـ"ألترا صوت" أن عمليات التسلل والتهريب بشكل عام تُعتبر جريمة جنائية طبقًا للقانون التركي، كذلك وبحسب جول، فإن الانضمام أو الشروع في الانضمام إلى تنظيمات إرهابية يُعتبر جريمة أيضًا. ومن يتم إلقاء القبض عليهم بأي من هذه التهم، يجري محاكمته طبقًا للقانون التركي، ويتم توقيع العقوبة الجنائية عليه إن ثبتت عليه التُهمة.

بعض الذين يجري محاكمتهم في مثل هذه التهم، وإن ثبُت عدم إدانتهم، يتم ترحيلهم من تركيا، باعتبارهم يمثلون خطرًا على المجتمع التركي، وهناك احتمالية من اختراقهم للقانون، فتقوم السلطات بترحيلهم كإجراء احترازي، ويتم تحويل أوراقهم لمكتب الأجانب والهجرة للبدء في إجراءات ترحيلهم.

إجراءات الترحيل هذه يتم تخيير الشخص فيها، عن الدولة التي يرغب في الترحيل إليها، سواءً دولته، أو دولةً أخرى يحمل جنسيتها أو إقامة فيها أو حتى تأشيرة دخولها، أو دولة يُسمح له دخولها دون تأشيرة، إلا إذا كان لدى المُرحّل مشكلة جنائية مع دولته، وهنا ينبغي على الجانب الآخر مخاطبة تركيا بذلك.

ما يتوقعه "جول" مع المجموعة المصرية، أن يجري تخييرهم كما العادة، وكما حدث في حوادث أخرى، مع أشخاص قاموا باختراق للقانون التركي بشكل عام، أو تسللوا إلى حدود دولةٍ أخرى.

وعن العلاقات التركية المصرية، قال "جول"، إن مصر وتركيا مازالت بينهما علاقات دبلوماسية كاملة، فالسفارة المصرية في أنقرة (العاصمة) مازالت تعمل بكامل قوتها دون أي تأثيرات، وكذلك القنصلية في إسطنبول، وفي مصر أيضًا تعمل السفارة التركية في القاهرة، والقنصلية في الإسكندرية، دون أي توقيف، لكنّ التوتر السياسي بين البلدين، لن ينتهي قريبًا، لأن رأي تركيا مُعتبر فيما يحدث في مصر.

الإرهاب الأسود

الإعلان عن القبض على عناصر تسعى للانضمام لداعش، تبعه بيومين، انفجار هزّ منطقة سلطان أحمد السياحية باسطنبول، خلّف الانفجار عشرة قتلى وعددًا من المصابين، الأصابع أشارت أغلبها في البداية إلى (داعش)، ليُعلن الرئيس التركي في كلمة عقب التفجير، أن الانتحاري الذي فجّر نفسه من أصلٍ سوري.

مسؤولان تركيّان قالا إن نبيل فضلي، السوري المولود في السعودية، والمتهم بتنفيذ التفجير، كان يعتزم شنَّ هجوم كبير في احتفالات رأس السنة في أنقرة ولكنه عدل عن رأيه بعد إحباط مخططه.

وقاتل فضلي المولود في السعودية عام 1988 -حيث كان والده يعمل مدرسًا- في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا. المسؤولان صرحا لرويترز أن الفضلي كان قد أسر في وقت من الأوقات وجرى تعذيبه ربما على يد ميليشيا كردية سورية. مصدر خاص، استبعد قيام داعش بهذه العملية، فليس من مصلحتهم تأليب على الأتراك عليهم، وأنه ليس من بين استراتيجيات التنظيم، قطع كُل العلاقات مع كُل الأطراف. المصدر نفسه، أرجح أن تكون المخابرات الروسية أو السورية، هي وراء ذلك التفجير على سبيل الانتقام، وإن كان داعش، فهذا يعني أن الحدث قد ذهب إلى منحى آخر، كان لا يريده التنظيم.

اقرأ/ي أيضًا:

مصر الانقلاب..كوكتيل المنع والفقد

مصر..ستنتصر الحياة للمشاغب